«التقشّف» السعودي يطال الأمراء
تبحث الحكومة السعودية ـ وبالذات مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يرأسه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ـ عن أية وسيلة لتخفيض نفقاتها غير العاجلة، ولزيادة عوائدها المالية التي تراجعت بفعل تدهور أسعار النفط وبسبب الالتزامات الضخمة التي يفرضها عليها صراعها مع إيران وما تخوضه من حروب مباشرة كما في اليمن، وغير مباشرة كما في سوريا وانحاء أخرى.
وآخر وسائلها لذلك وفي إطار سياسة «التقشف» التي يتبعها الحكم حالياً: وقف العديد من الامتيازات المالية والمخصصات «الخاصة» التي جرت العادة ان يحصل عليها أمراء واميرات الأسرة السعودية الحاكمة، مثل مخصصات السفر.
وذكر أحد أمراء الأسرة الحاكمة ان الملك سلمان بن عبد العزيز أمر بوقف معاشات عضوية مجلس هيئة البيعة الممنوحة للأمراء الأعضاء في هذه الهيئة، وذلك ما يؤكد ان هذه الهيئة لم تعد قائمة «عملياً».
وكانت هذه الهيئة قد انشأها الملك عبد الله بن عبد العزيز قبل عشر سنوات على ان تكون مهمتها مبايعة الملك والموافقة على من يرشحه الملك الجديد ولياً للعهد أو ترشيح بديل.
ولكن بعد وفاة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز حصل اختلاف بين أعضاء فيها وبين الملك عبد الله على تعيينه لوزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز ولياً للعهد، وأدى ذلك إلى غضب الأخ الأكبر الأمير عبد الرحمن من هذا التعيين وإلى تحفظ الأمير طلال على أسلوب اختيار ولي العهد الذي رأى انه «لم يكن متفقاً مع نظام هيئة البيعة».
وبعد وفاة ولي العهد الأمير نايف اختار الملك عبد الله وزير دفاعه الأمير سلمان وليا للعهد وعين الأخ الأصغر في العائلة الأمير مقرن وليا لولي العهد ـ في أول سابقة من نوعها في تاريخ الحكم السعودي ـ الأمر الذي أدى إلى استقالة الأمير طلال بن عبد العزيز من عضوية هيئة البيعة ومقاطعته لأخيه الملك عبد الله.
وكان الأمير طلال يقول «ان معارضته لما جرى ليست اعتراضاً على من اختيروا من الأشخاص، ولكن الاعتراض الأساسي هو على مخالفة نظام هيئة البيعة الذي أقسمنا جميعاً أبناء عبد العزيز على الالتزام به، من قبل أخي الملك عبد الله لا سيما بعد ان عين وليا لولي العهد وتصرف مثله من أتى بعده».
ولم يعين الأمير طلال أحد أبنائه كمندوب عنه في الهيئة، الأمر الذي أدى إلى إيقاف راتبه كعضو في هيئة البيعة في عهد الملك سلمان… وقد كشف الأمير انه أوقف أيضاً، مع العهد الجديد، راتب الأمير سلطان بن سلمان ممثل والده في هيئة البيعة.
وأما الآن فقد أوقفت رواتب كل أعضاء هيئة البيعة الأمر، الذي يشير إلى حلها من دون صدور قرار رسمي. وقد جاء ذلك في إطار سياسة الدولة للتقشف ووقف منح الامتيازات المالية التي كان يحصل عليها العديد من أعضاء الأسرة الملكية.
وفي إطار سياسة البحث عن أي عوائد مالية تعوض نقص العوائد النفطية وللتخفيف من عبء التزامات صراعات المنطقة وحروبها، ستقوم الحكومة السعودية بفرض ضريبة أرباح على شركات الاتصالات العاملة في المملكة بمقدار 5 في المئة، وذلك بدل ترخيص، وكانت هيئة سوق المال قد أوقفت العامل بأسهم شركات الاتصالات الأربع مطلع هذا الأسبوع «إلى حين الحصول على ترخيص جديد من الدولة ولمدة 15 عاماً»، الأمر الذي أثار جزع هذه الشركات لا سيما الصغيرة منها مثل شركة «عذيب» التي يملك معظم أسهمها الأمير عبد العزيز بن احمد بن عبد العزيز، والشركة الأكبر والأقوى وهي شركة الاتصالات السعودية، وهي خاصة وشبه حكومية، ويملك أمراء كبار حصصاً كبيرة من أسهمها.
ويتوقع اقتصاديون سعوديون ان تفرض الحكومة «ضريبة مبيعات» على فواتير مستخدمي الاتصالات، اعتباراً من أول العام المقبل ضمن ضريبة «القيمة المضافة» التي ستفرض في السعودية ودول الخليج ( الفارسي ) الأخرى.
وفي إطار سياسة التقشف الحكومية أوقفت السلطات السعودية المعنية الصرف على العديد من المشاريع الاقتصادية الضخمة بسبب «قلة السيولة»، مثل مشروع خط القطار الذي سيصل بين الرياض وجدة والمسمّى بـ «الخط البري»، وهو المشروع الذي كان مجلس الوزراء، قد كلف احدى الشركات إنشاءه منذ نحو خمس سنوات، وأصبح من المشاريع المتعثرة على رغم تصنيفه من مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية في المملكة، وتقدر كلفته بنحو 60 بليون ريال.
وهناك مشاريع مستشفيات ومطارات توقف العمل بها بعد سنوات من العمل بإنشائها، رغم ان العمل فيها قارب على الانتهاء من تنفيذها.
عبد الرحمن الشهري / السفير