أطباء غزة هدفاً أولَ للعدو: استراتيجية «قتل الأمل»
تعز نيوز
أضيف الطبيب إياد الرنتيسي الذي كُشف أخيراً عن استشهاده إثر التعذيب والتنكيل الشديدَيْن في سجون الاحتلال، إلى قائمة الأطباء المجهولي المصير، والذين يجري الإعلان عن استشهاد بعضهم بين الفينة والأخرى، علماً أنه أُعلن قبل ثلاثة أشهر عن استشهاد الدكتور عدنان البرش جرّاء التعذيب. وتضمّ قائمة المعتقلين من قطاع غزة، 400 من الكوادر الطبية الذين اختطفتهم قوات الاحتلال وهم يمارسون عملهم، وذلك خلال حملاتها التي استهدفت المستشفيات والمؤسسات الطبية في شمال القطاع وجنوبه. ووفقاً لإحصائيات وزارة الصحة، فقد ارتقى 500 كادر طبي منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة قبل زهاء تسعة أشهر، بعضهم أعدمهم جيش الاحتلال ميدانياً في العمليات التي استهدفت مستشفى “الشفاء” غربي مدنية غزة، و”مجمع ناصر الطبي” في مدنية خانيونس.وبحسب عائلة الدكتور الشهيد إياد الرنتيسي، الذي كان يعمل مديراً لقسم الولادة في مستشفى “كمال عدوان”، واعتقلته قوات الاحتلال قبل ثمانية أشهر عند حاجز “نتساريم”، فإن ابنها قضى تحت التعذيب قبل ثمانية أشهر، لكنّ جيش الاحتلال أخفى مصيره طوال كل تلك المدّة. وإلى جانب عدنان البرش وإياد الرنتيسي، يفيد الدكتور منير البرش، في حديثه إلى “الأخبار”، بأن جيش الاحتلال اعتقل العشرات من رؤساء أقسام الأشعة والعظام والطوارئ والاستقبال خلال اقتحامه مستشفيات القطاع، إذ لا يزال مصير الدكتور أحمد مهنا، وهو مدير مستشفى “العودة” الذي اعتقله العدو خلال التوغّل الأول في حي تل الزعتر (كانون الأول الماضي)، مجهولاً. كذلك، يواصل جيش الاحتلال اعتقال الدكتور أحمد الكحلوت، مدير مستشفى “كمال عدوان” في شمال القطاع، إلى جانب المئات من الممرّضين والأطباء والفنيين الذين لا يُعرف مصيرهم إلى اليوم.
ولكن، لماذا المستشفيات؟ يزعم جيش الاحتلال دائماً بأن فصائل المقاومة تتّخذ من المؤسسات الصحية مراكز للقيادة والسيطرة، وأنها كانت تحوي غرفاً محصّنة ووصلات أنفاق تخفي فيها المقاومة الجنود الأسرى. غير أن تلك المزاعم سقطت خلال الاقتحام الأول لمستشفى “الشفاء”، وحصار “مجمع ناصر الطبي” و”كمال عدوان” و”العودة” في شمال القطاع، حيث لم يعثر جيش العدو في أيّ من تلك المستشفيات على أدلة عسكرية تثبت مزاعمه. وإلى جانب ما تقدّم، تفيد شهادات بعض الممرّضين الذين أُفرج عنهم من سجون الاحتلال، بأن الجيش الإسرائيلي يطمح، من وراء اعتقال أطباء العظام وفنيّي الأشعة والطوارئ، إلى الحصول على معلومات تتعلّق بالجنود والمستوطنين الأسرى، الذين يظنّ أنهم قد أصيبوا خلال عملية “طوفان الأقصى”، وجرى علاجهم، أو أولئك الذين أصيبوا نتيجة القصف الجوي الإسرائيلي. أيضاً، يحاول جيش الاحتلال الحصول على معلومات عن مصير عناصر وقادة المقاومة الذين أصيبوا أو استشهدوا خلال عمليات الاغتيال أو القصف المركّز الذي استهدفهم.
اعتقال واستشهاد المئات من الكوادر الطبية، مسّا بشكل حادّ في قدرة المؤسسات الصحية على أداء مهامّها
أمّا الهدف الحيوي الأهمّ، فهو مرتبط بتحويل التجمّعات السكانية في شمال القطاع تحديداً، إلى مناطق منزوعة الأمل، وغير صالحة للحياة، حيث يساهم تدمير المنظومة الصحية في انعدام سبل العلاج، ما يدفع السكان إلى النزوح من شمال القطاع إلى جنوبه. ومع أن صمود 700 ألف من سكان الشمال في منازلهم، أسهم في تقويض المخطّط، إلا أن اعتقال واستشهاد المئات من الكوادر الطبية، مسّا بشكل حاد بقدرة المؤسسات الصحية على أداء مهامّها. وفي هذا الإطار، يقول الدكتور محمد صالحة، وهو القائم بأعمال مدير مستشفى “العودة”، إن ثمة عجزاً كبيراً في أطباء العظام والأعصاب والجراحة والتخدير. ويتابع في حديثه إلى “الأخبار”: “نعمل منذ أشهر بطبيب عظام واحد، وبجرّاح واحد يعمل لمدة 12 ساعة يومياً. نعاني من عجز حادّ في الكوادر، تسبّب بحرمان الآلاف من الجرحى والمرضى على قوائم الانتظار، من الحصول على حقّهم في العلاج والعمليات الجراحية”.