الصحف الأجنبية: هل يشكل التقارب الروسي التركي الإيراني نكسة جيوسياسية لحلفاء واشنطن؟
علي رزق
رأى دبلوماسي هندي سابق أن المنطقة قد تشهد نشوء محور ايراني روسي تركي، من شأنه تعزيز موقع الجمهورية الإسلامية الايرانية في ظل التحالف الناشئ بين السعودية و”إسرائيل”، المعادي لطهران، متوقعًا أن تكون المملكة السعودية الخاسر الأكبر جراء نشوء المثلث الايراني الروسي التركي. في سياق منفصل، توقع باحثون أن يكثف تنظيم “داعش” هجماته الإرهابية في المستقبل المنظور، على الرغم من تلقيه مزيدًا منَ الخسائر الميدانية، ولن يكون العام المقبل أقل دموية من العام الذي مضى، بحسب تقديرات الباحثين.
التقارب الإيراني الرُّوسي التركي.. نكسة جيوسياسية لحلفاء واشنطن الشرق أوسطيين
كتب الدبلوماسي الهندي السابق “M.K Bhadrakumar” مقالة في موقع “Asia Times” بتاريخ الرابع عشر من آب/ اغسطس، رأى فيها أن زيارة نائب الرئيس الأميركي “جو بايدن” إلى تركيا المقررة في الرابع والعشرين من الشهر الحالي، تؤكد على مدى القلق الأميركي من المصالحة التركية الروسية.
ورأى الكاتب الذي سبق أن كان سفيراً للهند لدى تركيا، أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سانت بطرسبورغ، وكذلك الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف إلى أنقرة، غيّرت موازين القوى في الشرق الأوسط، لافتًا إلى أن المصالحة التركية الروسية تفيد بتغيير أساسيَّات النزاع في سوريا بشكل جذريّ” حسب تعبيره.
إلى ذلك، شدد الدبلوماسي السابق والكاتب على أن أهمية الموضوع، تكمن في نشوء محور تركي روسي إيراني يؤثِّر على اصطفافات المنطقة، وذلك عقب إجراء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف محادثة هاتفية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، والتي تناوَلَت موضوع توفير الدعم الخارجي للتوصل إلى تسوية في سوريا.
وفي السياق نفسه، تصبُّ تصريحات ظريف ونظيره الترُّكي “Davlut Cavusoglu” في المؤتمر الصحفي المشترك، والتي تفيد بأن دعم طهران لأردوغان في إفشال مخطط الانقلاب، عزَّز العلاقات الثنائية بين البلدين على حد تعبير الكاتب، حيث استشهد بكلام وزير الخارجية التركي الذي أشار إلى أنَّهُ تكلَّمَ مع ظريف أكثَر من أي وزير خارجية آخر ليلة الانقلاب. كما لفت الدبلوماسي الهندي إلى تقارير أفادت بمشاركة إيرانية في تقديم معلومات استخباراتية هامة للسلطة في تركيا حول الانقلاب”.
وأضاف الكاتب بالقول:”مشى ظريف على خطوط الصدع التي ظهرت مؤخراً في علاقات تركيا مع شركائها التقليديين، وهي الولايات المتحدة، وحلفائها الاقليميين، كما دعا علناً الى تعاون ايراني تركي روسي من أجل جلب السلام والازدهار الى المنطقة”.
وشدد الكاتب على أن “من شأن التحالف الروسي الإيراني التركي، أن يشكل فارقًا لطهران مقابل المحور السعودي الإسرائيلي، المدعوم بشكل ضمني أميركيًا، خاصة في ظل الشكوك المثارة حول مسار الاتفاق النووي الإيراني بعد انتهاء عهد الرئيس الأميركي أوباما”.
الى ذلك، أكد الكاتب أن أي التقاء ثلاثي روسي تركي ايراني، يشكل نكسة جيوسياسية لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خاصة السعودية، التي ستخسر الحرب في سوريا إذا ما قلّصت تركيا تدخلها هناك، على الرغم من أن الرياض قد تستخدم الحدود الأردنية لدعم المجموعات المسلحة.
وتطرق الكاتب الى اللجنة الروسية التركية المشتركة حول سوريا التي بدأت عملها في موسكو الخميس الماضي، مشيراً إلى ما كتبَته صحف تركية بأن أنقرة ربما تتخذ “الإجراءات المناسبة” رداً على الطلب الروسي بإغلاق الحدود التركية السورية.
في الختام، خلص الكاتب إلى أن هذا الموضوع سيشكل لروسيا اختباراً لمدى اهتمام أنقرة بالمصالحة، وبأن عودة المياه الى مجاريها بين تركيا من جهة، وروسيا وإيران من جهة أخرى، ستضع ضغوطاً على إدارة الرئيس أوباما لرأب الصدع مع أنقرة، لافتًا إلى أن نائب الرئيس الأميركي بايدن سيكون مدركاً بشكل كبير لـ”عيون موسكو و طهران الجريئة” خلال زيارته لتركيا.
ما هي استراتيجية “داعش” في المستقبل المنظور؟
في سياق آخر، كتب الأستاذ الجامعي “فواز جرجس” مقالة نشرت على موقع “المعهد الاسترالي للسياسة الاستراتيجية”، بتاريخ الحادي عشر من آب/ اغسطس، تحدث فيها عن “منطق استراتيجي” لما أسماه “الحملة الصليبية” التي يخوضها تنظيم “داعش” الإرهابي.
رأى الكاتب أن “داعش” تحارب من أجل البقاء، لكن رسالتها تستقطب بعض أطياف المجتمع كالشباب المهمشين والمعذبين في الشرق الاوسط، حيث تعود هذه الاستراتيجية على التنظيم بمكاسب هائلة، لأن نجاح “داعش” بتنفيذ الهجمات في الخارج، يبعد الأنظار عن خسائره في سوريا والعراق، ويعطي صورة برّاقة للتنظيم، على حد تعبير الكاتب.
كذلك، نبَّه الأستاذ الجامعي إلى أن “داعش” يجنّد المقاتلين المتمكنين من أي مكان تقريباً –بما في ذلك تونس، والمغرب، وليبيا، والاردن، وتركيا، وفرنسا، وبلجيكا، وبريطانيا، ويقوم بإرسالهم لشن هجمات مثل تلك التي وقعت في اسطنبول، وبروكسل، وباريس.
وحذر الكاتب من أن آلاف المقاتلين من “داعش”، سيعودون الى بلدانهم في حال سقوط مدينتي الموصل والرّقَّة في العام المقبل، وبالتالي رجح أن يشن هؤلاء هجمات ارهابية في اوطانهم، ما يعني أن العام المقبل لن يكون أقل دموية من العام الذي مضى.
وفي حين لفت الكاتب إلى أن واشنطن هي الهدف الأصعب لدى “داعش”، أشار إلى أن الدول الاوروبية والاسلامية، وعلى رأسهم فرنسا، هي أهداف أسهل بكثير، حيث أن أغلب المسلحين هم من بلدان عربية، وأن 4000 مواطن اوروبي ايضاً انضموا الى التنظيم.
بالتوازي، أكد الكاتب أن الهدف الاساس الذي يريد تنظيم “داعش” ضربه، يتمثل بـ”الانظمة في العراق وسوريا وإيران”، حيث أن استراتيجية التنظيم القائمة على بناء “دولة الخلافة”، تقتضي تأجيل الصراع ضد أميركا وأوروبا وحتى “إسرائيل”!
ويخلص الكاتب، إلى ضرورة “قطع الهواء الاجتماعي والايديولوجي” الذي ساهم بنشوء “داعش”، أي معالجة ما أسماه “سياسات الشرق الاوسط المحطّمة”، لأنه حينها فقط يمكن للعالم العربي والاسلامي والمجتمع الدولي هزيمة التكفير والإرهاب في العالم.