لقد اختلط علي الأمر بالأمس عند مشاهدة فيلم قصير مصور نشره الإعلام الحربي في الجيش واللجان الشعبية اليمنية حول تدمير السفينة الحربية الاماراتية “سويفت” بصاروخ نوعي اطلقته عليها القوة الصاروخية اليمنية قبالة سواحل اليمن الغربية قرب المخاء ، وذلك كوني اعتبرته وللوهلة الاولى فيلما مكررا لما حدث في عدوان تموز 2006 حيث تم تدمير بارجة “ساعر” للعدو الاسرائيلي قبالة السواحل اللبنانية بمواجهة منطقة الاوزاعي بصاروخ اطلقته الوحدات الصاروخية الخاصة في المقاومة.
ربما اختلفت التسمية والبلد الذي تتبع له كل من السفينتين الحربيتين المستهدفتين، ما بين اسرائيل والامارات العربية المتحدة، واختلف ايضا موقع اطلاق الصواريخ ما بين ساحل البحر الاحمر وساحل البحرالمتوسط من جهتيهما الشرقية، وربما اختلف الصاروخ الذي تم الاستهداف بواسطته وهذه تفاصيل تقنية وفنية وعسكرية، ولكن اوجه شبه كثيرة تكمن بين الواقعتين تجعلنا وفي التحليل بطريقة معمقة بعض الشيء نستنتج او نذهب في الاعتقاد نحو الاختلاط والتداخل الكامل بين الاثنين .
العدو نفسه مبدئيا، ما بين اسرائيل في اعتدائها على لبنان، والامارات في اشتراكها ضمن تحالف عربي بقيادة المملكة العربية السعودية في عدوانها الظالم على اليمن، هو في موقع الاعتداء على شعب ووطن ودولة داخل اراضيها وداخل مياهها الاقليمية، مخالفا كل القوانين والاعراف الدولية، وبرعاية مجتمع دولي لا يعرف من الالتزام بشرعة الامم المتحدة سوى ما يؤمن ويخدم مخططات واجندات دول عظمى على رأسها الولايات المتحدة الاميركية، واضعا – هذا المجتمع الدولي – جانبا ما تتضمنه قوانينه وشرائعه حول حقوق الانسان وقوانين الحرب وحول ما هو محرم دوليا وانسانيا واخلاقيا، وغاضا الطرف عن اكثر المجازر بشاعة وفظاعة بحق الاطفال والنساء والكهول، وصاما اذنيه عما تسرب ويتسرب عنوة من تقارير ومن تحقيقات تصدر عن منظمات دولية وانسانية في كل هذا الحقد الاعمى.
الاجرام والعدوان نفسه ايضا من خلال فرض حصار قاتل على سواحل دولة مستقلة (لبنان او اليمن)، دولة عضو في منظمة الامم المتحدة، دولة لها شخصيتها المعنوية وتتمتع بسيادتها على اراضيها وعلى مياهها الاقليمية، دولة اختارت وقررت مواجهة العدوان باللحم الحي، ورأت في طريق المقاومة، ولو تفاوتت القدرات العسكرية والمادية بالنسبة للعدو، خيارا وحيدا ومقدسا وواجبا وحقا .
هذه المقاومة هي ايضا نفسها، مقاومة تعبر عن نبض شعب وقف في وجه عدوان دول كبرى، دول رأت عن تسلط وغطرسة ان لها الحق بفرض ما تريده على شعب وعلى وطن فقط لانها تملك قدرات عسكرية ومالية واقتصادية اكبر، فعملت هذه المقاومة، ومن خلال ايمانها بالله تعالى وخلال التزامها بحقها وسيادتها على مواجهة العدوان بما اوتيت من قوة ومن بأس وصمود، ومن خلال الحصول على تدريبات وقدرات تكتيكية فردية وجماعية على تكوين شخصية عسكرية مميزة في الميدان، ضاهت ما تتمتع به اكثر الجيوش تطورا وتجهيزا وتدريبا، وعملت على الاستفادة القصوى من تجهيزات ومن اسلحة امتلكتها بطرق متعددة، وعلى تطوير قدرات ذاتية في تصنيع اسلحة وصواريخ وصلتها من اصدقاء اوفياء التزموا معها ايضا في قضية الحق والكرامة، وخلقت بذلك معادلة لافتة ارستها في مواجهة تلك الدول المعتدية، واستطاعت من خلالها فرض نفسها لاعبا وطرفا اساسيا يملك الحق والقوة، لا يمكن تجاوزه لا في الحرب ولا في المفاوضات .
واخيرا… ما يزيد اوجه الشبه ويثبت هذا التكامل والتداخل بين الحالتين ان النصر باذن الله سوف تفوز به المقاومة اليمنية بجيشها وبلجانها الشعبية بمواجهة العدوان الدولي والعربي كما فازت به المقاومة في لبنان بمواجهة العدو الاسرائيلي، وستثبت ايضا المعادلة التي ارستها وفرضتها كل من المقاومتين، معادلة الايمان والحق والواجب، معادلة الالتزام والقوة والصبر.