عذرا يا أبي ..تعز تتحرر
….
عذرا يا أبي الحبيب فقد رحلت عن دنيانا الفانية إلى الدار الآخرة في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها وطننا منذ أكثر من عام ولذلك لم أتمكن من زيارتك وأنت مازلت على قيد الحياة منذ شهر رمضان العام الماضي بسبب ظروف نزوحي من مدينة تعز إلى العاصمة صنعاء ولم أتمكن من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمانك الطاهر قبل مواراته الثرى لأن الوصول من صنعاء إلى قريتي مسقط رأسي في بني عيسى بمديرية جبل حبشي أصبح في غاية الصعوبة والسبب في ذلك هو أن تعز تتحرر؟!
عذرا يا أبي لأني وصلت من صنعاء إلى القرية بعد يوم من مواراة جثمانك الثرى حيث اضطربت للمبيت حتى الصباح في مدينة القاعدة التي وصلتها عند الساعة الخامسة مساء عندما أبلغني عدد من أفراد الأسرة بعدم مواصلة السفر حتى منطقة حذران غرب مدينة تعز لأنه لا يسمح لأحد بالعبور باتجاه وادي الضباب أو إلى داخل مدينة تعز بعد الساعة السادسة مساء ..فمعذرة منك يا أبي لأن تعز تتحرر؟!
لأن تعز تتحرر فقد نزح منها غالبية سكانها لينجون بأنفسهم وأسرهم من الصواريخ التي تلقيها طائرات تحالف العدوان السعودي الصهيوأمريكي والمواجهات المسلحة التي تدور رحاها بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة بين الجيش واللجان الشعبية والمليشيات الموالية لدول تحالف العدوان ومن بطش الجماعات الإرهابية المسلحة التي قدمت إلى تعز لتشارك في عملية تحريرها من سكانها.
* لأن تعز تتحرر كما تم تحرير عدن وبنفس الطريقة التي تمت فيها ليبيا فقد أصبح سكان مدينة تعز و عدد من المناطق في بعض المديريات مشردين في صنعاء وإب والحديدة.
* لأن تعز تتحرر فلم أتمكن من الوصول إلى قريتي في نفس اليوم الذي سافرت فيه من صنعاء..ولأن تعز تتحرر فقد اضطررت لركوب دراجة نارية من منطقة حذران غرب مدينة تعز إلى قريتي سالكا طريق وعرة(طريق مشاة) لأن
( أبطال )معركة تحرير تعز قطعوا الطريق الفرعي الذي يربط منطقتي حذران والربيعي غرب مدينة تعز بمنطقة وادي الضباب وذلك بوضع الأحجار الكبيرة لمنع مرور السيارات منها وإلصاق التهمة بالجيش واللجان الشعبية.
* لأن تعز تتحرر فقد حرمت ومعي اثنان من أشقائي وأفراد أسرتنا من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمان والدنا المنتقل إلى رحمة الله تعالى .
* لأن تعز تتحرر فقد اضطررت للعودة من قريتي إلى منطقة حذران غرب مدينة تعز على ظهر دراجة نارية سالكا نفس الطريق التي سلكتها عند ذهابي إلى القرية.
* لأن تعز تتحرر فلم أتمكن من الدخول الى المدينة لزيارة أفراد أسرتي الذين ما يزالون فيها وعدت إلى صنعاء دون لقائهم .
لأن تعز تتحرر فقد اضطر المسافرين إلى صنعاء و إب والحديدة القادمين من مديريات جبل حبشي والمعافر والمواسط والشمايتين من سلوك طريق فرعي يمر من منطقة البيرين بمديرية المعافر و منطقة الكدحة بمديرية الوازعية ومنطقة الأخلود بمديرية مقبنة وصولا إلى مدينة هجدة ومنها إلى منطقة حذران غرب مدينة تعز.
عذرا يا أبي لأني لم أتمكن من زيارة مدينة تعز الحبيبة التي انطلقت منها مع طلائع الشباب في أكتوبر عام 1962م إلى العاصمة صنعاء للدفاع عن ثورة 26سبتمبرالخالدة..وذلك لأن تعز تتحرر؟!
..نعم إنها تتحرر منذ أكثر من عام وسبعون يوما و ما تزال عملية تحريرها مستمرة كما تم تحرير مدينة عدن ؟!.
عذرا يا أبي ..فقد أصبحت مدينة تعز العلم والثقافة ساحة مفتوحة لحرب قذرة ممولة ومدعومة ماليا وعسكريا وسياسيا وإعلاميا من قبل مملكة بني سعود وحلفائهم في جريمة تحالف العدوان الغاشم والحصار الجائر على وطننا وشعبنا اليمني .
* رحمك الله يا أبي ولا رحم من تسبب في معاناتنا .
بقلم / محمد عبده سفيان
====