عاصفة “الخصم” السعودية
“تبحث الحكومة السعودية ـ وبالذات مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يرأسه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ـ عن أية وسيلة لتخفيض نفقاتها غير العاجلة، ولزيادة عوائدها المالية…وآخر وسائلها لذلك وفي إطار سياسة «التقشف» التي يتبعها الحكم حالياً: وقف العديد من الامتيازات المالية والمخصصات «الخاصة» التي جرت العادة ان يحصل عليها أمراء واميرات الأسرة السعودية الحاكمة”…
هكذا يتحايل آل سعود على شعب المملكة!
النص الخبري أعلاه أتى في مقال بعنوان: (“التقشّف” السعودي يطال الأمراء) نشرته صحيفة “السفير” اللبنانية صباح اليوم. إلا أن الخبر الأهم ـ بالنسبة للسعوديين- لم يكن هنا، بل ما ختمت به الصحيفة: “.. ستقوم الحكومة السعودية بفرض ضريبة أرباح على شركات الاتصالات العاملة في المملكة بمقدار 5 في المئة…ويتوقع اقتصاديون سعوديون ان تفرض الحكومة «ضريبة مبيعات» على فواتير مستخدمي الاتصالات، اعتباراً من أول العام المقبل ضمن ضريبة «القيمة المضافة» التي ستفرض في السعودية ودول الخليج (الفارسي) الأخرى.”
في الداخل السعودي، لم يعد بإمكان العائلة الحاكمة أن تكمم أفواه المستائين من سلة القرارات الأخيرة. تعج الحسابات السعودية على ساحات التواصل الاجتماعي، بالانتقادات والسخرية التي أخذت تلقي اللوم على منظومة الفساد التي أوصلت البلاد إلى الأزمة الاقتصادية التي تشل المملكة اليوم.
بعد إعلان قرارات الحكومة السعودية بتخفيض رواتب الوزراء وكبار موظفي الدولة، خرجت صحف المملكة لتثني على ردود فعل الوزراء: لم يُعلق أي من وزراء المملكة في إشارة واضحة إلى رضاهم عن قرارات “ولي الأمر”. الثناء على الوزراء كان يحمل هجوماً مبطناً ضد الخارجين عن هذه الطاعة على ساحة “تويتر”…
على “تويتر” خرج بعض الاقتصاديين لينتقد خطة محمد بن سلمان المعروفة باسم “الرؤية الاقتصادية 2030”. الخطة التي لمّعها الإعلام السعودي منذ الاعلان عنها في أواخر نيسان/ابريل الماضي، عرّاها اقتصاديون سعوديون. الخبير الاقتصادي السعودي فهد القاسم رأى أن التطبيق يُنذر بنتائج كارثية، وفي حين تفترض الرؤية أن السعودية تستطيع العيش بدون نفط بحلول عام 2020، وتحقيق الرفاه للمواطن السعودي. يعلّق القاسم على بنود الخطة ويقول: “حالياً التحول إلى جيب المواطن و ليس للنفط”، مشيراً إلى أن المواطن السعودي يترقب ولا يعلم البؤس الذي سيأتيه غداً.
الكاتب السعودي خالد السليمان، دعا إلى “مراجعة بعض المخصصات لبعض فئات المجتمع والأُسر المتوارثة منذ عشرات السنين. يجب اعادة النظر في هذه المخصصات وبمبالغها الكبيرة بجرأة وشجاعة”، قصد السليمان مخصصات أمراء آل سعود التي يُحرم التعرض لها! مطلب السليمان كان مطلباً يجتمع عليه السعوديون على “تويتر” إلا موظفي الدولة من مغردين يجهدون في تلميع صورة الحكم وفي شيطنة كل من يختلف مع المملكة سواء من في الداخل او من الخارج.
لم تنجح المملكة هذه المرة بتكميم الأفواه التي تتذمر من تفاعل الأزمة الاقتصادية في الداخل السعودي. لا يصدق السعوديون أن هكذا قرارات وُضعت لتنفذ، تفسير وحيد يقدمه هؤلاء لسلة القرارات الحكومية: تمهيد لنهب جيب المواطن… وترويضه!
توقعت المملكة السعودية أن تُقابل قراراتها السابقة بترحاب شعبي تستثمره فيما بعد بعملية نهب الجيوب، إلا أن ردود الفعل أحسنت قراءة مآلات الأمور في مملكة تتهاوى اقتصادياً، كانت “الخطة ب” هذه المرة الإعلان عن تخفيص مخصصات الأمراء، استجابة للحملات التي حظيت بتفاعل واسع على “تويتر” والتي دعت بشكل صريح إلى #إيقاف_مخصصات_الأمراء ، أو ذهبت إلى الحديث على المكشوف تحت وسم “#الامراء_لهطو_البلد”.
يعيد السعوديون اليوم التذكير بما كشفت عنه وثائق “ويكيليس” عام 2011 بأن: “مخصصات أمراء السعودية كلفت الخزينة الوطنية ملياري دولار عام 1996 والأميرين نايف وسلمان سعيا إلى مواجهة الملك علناً لتقليصه المخصصات الملكية”.
المحرمات التي كرستها المملكة السعودية منذ عهد المؤسس عبدالعزيز آل سعود، سقطت! يخرج اليوم من يقولها بصراحة: نحن نعيش في شركة خاصة، توزع الأرباح على فئة المستفيدين (آل سعود) وتحرم الكثيرين من أبسط حقوق العيش… هذا هو الواقع إلى أن تعلن الشركة إفلاسها!
اليوم، يفتح السعوديون على “تويتر” ملفات المساءلة والمكاشفة:
*أحد الامراء أفصح للسفارة الأميركية عن مليون برميل من النفط تباع يومياً لصالح خمسة أو ستة أمراء فقط
*مجموعة من الأمراء المقربين من الملك ينفقون مبالغ تصل إلى 10 مليارات سنوياً.
*يحصل أمرء آل سعود على قروض ميسرة للزواج وبناء القصور، والتي تكلف الميزانية 40 مليار دولار سنوياً.
*أمراء آل سعود يستولون على الاراضي والممتددة على مساحات كبيرة بالمملكة، إما أن تكون مزارع لهم أو يقومون ببيعها للحكومة!
*رواتب الموظفين الضعفاء المشروعة هدر .. أما مخصصات آل سعود الذين يحصلون عليها وهم يرقدون في قصورهم فهي “حق”… يجوع الفقير كي يبطر الامير!
*ثروة الطفل من آل سعود تساوي نصف بدلات (رواتب) 1.8 مليون موظف في الحكومة
ويبدو أن مساءلة آل سعود لن تتوقف طالما أن ارتدادات الأزمة الاقتصادية لازالت تهز المملكة، يغرد أحد السعوديين: “الأزمة في البلد سببها ليس قلة الفلوس .. بل كثرة اللصوص حفظهم الله.”
وفي إشارة إلى دور الاتفاق العسكري على حروب المملكة في الخارج سأل مواطن سعودي آخر: ” حينما لم تحقق عاصفة الحزم أهدافها في اليمن .. انطلقت عاصفة الخصم في الوطن.. فهل ستحقق أهدافها؟”
وسأل آخر: “مخصصات الأمراء بتكون بالتاريخ الميلادي أو بتبقى بالهجري اقتداءً بالصحابة وتمسكاً بالشريعة السمحة ؟”، في إشارة إلى اعلان المملكة عن اعتماد التاريخ الميلادي بدلاً من الهجري لدفع رواتب الموظفين في المملكة، الذي سيخسر الموظف السعودي 3.5% من راتبه!
* إسراء الفاس ــ المنار