الحشد الشعبي .. بندقية عراقية مصوبة نحو المخطط الأمريكي
رغم الدور الوطني الفاعل والمؤثر الذي قامت به قوات الحشد الشعبي في تطهير ارض العراق من عصابات “داعش”، وسقوط عشرات الالاف من الشهداء بين صفوفها، الا ان الالة الاعلامية للدول والجهات المعادية لتطلعات الشعب العراقي، مازالت تشن حربا نفسية على هذه القوات، خاصة مع بدء معركة تحرير الموصل من “الدواعش”.
في كل معركة من معارك التحرير التي شاركت فيها قوات الحشد الشعبي، كانت الأوركسترا المؤلفة من الفضائيات الخليجية والبعثية وايتام صدام، بقيادة المايسترو الامريكي، تتباكى على “السنة” و”الانتهاكات” التي يتعرضون لها على يد الحشد الشعبي، بينما الوقائع على الأرض لم تؤيد ولا مرة واحدة هذه الاسطوانة الامريكية المشروخة، فمنذ اليوم الاول الذي تأسس فيه الحشد الشعبي توقف تقدم “داعش” في العراق، واليوم وبعد ان اشتد عود هذه القوات، يتم طرد “الدواعش” من كل الأراضي التي احتلوها، وهي للأسف الشديد مناطق “سنية”، وتم لحد الان اعادة اكثر من 80 بالمائة من اهاليها “السنة” اليها معززين مكرمين، وما تبقى من المناطق المحررة يتم تطهيرها من الألغام والعبوات الناسفة والمفخخات، من قبل العناصر الفنية من الحشد الشعبي، لتكون امانة لعودة اهاليها اليها.
اليوم ومع بداية معركة الموصل ارتفع صوت اوركسترا “الخائفين على اهل السنة” في الموصل، اكثر بكثير من المرات السابقة، للاعتراض على مشاركة الحشد الشعبي في تحرير الموصل، وهذا المرة كانت الاوركسترا اكثر تنظيما وانضباطا، وهو ما شكل ضغطا على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ودفعه الى حصر دور الحشد الشعبي بإسناد الجيش العراقي المتقدم نحو الموصل، وهو ما اثار حالة من النشوة لدى السعودية وتركيا وقطر وايتام صدام.
التبرير السطحي للحرب النفسية التي شنتها امريكا ومحورها الممتد من السعودية والاردن الى تركيا واتباع هذا المحور داخل العراق، على الحشد الشعبي، هو الخوف على “السنة” في الموصل، او على الأقل الخوف من وقوع “حرب طائفية”، وهو تبرير يكشف اكثر مما يخفي المخاطر التي تتهدد العراق ووحدته الجغرافية والديمغرافية، وراء كل هذه الضجة المفتعلة.
إبعاد الحشد الشعبي عن مسرح المعارك في الموصل، يستهدف بالأساس إبعاد العنصر الذي يمكن ان يُفسد المخطط الامريكي المُعد لمرحلة ما بعد تحرير الموصل، فهذا العنصر هو الذي أفسد على الامريكيين والبعثيين من قبل، مخططهم في اخراج “الدواعش” من الفلوجة، عندما تم رصد الرتل “الداعشي” المؤلف من مئات السيارات وهو يتجه في عمق الصحراء نحو الحدود السورية، حيث تم ابلاغ القوة الجوية العراقية، التي ارسلت طائراتها لقصف الرتل الذي عرف حينها برتل “افعى داعش”، وهو ما اثار حفيظة الامريكيين انذاك، عندما اعترضوا على قصف الرتل، بذريعة انه كان يضم عوائل “الدواعش”.
انطلاقا مما تقدم فان الإصرار على إبعاد الحشد الشعبي عن الموصل، يؤكد على ان الامريكي يسعى الى إخراج “الدواعش” الاجانب، من السعوديين والخليجيين والافغان والشيشان والايغوريين وو.. بشكل آمن من الموصل ونقلهم الى سوريا، خاصة ان لا وجود للجيش السوري على الجانب الاخر من الحدود، فمناطق دير الزور والبوكمال والقائم على الجانب السوري كلها تحت سيطرة “داعش” الى الحسكة حيث تتواجد فيها هناك وحدات حماية الشعب الكردية.
“الدواعش العراقيون” من البعثيين الصداميين وفدائيي صدام والقوات الخاصة للمقبور صدام والحرس الجمهوري الصدامي ومن انضم اليهم من جماعة ثورة العشرين التابعه للمجرم حارث الضاري ورجال الطريقة النقشبندية التابعة للمجرم عزة الدوري وكذلك الحرس الوطني او حرس نينوى الذي يقوده محافظ نينوى السابق اثيل النجيفي، والذي تم تدريبه من قبل تركيا، كل هؤلاء سيبقون في الموصل، ولكن بعد حلق لحاهم واستبدال ملابسهم الافغانية، وسيظهرون بعدها في شوارع الموصل، كمحررين.
المخطط الامريكي يمهد لقيام اقليم “سني” في غرب العراق عاصمته الموصل، ويكون تحت ادارة “الدواعش البعثيين حليقي اللحية”، وسيكون امتدادا للوضع القائم على الجانب الاخر من الحدود وخاصة في الرقة، فكلا المجموعتين اللتين تديران الموصل والرقة، تعملان على استنزاف العراق وسوريا وتقسيمهما، وبالتالي استنزاف محور المقاومة برمته، كما انه ليس ببعيد ان يتحول الاقليم “السني ” العراقي، الى اقليم “سني” عراقي سوري، فامريكا مازالت تحاول من خلال استخدام ورقة “البعثيين الدواعش” لتصفية حساباتها مع محور المقاومة.
هذا المخطط الامريكي هو الذي حذر منه الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في خطابه ليلة عاشورا، عندما كشف عن وجود مثل هذا المخطط الرامي الى اخراج “الدواعش” من العراق وتكديسهم في شرق سوريا.
امريكا تعتقد ان بالامكان تنفيذ مخططها في العراق بمجرد إبعاد الحشد الشعبي عن الموصل، ومن خلال استخدام ايتام صدام “المتدعشنين”، ولكن هذا ما تتمناه امريكا، وليس كل ما تتمناه امريكا تدركه، فهل حققت امريكا ما تصبو اليه في اليمن او سوريا او لبنان، وحتى في العراق، رغم مرور سنوات على مخططاتها ضد شعوب هذا الدول؟، ان شعوب اليوم ليست كشعوب الامس، عندما كان زعماء بريطانيا وفرنسا يجلسون ويقسمون منطقتنا على الاوراق، فيتحول هذا التقسيم في اليوم التالي الى واقع، فاليوم هناك حالة رفض واعية وقاطعة من قبل شعوب المنطقة، وخاصة الشعب العراق، للمخطط الامريكي التقسيمي، الذي لن يرى النور في العراق مع وجود قوات الحشد الشعبي، البندقة العراقية المصوبة نحو المخطط الامريكي.