العدوان الإعلامي وكتائب الدعاية السوداء
بقلم / عبدالملك العجري
حرب الإشاعة والتشويه المنظم والدعاية السوداء والرمادية شكل من أشكال العدوان ونشاط تخريبي اجتماعي وسياسي و سيكولوجي نفسي ويعد جريمة يعاقب عليها القانون رغم أن حرية الإعلام حق مكفول لكن في ذات الوقت حرية الإعلام ليست صكا على بياض بدون أي ضوابط خاصة في أوقات الأزمات أو تعرض الدولة لعدوان يهدد كيانها فإنها عادة تلجأ لفرض قيود مؤقتة على حرية الإعلام كجزء من استراتيجيتها الأمنية ,أمريكا التي تعتبر النموذج الرائد في مجال الحريات بعد هجمات سبتمبر فرضت قيودا اعتبرها فقهاء القانون حينها انتهاكا ليس لحرية الإعلام بل للحريات الشخصية ومن ذلك وضع أجهزة تنصت في الأماكن العامة والاتصالات . وعلى كل ليس المهم هنا البعد القانوني خاصة وأنها مع انتشار شبكة المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي فقدت جزاء كبيرا من أهميتها و الأكثر فعالية منها تطوير استراتيجية إعلامية فعالة لمواجهة الحرب النفسية والدعاية الأعلامية بكل أشكالها البيضاء والرمادية والسوداء والأخيرتان أخطرها لأنها تتغلف بأغلفة إنسانية أو وطنية . وباستطلاع نماذج من الحرب الإعلامية الموازية للعدوان العسكري والاقتصادي و الموجهة ضد الجبهة الوطنية أنها تعتمد على عدد من الاستراتيجيات وكتائب اعلامية من أصحاب الأقلام الصفراء بغية تحقيق عدد من الأهداف منها : أولا: تطبيع الهزيمة وتطويع الوعي العام للتقبل بالهيمنة السعودية والتكيف كقدر لا يمكن الخلاص منه على سبيل المثال تجد فريقا يتقبل بأن السياسة السعودية سلبية تجاه اليمن وتعمل على بقائه ضعيفا لكن ليس لإدانة الوصاية السعودية بل كمقدمة لإدانة أي تحرك شعبي أو سياسي للانعتاق منها والتشنيع على القوى الوطنية والثورية وخاصة ثورة 21 سبتمبر بحجة أنها أدخلتنا في معركة غير متكافئة واوقعتنا في ورطة منحت النظام السعودي المبرر لتدمير اليمن وتأليب العالم علينا ..ونحوها من التبريرات المغلفة للعدوان أي أن المطلوب الاستمرار في سياسة المطاوعة والإذعان للإرادة السامية لملوك وأمراء النفط وينسى أنما حدث في اليمن مهما كان الموقف منها يظل شأنا داخليا لا يرقى أن يكون مبررا لأي تدخل خارجي ولأي عدوان بهذا الحجم ,وغير ذلك فإن الوضع الثوري الذي تعيشه اليمن والمنطقة والتحولات الاقليمية والدولية العاصفة أنسب فرصة لإخراج اليمن من كونه فناء خلفيا للرياض إلى دولة مستقلة وسيدة قرارها. ثانيا :مجهرة بعض الأخطاء والتصرفات الفردية وتضخيمها وبث الشائعات واختلاق الوقائع ومسرحتها لصرف الأنظار عن ممارسات العدوان وتوجيهها نحو القوى الوطنية وتحميلها مسؤولية الأوضاع المأساوية التي خلفها العدوان وتصرف النظر عن الحصار الاقتصادي الخانق لإعاقة الاحتياجات الاساسية للشعب ومنع وصول الغذاء والدواء واستهداف المصانع والمحلات والمخازن التجارية ومقرات الشركات والمؤسسات والمنشآت الاقتصادية ,والأسواق والتجمعات والتلاعب بأسواق الصرف وتهريب العملة وأخيرا العمل على نقل البنك ..الخ يصرف النظر عن كل هذا ويحمل كامل المسؤولية لفساد المشرف الفلاني أو المسؤول الفلاني ورغم علمهم أن الوضع الاقتصادي الذي خلفه العدوان جفف المداخل التقليدية للفساد بنسبة 90%. ثالثا :محاولة إحداث شروخ في الصف الوطني واستدعاء الأفكار الفاشية و التاريخية وتصنيف القوى السياسية على أساسها وافتعال معارك جانبية واقحامها في قلب الصراع مثل الاستدعاءات الطائفية والعنصرية العرقية والجمهورية والإمامة ونحوها للتغطية على الأسباب الحقيقة للصراع والعدوان . رابعا :إذاعة الإشاعات ونشر البلبلة والتشكيك والتحريض، وتوظف الأخبار الزائفة وتكرارها بشكل متتابع ودقيق وباستخدام وسائل مختلفة بهدف تدمير معنويات الشعب اليمني والصمود الاجتماعي, وإضعاف الدعم المحلي للمجهود العسكري والالتفاف الشعبي الداعم للقوى السياسية المواجهة للعدوان . خامسا : محاولة شل قدرة القوى الوطنية على التفكير وتحقيق الانهيار الإدراكي ,واختيار توقيت يرى أنه الأنسب كما يحصل مع قضية تأخر الرواتب لكسر إرادة الصراع في هذا التوقيت بعد أن فشل العدوان في تحقيق أي من أهدافه العسكرية والسياسية.