هذه المرة عين “السلطان” على “قره باغ”
حتى زيارات اردوغان للخارج تحولت الى مادة دسمة للاعلام والباحثين عن المغامرة، بسبب خطاباته غير المألوفة وتصرف حرسه الخاص بشكل فج وعدواني مع المحتجين على السياسة التركية في الداخل والخارج، فقد انتهت زيارته إلى أمريكا الجنوبية في شباط / فبراير الماضي، بأزمة وتوتر سياسي بين تركيا والإكوادور، بعد اعتداء الأمن التركي المرافق لأردوغان على متظاهرين ومتظاهرات نددن بزيارة الرئيس التركي إلى بلادهم بسبب دوره في الحرب السورية، والاعتداءات ضد حقوق الإنسان عموماً في تركيا.
هذه الحادثة تكررت في امريكا خلال الزيارة التي قام بها اردوغان للمشاركة في قمة الامن النووي، فقد ذكرت تقارير صحفية ان اعتداء الأمن التركي على متظاهرين مناهضين للسلطة التركية أمام معهد «بروكينغز» في العاصمة واشنطن، سرق الأضواء من لقاء أردوغان بنظيره الأميركي، باراك أوباما، حيث أخرجت قوات الأمن التركية أحد الصحافيين من المكان، فيما ضربوا صحافياً آخر، وألقيت صحافية أخرى على الرصيف، وتطورت الأمور حتى اضطر عناصر من شرطة واشنطن التدخل لمنع الأمن التركي من الوصول إلى المتظاهرين والصحافيين، وحاولوا منعهم من الاعتداء على أحد المصورين الموجودين في المكان.
اما موقف اردوغان من الصحافة وحرية التعبير التي قمعها في بلاده، فهي حديث الساعة، حيث بات هم اروغان تكميم افواه الاعلام الغربي ايضا فقبل ايام نشبت ازمة سياسية بين تركيا والمانيا على خلفية انتشار فيديو يسخر من سياسة اردوغان، والذي اثار حفيظة “السلطان”، الذي طالب السلطات الالمانية الى الوقوف في وجه مثل هذه الانتقادات، الامر الذي لم يلق اذانا صاغية في المانيا، التي اعتبرت حرية التعبير مكفولة لكل شخص.
اردوغان الذي درب وسلح التكفيريين القادمين من اكثر من 80 بلدا، قبل نقلهم الى سوريا، كان السبب الابرز لكل ما حصل ويحصل من دمار في سوريا، بسبب اطماعه واحلامه “السلطانية”، وكان ومازال من ابرز الاسباب التي اوصلت الاوضاع في العراق لما وصلت اليه الان، لاسباب طائفية واطماع قديمة، وهو الذي اضر كثيرا بالعلاقة التاريخية التي كانتقائمة بين تركيا ومصر، عندما تدخل بشكل سافر ولاسباب حزبية في الشان المصري.
هذه السياسة العبثية وغير المسؤولة لاردوغان، كانت السبب الوحيد والرئيسي لتمدد الفوضى والارهاب الى تركيا، والذي تجسد بالتفجيرات والاغتيالات، التي اودت بحياة المئات من ابناء الشعب التركي، واضرت كثيرا باقتصاده، وجعلته عرضه للفتن القومية والطائفية.
كان من المنطقي ان يراجع اردوغان سياسته الكارثية بعد ان راى تداعياتها المدمرة على الداخل التركي، الا ان الذي حدث كان العكس تماما، فنراه ينقل اهتمامه من سوريا ومن صراعه من الاكراد، الى منطقة، كانت ومنذ عام 1994 هادئة، وهي اقليم ” ناغورني قره باغ” المتنازع عليه بين البلدين الجارين ارمينيا وجمهورية اذربيجان، فقد اندلعت المعارك بين ارمينيا وجمهورية اذربيجان دون مقدمات وبشكل مفاجئ، واسفرت عن مقتل العشرات من الجنود من الطرفين، وهنا وبدلا من ان تدعو تركيا، كجارة لارمينيا وجمهورية اذربيجان، الى وقف اطلاق ودعوة الجانبين لضبط النفس، نرى اردوغان واثناء زيارته الى الولايات المتحدة يقول: “نصلي من اجل انتصار اشقائنا الاذربيجانيين في هذه المعارك باقل خسائر ممكنة” و يؤكد انه سيدعم اذربيجان حتى النهاية.
صحيح ان تركيا لا تقيم علاقات مع ارمينيا بسبب الخلاف حول المجازر بحق الارمن في ظل السلطنة العثمانية عام 1915 والتي تعتبرها يريفان “ابادة” وهو ما ترفض انقرة الاعتراف به، الا ان اوضاع المنطقة المنكوبة بالحروب والارهاب والفوضى، كان كافيا لمنع اردوغان من النفح في نار حرب جديدة بين بلدين جارين.
موقف اردوغان هو الذي دفع دافيد بابايان المتحدث الصحفي باسم رئاسة جمهورية قره باغ غير المعترف بها، للقول أن تركيا متورطة في تصعيد النزاع في المنطقة، فليس بامكان أذربيجان أن تسلك مثل هذا السلوك بمبادرة أذربيجانية فحسب. على الأغلب تدعمها قوى معينة، لاسيما تركيا.
الموقف التركي غير المسؤول من ازمة قره باغ بين ارمينيا وجمهورية اذربيجان، يقابله الموقف الايراني المسؤول ازاء امن واستقرار المنطقة، ففي اللحظات الاولى من بدا القصف بين الجانبين، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجیة الایرانیة حسین جابری انصاري منطقة قره باغ بین اذربیجان وارمینیا يثير قلقا شدیدا لدی الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة، وقال نطالب جارتینا الشمالیتین بضبط النفس، وتجنب ای اجراء یؤدی الی مزید من تعقید الظروف، مؤكدا على وقف فوري الجهد لاعادة الهدوء وتسویة الخلافات بالطرق السلمیة وتحت اشراف الامم المتحدة.
ايران لم تكتف بهذا الموقف، فقد اجری وزیر الدفاع واسناد القوات المسلحة الايرانية العمید حسین دهقان اتصالا هاتفیا بنظیریه الاذربیجانی والارمینی، اكد فيه علی ضرورة الوقف الفوریة وتحلی البلدین بضبط النفس والعمل علی حل الازمة عبر المباحثات والحوار.
يبدو ان العديد من المراقبين يعتقدون ان الأزمة بين ارمينيا وجمهورية اذربيجان، مرشحة للتعصيد والتعقيد، بعد التصريحات النارية التي اطلقها اردوغان، والتي تؤكد ان تركيا ستصب المزيد من الزيت على نيران ازمة قره باغ، كما صبت وتصب على نيران الازمات المشتعلة في المنطقة، ما دام “السلطان” اردوغان غارق في احلام اعادة “مجد” الدولة العثمانية.
• جمال كامل – شفقنا
====
أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا✅