نفس الابتسامات .. نفس النوايا
بعد طغيان وعنجهية واجرام لأكثر من عام ونصف ، جاءت أمريكا وبريطانيا ومعهما دلال الامم المتحدة ليدعوا إلى وقف النار بشكل فوري في اليمن وإيقاف ما أسمياه ( الأعمال العدائية ) والذهاب نحو حل سياسي وفقا لخطة يحملها إسماعيل ولد الشيخ الذي في كل مرة يظهر إنه لا يحمل شيئا ولا يمتلك من امره شيئا .
يحسبون اننا بعد كل هذه الجراح وكل هذا الصبر وكل تلك التضحيات سوف نركع ونقول جاء الفرج .. جاء الفرج ، أي فرج هذا الذي سيأتي ممن يقود كل هذا الصلف وكل هذه الوحشية في القتل بالطائرات أو القتل البطيء بالحصار ، يحسبون إننا ضحينا وصبرنا وصمدنا عبثا أو ترفا أو غواية أو لعب عيال مثلا ، لم يفهموا ولا يبدو انهم سيفهمون اننا ضحينا لأجل نتحرر منهم ومن وصايتهم ومن مشاريعهم الهدامة التي انهكت اليمن وتريد انهاكه أكثر وأكثر إلى أن تدمر كل شيء فيه .
يحسبون إننا قد وصلنا الى مرحلة الايمان واليقين بانه لا غالب لهم و لا قدرة لاحد على الصمود أكثر بوجه إجرامهم وأنهم صاروا قاب قوسين أو أدنى من قطف ثمار تلك الجرائم والمجازر وذلك التجويع والتدمير الممنهج للحياة ومقدراتها ، لا يعلمون أننا نمتلك من الايمان فوق ما يتصورون بانهم اضعف من بيت العنكبوت وأنهم باتوا قاب قوسين أو أدنى من الانهيار والتفكك أمام بسالة أبطالنا وصمود شعبنا الجبار ، وهي قوة تستمد من إيماننا بالله عونا و ناصرا ، وتحركنا ينطلق من ثقتنا بأن الله لا يخلف وعده لمن تحرك في سبيله .
انما تريد امريكا و بريطانيا من كل هذه الدعوات التي لم تعد تنطلي علينا ، أن تنقذ ما تبقى من قوة لدى أذرعتها ( السعودية وادواتها وحلفها ) الموشكة على الانهيار عسكريا واقتصاديا ، ومن جهة أخرى تريد ان تطفيء نارا تتقد و يكبر لهيبها كل يوم في قلوب اليمنيين الشرفاء وقبائل اليمن الغيورين بعد مجزرة الصالة الكبرى ، كانت امريكا تعي أن دعوة السيد القائد لقبائل خولان وسنحان للثأر سوف تلاقي صدى وسوف يواجه عملاؤها غضب تلك النار ، ولهذا طلبت التهدئة قبل أن تخرج قبائل اليمن الى جوار خولان الطيال وسنحان اللتين احتشدتا وتعهدتا بالثأر والغضب ورفضتا أي حديث عن وقف النار قبل الرد على العيب الأسود الذي اقترفته السعودية و أذنابها برعاية امريكية .
اعتراف السعودية بارتكاب المجزرة هو اعتراف بارتكاب المجازر الأخرى ، وهو تحد صارخ للأمم المتحدة وللعقوبات الجنائية المفترض أن تواجهها ، لكنها تتكل على دفاع امريكي وبريطاني، وهو ما يجعلنا نقرأ دعوات امريكا وبريطانيا لوقف النار ليس الا من باب الخوف على السعودية وحمايتها من السقوط والانهيار حرصا عليها وليس تخليا عنها .
سوف يكتب التاريخ في متون الصفحات ملاحم اليمن واليمنيين هذه الأيام ، وبالمقابل سيكتب في اوسخ صفحاته أسوأ عبارات الخزي والعار والذل والمهانة لصقت على جبين أباطرة العالم وامبراطورياته ومؤسساته الأممية الذين وقفوا كلهم صفا واحدا في معركة ظالمة وجائرة أمام أكرم وأنقى وأطهر وأشجع شعب في العالم ، ومن لم يقف في هذا الصف صمت وتواطأ وداهن ، وهو موقف لا يقل خزيا عن موقف القتلة والمجرمين الجبناء الذين يتساقطون في الميدان وينتقمون من الأطفال والنساء والتجمعات الاجتماعية والاسواق والطرقات والمنازل والمصالح العامة والخاصة .
وبالمختصر المفيد .. لو كانت أمريكا وبريطانيا و الامم المتحدة حريصين على الشعب اليمني وعلى إنهاء الوضع الإنساني كما يقولون لكانوا بكل بساطة اعلنوا وقف النار من طرفهم و رفع الحصار والاعتراف بانهم ظلموا هذا الشعب الابي الصابر ، وبدون اي حديث عن تدخل في شؤونه الداخلية .
أما تكرار نفس الطرح وإظهار نفس الابتسامات الصفراء و إضمار نفس النوايا السوداء ، فهذا لم يعد ينطلي على الشعب اليمني و لا ينبغي أن يجر الأطراف الوطنية إلى نفس المأزق ونفس الأخطاء ونفس النتائج التي تمكن السعودية وأدواتها أن تأخذ استراحة محارب وتستعيد قواها و تسترد ما خسرته ، لتعاود الكرة من جديد ، فلتكن معركة مستمرة حتى يقضي الله حكمه وننتصر ، وأنا واثق بأننا سننتصر شاءوا أم أبوا سننتصر .
بقلم/ علي أحمد جاحز