آل سعود.. ورحلة “الحجّ” التي لا عودة منها
أمين أبو راشد
على هامش السجال بين إيران والسعودية حول موسم الحجِّ هذه السنة، محلِّلٌ إسلاميٌ، يتساءل: من أعطى الحق للمملكة السعودية ذات العشرة ملايين مواطن من المذهب الوهَّابي، أن تتحكَّم بشعائر الحج لمليار وستمئة مليون مسلم؟ وبمعزلٍ عن أية إشكالية مع إيران تتعلَّق بشؤون تنظيم الحج، فإن مملكة عائلية عمرها لا يتعدى الثمانين سنة، ليست جديرة ربما بإدارة شؤون حجيج يتزايد عددهم كل عام”.
ويُضيف،”إذا كانت هناك خلافات مذهبية بين السعودية وإيران حول أصول ممارسة شعائر الحجّ، فلماذا حُرِم السوريون واليمنيون من زيارة الأماكن المقدَّسة؟ وليس لدينا سوى تفسير واحد، وهو أن السعودية تحمل السيف بإسم الدين لتحقيق هيمنة سياسية على المسلمين، تُضاف الى هيمنتها المادية على الدول الإسلامية الفقيرة، لكن إيران ليست من الدول المحتاجة”.
ويختم بالقول:”قطعت السعودية العلاقات مع إيران على خلفية هجوم على سفارة لم ينتج عنه سقوط أية ضحيَّة، وإيران استشهد من أبنائها أكثر من أربعمئة وخمسين حاجاً على أرض السعودية في ظروف غامضة ومشبوهة، واستمرت إيران في الحوار الهادىء، ولم تُبادر الى قطع العلاقات لأنها تسعى الى الوحدة الإسلامية، فيما السعودية تقِف خلف كل إرهابٍ لقتل المسلمين وسواهم من الأقليات، ومن واجب إيران الشرعي أن تضع حداً لهذا الإستكبار”.
اتهم مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي السعودية بالتقصير في حماية الحجاج، وطالب العالم الإسلامي بإعادة التفكير بطريقة جوهرية في طريقة إدارة الحجّ، معللاً ذلك بسبب “السلوك القمعي لحكام السعودية تجاه ضيوف الرحمن، وأنهم لا ينبغي أن يفلتوا من المسؤولية عما تسببوا فيه في مختلف أرجاء العالم الإسلامي”.
وخلال استقباله جمعاً من عوائل ضحايا نحو 500 حاج ايراني في فاجعة منى، تزامناً مع الذكرى السنوية الأولى، قال السيد الخامنئي: إن سوء إدارة آل سعود للحج، يؤكد ضلوعهم بكارثة منى، ويستوجب إبعاد الشجرة الملعونة عن ادارة الحرمين، وعندما يكون هناك نظامٌ عاجز عن خدمة ضيوف الرحمن الذين يدرُّون عليه الأرباح، فما هو الضمان لعدم تكرار كارثة منى؟ ولو صدق آل سعود بعدم ضلوعهم في كارثة منى، لسمحوا للجنة تحقيق إسلامية دولية لدراسة أسبابها وتفاصيلها، والصمت على جرائم آل سعود مصيبة كبرى للأمة الإسلامية”
الوقائع المُتسارعة تؤكد، أن السعودية أوصلت الأمور الى مستويات تتخطَّى مسألة إدارة الحج وقمع حريَّة الحجيج، لأن إدارة الحجّ نموذجٌ عن الأداء السعودي العام في التعاطي الديني، عبر تكفير الآخرين، والسياسي، عبر شن أعنف وأوسع حملة إرهاب في العالمين العربي والإسلامي، من خلال احتلالها غير المرئي للبحرين، وحربها العدوانية المدمِّرة على اليمن، ودورها في تمويل ودعم وحشد الإرهابيين في سوريا والعراق، بحيث أوصلت الشرق الأوسط الى شفير الحرب المدمِّرة وزوال حدود الأوطان المستقلَّة، في وقتٍ استعادت إيران زمام المبادرة، وأجرت القيادة الإيرانية العُليا مؤخراً لقاءات مع ممثلين عن الأمم المتحدة، وأبدت كل استعدادٍ لتحمُّل مسؤولية مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وكان هناك ترحيبٌ كبير من الأمم المتحدة بالمواقف الإيرانية.
الهستيريا الوهَّابية السعودية التي تعصف بدول المنطقة، والتي يختزلها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في مواقف تتطابق مع الرؤى الأميركية والإسرائيلية، كان آخرها في مؤتمر لندن للمعارضات السورية، بحيث بدا ملكياً أكثر من الملك، وفي الوقت الذي أبدى فيه البعض من المعارضين عدم ممانعتهم في بقاء الرئيس الأسد لفترة إنتقالية مدتها ستة أشهر، وبقائه رئيساً فخرياً لحين إجراء انتخابات، صعَّد الجبير من مواقفه المُطالِبة برحيل فوري للرئيس الأسد، في محاولة منه للهروب الى الأمام ديبلوماسياً وسياسياً، بينما حلفاء النظام السعودي من المنظمات الإرهابية في سوريا يهربون الى الوراء على الأرض، وكانت آخر المؤشرات، مصالحات داريا والمعضمية، والنصر الساحق للجيش السوري على محور الراموسة.
ولأن فرنسا من الدول المُشاركة في “مؤتمر أصدقاء سوريا” في لندن الى جانب وفود “المُعارضات السورية”، وبحضور السعودية، فلا بدَّ من التذكير، بأن فرنسا تعيش سياسياً مرحلة “البطة العرجاء” خلال ما تبقى للرئيس هولاند في الإليزيه، وصعود اليمين الفرنسي المتطرِّف بزعامة “مارين لوبان” يعود الفضل فيه، الى التنديد الشعبي الفرنسي بعلاقة هولاند مع السعودية وارتهانه لأموالها، مما أدى الى تهاونه في مكافحة الإرهاب، وتقاطع هذا الأمر، مع موقف وزير الدفاع الفرنسي “جان إيف لودريان”، الذي عبَّر عن مخاوفه من خطر انتقال عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى مصر وتونس، ومن شمال إفريقيا الى أوروبا، بعد طردهم من المناطق التي يسيطرون عليها في ليبيا، ودعا “لودريان” للاستعداد بشكل جدي لتوزُّع “الجهاديين” بعد استعادة مدينتي سرت وبنغازي، وعَّبر عن الأسف لعدم تشاور دول الجوار لمواجهة هذا التهديد.
ما تخشاه فرنسا أن يحصل على أراضيها هو نفسه ما يتهدَّد السعودية مستقبلاً، وإذا كانت فرنسا تمثِّل رمزية ارتداد الإرهاب على أوروبا، فإن السعودية تمثِّل حصرية ارتداده عليها من الجوار، وأمام التحوُّل التركي الجزئي في سوريا، نتيجة تقارب مع روسيا وإيران، والعزم على دحر الإرهاب في سوريا، وما يحصل في العراق من مكافحة لهذا الإرهاب، تبدو السعودية أمام مأزقٍ جدِّي يتمثَّل في وجهة الإرهابيين بعد سوريا والعراق.
وإذا كانت فرنسا تخشى دخول بعض الإرهابيين الى أوروبا عبر إيطاليا بعد إخراجهم من ليبيا، فإن السيناريوهات تُجمِع، بأن إرهابيي سوريا والعراق سوف ينتهون في الأنبار العراقية على الحدود مع المملكة السعودية، وأنهم حُكماً سينتقلون الى الداخل السعودي في “رحلة حجٍّ” طويلة واستقرارٍ في المملكة، مما يهدِّد العرش السعودي جدياً، ويُرسل العائلة الحاكمة السعودية الى “رحلة حجٍّ” نحو المجهول لا عودة منها، وإذا كانت المخابرات الأميركية تتوقَّع نهاية مملكة آل سعود ما بين عامي 2030 و 2050، فإن الورطة الداخلية الناتجة عن النزاعات العائلية على العرش والثروة، والتورُّط الخارجي في الحروب الإرهابية، قد يعجِّلان هذه النهاية وأسرع مما يتوقَّع آل سعود…
المصدر: المنار
===
أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا✅