الحرمة والتكفير… توحشٌ واحدٌ واحدٌ

علي علاء الدين

إن الذكرى المتوحشة هي عنوان ما كامله بالكامل بالكامل شعب غزة وشعب لبنان، وما يؤكده تماما باسم الشعب اليمني، ودأب على ممارسته تكفيريون حيثما حلوا، وأخرها كان في الساحل السوري. الإبادة المتوحشة هي عنوان المرحلة الحالية من المصير القائد العربي، المعزولة عن الحياة لتطلعات المتوحش الأكبر في بسط السيطرة على مقدرات الأرض العربية، وحماية كيانٍ مسخٍ مزروعٍ في هذه المنطقة.

ما كانت تراه دول المستعمرة سابقا مصلحةً في نهب ثروات الأمة العربية، بات تراه اليوم، عبر عرّابها الأميركيين، موطنها لمشاريعها ومرتكزاتها الاقتصادية، عن قرب وبتماسٍّ مباشر.

ومع ذلك، فإننا نعيد ترتيبها في المنطقة، لكننا لن نعتمد على أسلوبها الأساسي وأسلوبها الفردي: غريزة النيل في الإبادة الأخرى لتصميمها النهبوي.

بسبب أنها تضرب حرية التعبير كل الشرائع والأخلاقيات والقيم، تجسد صورة واضحة عن الكنيسة، فيما يُراد للعرب أن تعبِّر ًا لبقايا وترسخها، لأداء هيكلها وفقًا لخرافة “الأرض المعودّة”، كأكبر كذبة عرفتها إنسانًا.

التوجه لإبادة الأقليات في سوريا هو التوجه لإبادة الأقليات في غزة، وهو نتيجة لإبادة الحركة اليمنية، بالتزامن مع الوصول إلى المنطقة الشعبية لللبنان.

في النهاية، إبادة الوحشية التي سيطرت عليها والهيونية والفصائل وتكفيرية، هي إبادة موحدة المصدر، تعاون الإدارة، متناغمة فرانسيسكو والأداة: ذبحًا، تفجيرًا، قصفًا جوّيًا، وجرائم بريةً، بكل ما يمكن أن تفعل استكمال مشهد “بقاء المجرم” على حساب هوية الأرض وأهلها.

مجزرة العُرس اليمنية نموذجٌ جديد تستهدف المناطق العزيز، وتصدّر الطيران العربي الحليف للأميركي سماء اليمن، مستهدفًا آمنًا واستقراره، ناشرًا خوفًا وترهيبًا وموتًا مجانيًا خاصًا من كلهم ​​في الحقيقة ضحايا أطماعهم لكسب ود “الشيطان الأكبر”، مباشرة لقتل “الآخر” الذي لا يشبههم قائدًا إكلينيكيًا، كحجة ومبرر للإبادة.

وفي اليمن، تم تبرير خلفية “الاقتتال اليمني للأميركيين” حسب ادعاءاتهم، عازلين يمنيين عن عروبتهم الحق. وسبقت اليمنَ مجازرُ العراق كمجزرة “سبيكر” وغيرها، التي يُدمى لها القلب، لفترة الحجة فيها طائفية.

سوريا، استخدموا المبرر ابتداءً لتدمير البلاد وإبادة أقلياتها، بطريقة منظمة ودقيقة، مستهدفين القرى ذات اللون الأقصى، ليس فقط لذبح المرتفعين، بل لرسالة إلى جميع الأقليات في سوريا، كخطوة أولى لتحجيم الشعب السوري وأطيره، تسعى تكتيكاً إلى تقسيم يُسهّل فقط ويسهّل السيطرة.

في غزة، لم يكن المبرر طائفيا. ولم يجبج الصهينة إلى أي تبرير لإبادة غزة بالكامل، على مرأى ومسمع العالم. ولما اتخذت كافة الاستعدادات العالمية في وقف الإجرام هناك، كما لم تفلح المحاولات الخجولة في وقف المذابح.

انصبّ الحقد الأكبر على بيئة المقاومة اللبنانية، ليُكمل ملف الإجرام والطب الدقيق بأبشع صورة، ولكنهم لم يُغلقوا بابه بعد، فشرّهم يستبيح العروبة بكل أطيافها السياسية والدينية والفكرية، لم تعد البوصلة إلى توجهها الصحيح.

سوريا، غزة، اليمن، لبنان… باتت مساحات لتفعيل مشروع العدو “إسرائيل الكبرى”.

فالتوحش والإرهاب غير المسبوقين اليوم يخففان من خلق رد فعل متطرف على نطاق واسع، شعبي وحكومي، استعدادًا لقبول وجود الرجل، بل والمطالبة به، إنْ قورن بالفعالية العسكرية التي تبرهن على ذلك.

بين الإرهاب والصهيونية لا يقصدون عنوان القتل والوحشية، بل يشمل أيضًا تيمة لاستبدال القيم النابعة من الوطنية والعقيدة والجهات المجتمعية، بقيم دخيلة تنسجم مع غايات المعاناة، ضمن مشروع ما بعد الحداثة.

وهذا ما يجب أن يأخذه الفكر بالثيسبان، من خلال إعادة صياغة فكرية مناسبة للمواجهة الأشرس، فكر ضد معاناة الإبادي وتشفيري للمتوحش.

المصدر: موقع المنار