الخلاف السعودي مع بان كي مون حول اليمن يمثل انحطاطا جديدا في علاقة الأمم المتحدة (ترجمة)
المملكة العربية السعودية لم تحب الأمم المتحدة أبدا، غير أن الخلاف مع بان كي مون حول ضحايا الأطفال في الحرب على اليمن هذا الاسبوع يمثل مستوى متدن جديد.
لقد كان حدثا غير عادي الاستماع إلى الأمين العام للأمم المتحدة وهو يعترف علنا يوم الخميس بأنه قد تم لي ذراعه لتغيير التقرير في أعقاب الغضب السعودي.
بدأ الخلاف عندما نشرت الأمم المتحدة تقريرا حول الانتهاكات العالمية لحقوق الطفل وادرجت التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن ضمن قائمة المنتهكين، حيث يدعم هذا التحالف استعادة الرئيس الشرعي ومحاربة المتمردين الحوثيين.
إنها حرب مثيرة للجدل تعكس التوترات الإقليمية، لاسيما مع إيران. تملك المملكة العربية السعودية أصدقاء أقوياء والعديد من الأعداء. كما أنها أيضا تملك مزاجا يميل إلى الحزم في عهد الملك سلمان الذي يدير إبنه الطموح محمد ولي ولي العهد السياسات الرئيسية للمملكة.
وكان تقرير الامم المتحدة الذي صدر في الأسبوع الماضي قد هاجم على حد سواء قوات التحالف والقوات المتمردة بسبب “عدد كبير جدا من الانتهاكات” بما في ذلك الهجمات على المدارس والمستشفيات، ولكن التقرير قال ان التحالف مسؤول عن 60٪ من وفيات وإصابات الأطفال في اليمن العام الماضي.
لذلك كان هناك غضب يوم الاثنين عندما قالت الامم المتحدة انها ازالت التحالف من القائمة السوداء السنوية عن حقوق الطفل في انتظار تقديم عرض مشترك من قبل المنظمة الدولية والتحالف عن تلك الوفيات والإصابات.
واحتجت منظمات حقوق الإنسان على ماوصفته بـ ” الصفعة المشينة” و “القوادة الوقحة” و “الفشل الأخلاقي”. واتفقت جميعها على أن مصداقية الأمم المتحدة قد تضررت. حيث اشتكى دبلوماسيون مجهولون من البلطجة والتهديد والابتزاز.
حينها اعترف بان كي مون للعلن أنه تعرض لضغط “غير مقبول” و “غير مبرر”. لم يذكر على وجه التحديد بأن السعوديين هددوا بقطع التمويل، لكن ذلك كان واضحا بشكل جلي في تصريحه للمراسلين بأن “الأطفال المعرضون للخطر في فلسطين وجنوب السودان وسوريا واليمن والعديد من الأماكن الأخرى قد يقعون في مزيد من اليأس”.
حلفاء السعودية، بما فيها الأردن، والإمارات العربية المتحدة ومصر والكويت وقطر – جميع أعضاء الائتلاف – احتجوا أيضا على القرار. ومع ذلك، نفى سفير المملكة لدى الأمم المتحدة القيام بأي تهديدات، ومنها تلك التهديدات الواردة عن مغادرتها الأمم المتحدة تماما. وقالت مصادر سعودية انها تشتبه في قيام الولايات المتحدة بتسريب تفاصيل مضرة بالتبادلات الدبلوماسية الخاصة.
ويصر الجيش السعودي على أن تقارير منظمات حقوق الإنسان عن وفيات مدنيين في غارات جوية لقوات التحالف تستند على تحقيقات غير كافية. وهو نفس الرد الذي قاله الجيش في السابق بشأن المزاعم حول استخدام القنابل العنقودية التي زودته بها المملكة المتحدة، غير أن وعودها المتعلقة بإجراء تحقيقات في هذا الشأن لم تتحقق حتى الآن.
وبعد كل هذا، فإن السعوديين ليسوا فقط غير نادمين، بل أنهم غاضبون. فقد اكتضت وسائل الاعلام الاجتماعية في المملكة بالشكاوى من أن منظمات حقوق الانسان الغربية قد أخفقت في تطبيق نفس المعايير الصارمة على حكومات بلدانها أو قواتها المسلحة، أو على روسيا وإسرائيل، ناهيك عن سوريا حيث المدنيين الذين قتلوا فيها أكثر بكثير من المدنيين الذين قتلوا في اليمن.
يقول أحد المحللين السعوديين الغاضبين “نحن نعلم أن المستشفى في قندوز (في أفغانستان) تعرض لهجوم من قبل الولايات المتحدة وأن الآلاف يقتلون من قبل القوات الجوية الروسية في سوريا، حيث يتم نشر الحرس الثوري الإيراني”. واضاف “هذا أمر مثير للسخرية. فهذا شيء ناجم عن ازدواجية المعايير، وليس عن دولة قوية تدفع لإسكات منتقديها”.
وبالعودة إلى عام 2013، تسبب الملك الراحل عبد الله في حدوث ضجة عندما رفض تولي مقعدا غير دائم في مجلس الامن الدولي احتجاجا على فشل السياسة الدولية تجاه بشار الأسد الذي يريد السعوديون الاطاحة به. الآن يجري انتقاد الأمم المتحدة على أنها “منظمة إرهابية”.
كما نشر مستخدمون جريئون في تويتر صورا لجنود سعوديين يعانقون الأطفال اليمنيين. وغردوا بالقول أن الناس يجري إعدامهم على الرافعات في الأهواز – حيث تعيش الأقلية العربية في إيران – في حين يجلس بان كي مون على كومة من الجثث في سوريا معربا عن “قلقه”.
يتبقى أن نرى ما إذا كان العرض المشترك الموعود به بين السعودية والأمم المتحدة حول الضحايا من الأطفال سوف يخرج بنتيجة مختلفة أم لا، ولكن هذا الخلاف العلني جدا كان مدمرا. يقول بيتر سالزبوري أحد خبراء تشاتام هاوس في منطقة الخليج “هذا جزء من التوجه الجديد فيما يتعلق بالطريقة التي ينتهجها السعوديون في سياساتهم الخارجية”.
وأضاف “هذه ليست المرة الأولى التي يمارس فيها السعوديون الضغط على الأمم المتحدة للحد من الانتقادات حول تصرفاتهم، خصوصا في اليمن. المشكلة هي أنه بدلا من تحسين صورتهم فأنهم فقط يعززون فكرة أنهم يستخدمون عضلاتهم المالية للحصول على ما يريدون”.
وقال سالزبوري “من الصعب أن نرى كيف أن ذلك لن يؤدي على المدى البعيد إلى انتكاسة أو استجابة سلبية من بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والرأي العام في دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة، الذين يدافعون عن تحالفهم مع السعوديين، عندما يتعلق الأمر بموضوع عاطفي ومؤثر كموضوع حماية الأطفال في الحرب “.
المصدر:صحيفة الغارديان البريطانية
الكاتب: ايان بلاك، محرر شؤون الشرق الأوسط
ترجمة: عبدالرحمن مطهر أبوطالب
https://www.theguardian.com/world/2016/jun/10/saudi-arabia-row-ban-ki-moon-new-low-un-relationship