تعز العز

الصحف الأجنبية: مرشحا الرئاسة الأميركية يحمّلان السعودية مسؤولية نشر التطرف والإرهاب

علي رزق

أعدت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرًا تناول بشكل تفصيلي الدور السعودي بنشر الفكر المتطرف الذي يغذي الارهاب، ولفتت الى أن الدور السعودي هذا يشكل إحدى نقاط الالتقاء القليلة بين المرشحيْن الاثنيْن للرئاسة الاميركية دونالد ترامب وهيلاري كلنتون.

من جهة أخرى، رأى صحفيون أن السعودية لن تستطيع تحقيق أي من أهدافها في اليمن، بينما تحدث آخرون عن إمكانية نشوء تحالف ثلاثي لمواجهة الإرهاب يتكون من روسيا والصين وإيران.

الدور السعودي بنشر الإرهاب

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا مطولاً حول الدور السعودي بنشر التطرف، جاء فيه أن السعودية هي من الملفات القليلة التي تشكل نقطة التقاء بين المرشحين للرئاسة الاميركية هيلاري كلنتون ودونالد ترامب، مشيراً الى ان كلنتون انتقدت الدعم السعودي للمدارس الراديكالية والمساجد حول العالم “التي وضعت الكثير من الشباب على الطريق المؤدي الى التطرف”.كما لفت الى ان ترامب وصف السعوديين “باكبر ممولي الارهاب في العالم”.

ويستشهد التقرير بما كتبته العام الفائت المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الاميركية “Farah Pandith” التي كانت الموفدة الاميركية الى الدول الاسلامية والتي زارت ثمانين بلداً حول العالم. وقد “Pandith” اعتبرت أن النفوذ السعودي يؤدي الى تدمير تقاليد التسامح الاسلامية، كما حذرت من ان استمرار السعودية بنشر الفكر المتطرف سيؤدي دون شك الى عواقب دبلوماسية وثقافية واقتصادية.

هذا ونقل التقرير عن الباحث الاميركي المعروف والمختص بالفكر المتطرف “William McCants” ان السعوديين يلعبون دور “مشعلي الحريق ورجال الاطفاء” في آن، ضمن اطار الاسلام المتطرف.

 

كما نقل عن “Thomas Hegghammer”، الخبير النرويجي بملف الإرهاب والذي عمل مستشاراً للحكومة الاميركية، بأن من اهم تأثيرات “التبشير السعودي” هو ابطاء عملية تطور الاسلام ومنعها من ان تندمج بعالم متعدد ومعولم.

كذلك تحدث التقرير عن مدى امتداد السعوديين، لافتا الى أن السعودية بنت المساجد في مختلف الدول مثل السويد وتشاد والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وأضاف ان دعم هذه المساجد يأتي من الحكومة وأعضاء العائلة الملكية ومن “المنظمات الخيرية” السعودية.

وأشار التقرير الى وجود اجماع واسع بان الفكر الوهابي غيَّر التقاليد الاسلامية في عشرات الدول، وذلك نتيجة الانفاق على نشر هذا الفكر والذي قُدرت قيمته بعشرات مليارات الدولارات. ونبه ايضاً الى ان وجود الكثير من العمال الاجانب في السعودية، خاصة من دول آسيا الجنوبية، أدى الى تفاقم المشكلة حيث يعود هؤلاء الى اوطانهم حاملين الفكر الوهابي.

وقال التقرير ايضا إن السعودية “لم تنتج اسامة بن لادن فحسب” بل انتجت 15 من اصل 19 شخصاً نفذوا هجمات الحادي عشر من ايلول، مضيفا أن عدد الانتحاريين الذين “ارسلتهم السعودية الى العراق بعد الاجتياح الاميركي عام 2003” هو اكبر من اي بلد آخر.كما اشار الى ان السعودية تحتل المرتبة الثانية خلف تونس من حيث عدد المقاتلين الاجانب الذين انضموا الى داعش (عدد المقاتلين السعوديية بصفوف داعش هو 2500 مقاتل).

كذلك لفت التقرير الى أن “داعش استخدمت كتب التدريس الرسمية السعودية في المدارس التي تديرها، الى ان استطاعت نشر كتبها في عام 2015. ونقل عن الباحث المعروف المتخصص بالحركات التكفيرية “Jacob Olidort” بان من بين الكتب الاثنا عشر التي اعادت داعش نشرها، هناك سبعة كتب هي لمؤسس الحركة الوهابية محمد عبدالوهاب.

التقرير أشار الى ان عددًا المسؤولين الاميركيين ينظرون بسلبية الى الدور السعودي، إلا أن التمويل السعودي لمراكز الابحاث في الجامعات الاميركية منع الناس من رفع أصواتهم ضد نشر الفكر الوهابي، بحسب ما نقل التقرير عن الباحث “McCants”- والذي يعمل حالياً على اعداد كتاب حول تأثير السعودية على الاسلام.

وعاد التقرير ليتطرق الى ما كتبته العام الفائت “Farah Pandith”، بان النفوذ الوهابي في العالم الاسلامي ينمو تدريجياً. وأضاف ان “Prandith” دعت الولايات المتحدة الى “تعطيل تدريب رجال الدين المتطرفين” ورفض كتب التدريس “السعودية المجانية والترجمات المليئة بالكراهية”، اضافة الى منع السعوديين من تدمير الاماكن الدينية والثقافية الاسلامية التي تدل على التعددية في الاسلام.

التقرير تطرق ايضا الى حقبة الثمانينات عندما تعاونت السعودية والولايات المتحدة من اجل تمويل ما أسموهم “المجاهدين” في الحرب الافغانية، وذكر بأن الرئيس الاميركي السابق رونالد ريغن استقبل في البيت الابيض وفدًا من “المجاهدين” الافغان الذين كانوا يتبنون فكرًا شبه متطابق للفكر الذي تبنته فيما بعد حركة طالبان.

كما أشار التقرير الى ان الولايات المتحدة انفقت 50 مليون دولار بين عامي 1986 و 1992 على ما اسمته “محو الامية الجهادية”، لافتًا إلى ان الفكر المتطرف هذا قد اجتاح المناطق التي سبق لها أن كانت مناطق تعايش بين مختلف الطوائف الاسلامية.

ونقل الصحفي الباكستاني سيد شاه الذي تحدث عن تأثير المعاهد التي تمولها السعودية في باكستان، كما نقل عن “Sidney Jones” مديرة معهد التحليل السياسي للنزاعات في العاصمة الاندونيسية جاكرتا، بان السعوديين يرسلون المال من اجل بناء المساجد ونشر الكتب منذ عقود. وتابعت “Jones” بحسب التقرير ان النفوذ السعودي جعل من المجتمع الاندونيسي مجتمعًا اكثر “تعصباً”،كما اعربت عن اعتقادها بان المال الذي ترسله السعودية يقف خلف الحملات التي تستهدف الشيعة والاحمديين في اندونيسيا، منبهة الى ان التعاليم الوهابية تعتبر اتباع هذه الطوائف كفارًا وأن العديد من “المتدينين الاندونيسيين” تعلموا في السعودية.

المستنقع السعودي في اليمن

بدوره، كتب الصحفي “Thomas Lippman” مقالة نشرها موقع “National Interest” قال فيها ان ليس هناك من هدف عسكري واقعي للسعوديين في اليمن ولا وجود لأي تعريف للنصر القابل للتحقيق.

كما نبَّه الكاتب من أن الحرب تكلف السعودية مليارات الدولارات في الوقت الذي يشهد فيه العالم هبوطاً باسعار النفط، لافتا الى عدم وجود أي مؤشر يدلُّ على ان السعودية تعيد النظر باستراتيجيتها في اليمن والى ان الاهداف السعودية المعلنة مثل اعادة عبد ربه منصور هادي الى الحكم وتنفيذ قرار مجلس الامن رقم 2216 هي اهداف لا يمكن تحقيقها عبر القصف الجوي وعلى الارجح لا يمكن تحقيقها بالمطلق.

كذلك أشار الى أن أنصار الله تقوم باطلاق الصواريخ على المناطق الحدودية السعودية، واضاف ان قصف التحالف الذي تقوده السعودية لا يساعد في المعركة ضد القاعدة، إذ ان هذا القصف ادى الى اضعاف الجيش اليمني، بحسب ما قال الكاتب.

وتابع الكاتب “بحسب تقرير صدر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فان الانفاق العسكري السعودي السنوي وصل الى 82 مليار دولار، وهو ثالث اعلى رقم بعد الولايات المتحدة والصين، وبالتالي فإن الحرب على اليمن تلقي بثقلها على السعودية خاصة في ظل انخفاض اسعار النفط”، لافتاً الى ان “العديد من العمال الاجانب في السعودية اجبروا على العودة الى اوطانهم بسبب المشاكل الاقتصادية في السعودية”.

الصين تنضم إلى الحلف الروسي الإيراني في سوريا

من ناحيته، كتب الباحث الباكستاني سلمان رافي شيخ كتب مقالة نشرها موقع “Asia Times”، أشار فيها الى ان زيارة الجنرال الصيني “Guan Youfei” الى سوريا ستؤثر بشكل كبير على نتيجة المحادثات الهادفة الى انهاء الازمة السورية.

ولفت الكاتب الى ان “العنصر الصيني” قد يوجد ضغوطًا دبلوماسية وسياسية على عدة جبهات وإلى انه يتزامن مع تعزيز روسيا وايران لدورهما العسكري في سوريا. واعتبر ان دخول الصين الى جانب الاسد في الوقت الذي تقوم فيه روسيا بضرب “داعش” وتعلن فيه ايران عن تشكيل “جيش تحرير” في سوريا، يشير الى ان الاسد حصل على “صديق” اجبر على الدخول في هذه المعركة بسبب هواجسه الامنية.

كما قال الكاتب ان الدافع الاساس للموقف الصيني هو وجود المسلحين الاويغوريين في سوريا، اذ ان الاطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الاسد سيعني ان هؤلاء سيكونون على مسافة جغرافية اقرب من ايران وجنوب روسيا وغرب الصين، وبالتالي فان التحالف الثلاثي بين هذه الدول هو امر منطقي.

الكاتب أشار أيضا الى ما كتبته صحيفة “Global Times” التابعة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، بان هناك مستشارين صينيين على الارض في سوريا من اجل تدريب القوات السورية على استخدام الاسلحة الصينية.

ورأى الكاتب أن دخول الصين على الخط الى جانب روسيا وايران يشير الى ان تحالفًا اقليميًّا لمكافحة الارهاب قد ينشأ في مرحلة مستقبلية من اجل التصدي لتهديد “الارهاب العالمي”. وتابع بان القرب الجغرافي لايران وروسيا والصين من “مسرح الارهاب” يجعل هذه الدول اكثر عرضة للخطر، ما يشرح الموقف من اقامة كتلة لمكافحة الارهاب.

ولفت في المقابل الى ان قرابة نصف النفط الذي تستورده الصين يأتي من الشرق الاوسط، وغالبًا من ايران والعراق والسعودية، واستبعد ان تغضب بكين من هذه القوى من خلال التورط عسكرياً في سوريا، بناء على ذلك رأى ان زيارة الجنرال الصيني الى سوريا يمكن أن تكون مناورة سياسية لمواجهة الاستفزازات الاميركية في منطقة بحر الصين الجنوبي، إلّا أن الكاتب اشار أيضا الى امكانية ان تستفيد روسيا وايران وكذلك تركيا من “العنصر الصيني” بغية ممارسة الضغط على السعودية وحلفائها من اجل وقف تمويل الجماعات الارهابية في سوريا واماكن اخرى بالشرق الاوسط.

كما أضاف الكاتب أن السعودية قد لا تستطيع معاندة الصين في الوقت الذي تعاني منه الرياض مشاكل اقتصادية كبيرة وعلاقات مضطربة مع الولايات المتحدة، وذلك لأن السعودية هي المصدر الثاني عالميا للنفط الى الصين خلف روسيا، وبالتالي يمكن للصين ان تبحث عن اماكن اخرى للنفط في حال توترت العلاقات بين بكين والرياض.

وفي الختام، شدد الكاتب على ان المساعدة العسكرية التي تقدمها روسيا والصين للاسد انما تعني بان دول “الخليج العربي” باتت في موقع أضعف في صراعها مع ايران.

===

أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا