الصحف الاجنبية: الرياض ليست متفائلة حيال أي من المرشحَين الاثنين للرئاسة الأميركية
علي رزق
لفت باحث أميركي بارز الى أن السعودية لا تنظر بعين التفاؤل الى اي من المرشحين للرئاسة الاميركية، موضحاً أن الرياض لا تتوقع من كلينتون أو ترامب ممارسة سياسات تعالج هواجس الرياض التي تعتبر ان ما يحصل في المنطقة عبارة عن “تدهور البيئة الامنية الاقليمية”.
وفيما اعتبر صحفيون أميركيون أن التحالف الروسي الايراني بات يتحكم بمجرى الاحداث في الشرق الاوسط، حذر آخرون من “ان منطقة جنوب شرق آسيا قد تشهد نشاطاً ارهابياً بعد القضاء على “داعش” في سوريا والعراق”، وفق قولهم.
عدم تفاؤل الرياض حيال الرئيس الاميركي المقبل
كتب الباحث الأميركي المعروف “بروس ريدل” مقالة نشرها موقع “Al-Monitor” بتاريخ التاسع عشر من آب/اغسطس الجاري، قال فيها “إنّ السعودية تعتبر نشر الطائرات الحربية الروسية في قاعدة همدان الايرانية بأنها أحدث خطوة تشير الى بيئة أمنية اقليمية متدهورة”.
ولفت الباحث الى “أنّ السعوديين غير متفائلين بأن يقوم أي من المرشحين الاثنين للرئاسة الاميركية دونالد ترامب او هيلاري كلنتون بتغيير هذا الوضع”، مشيراً الى “أنّ الرياض تعتبر بأن العلاقات الوطيدة بين ايران وروسيا وسوريا وحزب الله وما أسماه “شيعة العراق” تشكل تحولا جذريا في البيئة الاستراتيجية في الشرق الاوسط”، مضيفاً “إنّ المساعي السعودية لشراء روسيا لم تنجح وان موسكو تعتبر طهران شريكة أكثر جاذبية من الرياض بعد التوصل الى الاتفاق النووي وتخفيف العقوبات”، كذلك وصف نشر الطائرات الحربية الروسية في ايران “بالكابوس” للعائلة الملكية السعودية.
وتابع الكاتب “ان التقارب التركي-الروسي يزيد من المخاوف السعودية، اذ ان الرياض تعتبر ان التخلص من نظام الرئيس بشار الاسد يشكل أولوية على محاربة “داعش””، منبهاً في الوقت نفسه الى “أن الرئيس السوري يبدو انه في “موقع آمن أكثر من أي وقت مضى””.
وفيما شدّد على “أنّ الأولوية القصوى للسعودية هي في اليمن”، أشار الكاتب الى تصعيد وتيرة الحرب هناك، لافتاً الى “أنّ حركة “أنصارالله” تُواصل عملياتها على المناطق الحدودية السعودية ما أجبر الجيش السعودي على اخلاء بعضها”.
وأضاف الكاتب “ان الملك سلمان والدائرة المحيطة به بدأوا ينظرون الى ما بعد باراك أوباما، لكنه كرّر كلامه بأن الرياض لا تعتبر ان اي من كلينتون او ترامب سيزيل قلقها”.
وفيما يخص ترامب، أشار الكاتب الى أنّ الأخير شخص “مجهول ومخيف” بالنسبة للرياض، مضيفاً “ان خطاب المرشح الجمهوري المعادي للإسلام وكلامه المندد بالدول التي توعظ الاسلام انما يعتبر تهديداً بالنسبة للرياض”، كذلك تابع “ان السعوديين قد لاحظوا ان ترامب وخلال خطابه الاخير حول السياسة الخارجية الاسبوع الفائت لم يسمِّ السعودية من بين لائحة الدول الصديقة لأميركا (ترامب سمى كلًّا من “إسرائيل” ومصر و الاردن دون ان يسمي اي دولة خليجية)”، مضيفاً “ان ترامب تحدّث في الخطاب المذكور عن تقصير سعودي سمح لعناصر “القاعدة” بدخول الأراضي الأميركية قبل أحداث الحادي عشر من أيلول”.
وفيما أشار الكاتب الى “ان ترامب يبدو انه في تعاون وثيق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، تطرق الى كلامه الذي اعتبر فيه “انه كان يجب على الولايات المتحدة الاحتفاظ بالثروة النفطية العراقية بعد اجتياح عام 2003″، واصفاً هذا الكلام بانه يشكل سابقة خطيرة جداً بالنسبة للسعودية.
أما كلينتون فقال الكاتب “انها شخصية معروفة لدى الرياض”، ولفت الى أن السعوديين يرتاحون أكثر بكثير للتعامل معها ومع مستشاريها، غير انه لفت بالوقت نفسه الى أن كلينتون سعت الى الاصلاح السياسي في البحرين خلال الربيع العربي (على حد زعمه)، ما دفع الرياض الى التدخل في البحرين.
كما أشار الى “أنّ كلينتون كانت جزءاً من الفريق الذي تخلى عن الرئيس المصري حسني مبارك، وكانت من مؤيدي الاتفاق النووي مع ايران، وعليه قال “ان الرياض تتوقع من كلينتون ان تواصل سياسات أوباما نفسها في حال أصبحت رئيسة، وهو ما لا يريده السعوديون”.
وشدد الكاتب على عدم وجود اية ثقة عند القيادة السعودية حيال مستقبل “القيادة الاميركية”، منبهاً الى ان ذلك يتزامن وتوطيد العلاقات بين بوتين وآية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، كما رجح أن يستمر الهوس السعودي حيال ايران على الرغم من ان الرياض تبالغ بحجم التهديد الذي تشكله طهران، على حد تعبير الكاتب.
التحالف الروسي الايراني يقود المنطقة
من جهته، كتب الصحفي “Charles Krauthammer” مقالة نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” بتاريخ الثامن عشر من آب/اغسطس الجاري، اعتبر فيها “ان منطقة الشرق الأوسط تشهد عملية اعادة ترتيب”، قائلاً “انه وبينما شكّل التحالف الاميركي المصري ركيزة المنطقة على مدى أربعين عاماً، فإن التحالف الروسي الايراني بات اليوم يتحكم بالاحداث”.
واعتبر الكاتب -الذي يُعد من كبار الصحفيين المنتمين الى معسكر المحافظين الجدد- “ان ذلك يعود الى سياسات أوباما طوال ثمانية أعوام”، مشيراً الى “الاتفاق النووي مع ايران، والانسحاب من العراق و ما أسماه “الجمود” الأميركي حيال سوريا”.
وفيما يخص ايران، قال الكاتب “ان الاتفاق النووي كان من المفترض أن يبدأ عملية التقارب بين واشنطن وطهران، الا انه وبدلاً من ذلك عزز التحالف الاستراتيجي العسكري بين موسكو وطهران”، لافتاً الى أن روسيا تحركت بسرعة من أجل ابرام اتفاقيات كبرى مع ايران تزامناً مع الاتفاق النووي وتخفيف العقوبات وتطبيع علاقات طهران الدولية”، كما رأى “ان استخدام روسيا لقاعدة “همدان” في ايران انما يشير الى مستوى تعاون جديد بين البلدين”.
أما العراق فأشار الكاتب الى “ان الطائرات الحربية الروسية التي تنطلق من همدان باتجاه سوريا تمر عبر الاجواء العراقية، وبالتالي قال ان ذلك لما كان ممكناً قبل ان ينسحب “اوباما من العراق”، بحسب تعبيره، وتابع ان “الانسحاب من العراق اوجد فراغاً لم يمكن روسيا من القيام بعمليات القصف فحسب، بل انه سمح للعراق ان يدخل “الفلك الايراني” على حد وصفه.
وفيما يتعلق بسوريا، قال الكاتب “ان أوباما لم يحرك ساكناً عندما تدخلت روسيا عسكرياً بهذا البلد”، معتبراً ان “سياسة أوباما هذه سمحت “بانقاذ” نظام الرئيس السوري بشار الاسد”، على حد تعبيره.
وحول روسيا، رأى الكاتب “ان الرئيس بوتين أعاد موقع روسيا كقوة عظمى لا يستهان بها، اذ تحدث عن قيام بوتين “باعادة رسم الخارطة” في أوروبا واكد ان روسيا ستحافظ على ضمها جزيرة القرم”، كما اشار الى حماسة الاوروبيين لرفع العقوبات المفروضة على موسكو والى المناورات البحرية المشتركة بين روسيا والصين التي ستجري في بحر الصين الجنوبي، مشدداً على ان ذلك يشير الى دعم موسكو الواضح لبكين في قضية بحر الصين الجنوبي.
خطر الارهاب المستقبلي في جنوب شرق آسيا
من ناحيته، كتب الصحفي “ديفيد اغناتيوس” مقالة نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” بتاريخ الثامن عشر من آب/اغسطس الجاري حذّر فيها من التهديد الذي سيشكله إرهابيو “داعش” الأجانب من منطقة جنوب شرق آسيا عند عودتهم الى اوطانهم بعد القضاء على “داعش” في الرقة والموصل.
ولفت الكاتب الى ان الخبراء في استراليا انما يعتبرون ان الخطر الارهابي مشكلة اقليمية في منطقة جنوب شرق آسيا وليس مجرد نتيجة لما يحصل في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، كما اضاف “ان الخبراء هؤلاء يتخوفون من مرحلة مقبلة قد تكون خطيرة، بينما يبحث الإرهابيون عن ملاذات آمنة جديدة.
كذلك نقل الكاتب عن الخبراء “ان السجون والاحياء الفقيرة وكذلك العصابات الموجودة في جنوب شرق آسيا تشكل نظامًا بيئيًّا يسمح بانتشار الارهاب”، منبهاً الى “ان إرهابيي “داعش” في سوريا حاولوا تجنيد مقاتلين في جنوب شرق آسيا”.
وأشار الكاتب الى ما قالته “Sidney Jones” وهي مديرة “معهد التحليل السياسي للنزاعات”، حيث حذرت في كلمة القتها في شهر نيسان/أبريل الماضي بالعاصمة الاسترالية كانبيرا من أن هناك “نشاطاً لدى الجماعات الإرهابية اكثر من اي وقت مضى خلال الاعوام العشرة الماضية”.
وأضاف الكاتب “ان الذين سافروا من جنوب شرق آسيا الى سوريا والعراق هم الذين قد يرتكبون أعمال العنف”، لافتاً الى تقديرات الخبراء التي تفيد بأن شبكة المقاتلين الاجانب لدى “داعش” من جنوب شرق آسيا تتألف من نحو 500 مواطن اندونيسي، و110 مواطنين من استراليا، وما يقرب من 100 مواطن ماليزي، اضافة الى عدد صغير من الفليبين”، ونبه من ان هذه “الفرقة” من جنوب شرق آسيا هي اكبر بكثير من العدد الذي سافر الى افغانستان من اجل الالتحاق بصفوف “القاعدة” قبل أحداث الحادي عشر من ايلول، كما حذر من ان من أسماهم “المتطوعين” في العراق وسوريا قاتلوا وقتلوا في الميدان”.
الكاتب استشهد بما قاله “Aaron Connelly” وهو باحث في معهد “Lowy” للسياسة الخارجية مقره مدينة سيدني الاسترالية، اذ حذّر الأخير من ان “الآتي أعظم”، مشيراً الى “ثلاثة عوامل خطر يتخوف منها الخبراء”.
ولفت الى توسع الشبكة الارهابية في جنوب شرق آسيا، واعلان “دولة خلافة” بمناطق الادغال في جنوب الفليبين، وتجنيد “داعش” لمتطوعين من الجيش الماليزي، إضافة إلى مساعٍ “إرهابية” يقوم بها السجناء المفرج عنهم في اندونيسيا.
وأوضح الكاتب “أن مقاتلي “داعش” من جنوب شرق آسيا كانوا قد طرحوا فكرة اقامة دولة خلافة بالفليبين في شريط فيديو بث بشهر حزيران/يونيو الماضي”، محذراً من أن “دولة الخلافة” هذه قد توفر ملاذًا آمنًا للارهابيين.
أما في ماليزيا، فحذر الكاتب من أن الجيش شكل مصدر تجنيد لداعش، مستشهداً بما قاله وزير الدفاع الماليزي امام البرلمان العام الفائت بان سبعين عنصرًا سابقًا على الاقل من الجيش الماليزي تطوعوا للقتال بصفوف “داعش”، وتابع “ان السلطات الماليزية تتعاون عن كثب مع الولايات المتحدة واستراليا منذ العام الفائت من اجل احتواء النشاطات الإرهابية”.
كذلك لفت الكاتب الى أن الشرطة في اندونيسيا تشن حملة واسعة على الإرهابيين، لكنه حذر في الوقت نفسه من “أن السجون الاندونيسية تشكل ارضا خصبة للتطرف”، وأضاف ان “الخبراء يتخوفون من أن نحو 200 “جهادي سابق” سيطلق سراحهم من السجون الاندونيسية قريباً”.
===
أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا✅