مجازر متنقّلة في رفح: لا مكان آمناً
تعز نيوز|
بدأ جيش العدو، ليل الاثنين – الثلاثاء، قصفاً مركزاً على المناطق الغربية من مدينة رفح، وتحديداً أحياء السلطان والمساكن وتل زعرب، والتي تشكّل نصف المدينة الغربي الذي لم يشمله إنذار الاحتلال بالإخلاء. وكان قد نزح إلى هذا الجزء من المدينة، طوال الأسابيع الماضية، مئات الآلاف من النازحين في المناطق الشرقية لها، ليتحوّل إلى ثاني أكبر مناطق قطاع غزة كثافة واكتظاظاً. ومن دون أي سابق إنذار، تساقطت المئات من قذائف المدفعية على تلك الأحياء التي تعرّضت أيضاً لعشرات الغارات من الطيران الحربي، ليجد النازحون أنفسهم في خضمّ حصار ناري غير مسبوق.وبحسب ما روت النازحة أم محمد سكوت، فقد بدأت قذائف المدفعية تتساقط على الشوارع والمباني على نحو عشوائي منذ الساعة الـ 10 من مساء الاثنين، واستمرت بالكثافة نفسها حتى ساعات شروق الشمس، أمس. وتعمّد الاحتلال تكرار قصف المنازل التي يستهدفها بالطيران الحربي فور تجمع المواطنين وطواقم الدفاع المدني لإجلاء الجرحى والشهداء، ما ضاعف أعداد الضحايا. وبحسب إحصائيات الدفاع المدني، فقد تسبّب استهداف جيش العدو المدنيين في المنازل ومراكز الإيواء والخيام، خلال الأيام الثلاثة الماضية، باستشهاد نحو 100 نازح، وإصابة المئات، وسط واقع صحي متردّ، حيث لا مستشفيات تعمل في المدينة، بينما يتقصّد الاحتلال استهداف المستشفيات الميدانية، ومن بينها المستشفيان الكويتي والإماراتي اللذان تعرضا لقصف تسبب باستشهاد عدد من الكوادر الطبية والنازحين.
وصباح أمس، بدأ الطوفان البشري برحلة نزوح جديدة، حيث غادرت آلاف الأسر والعائلات الجزء الغربي من المدينة إلى المجهول، بعدما فوجئ السكان بتمركز الدبابات على تلة زعرب. ويقول الحقوقي عبد الله شرشرة، وهو أحد النازحين في رفح، إن قوات العدو قامت مع ساعات الفجر بتطوير الهجوم على الجزء الغربي من المدينة، بعدما سرّبت قبل يوم واحد معلومات عن سحب لواء «جفعاتي» من العملية البرية في تلك المنطقة، وذلك عقب مجزرة البركسات التي راح ضحيتها 35 شهيداً من النساء والأطفال، حرقاً وتقطيعاً. وأوحت هذه القوات بأنها قد تتّجه إلى تجميد العملية بشكل مؤقت، لكنها بدلاً من هذا اندفعت بالدبابات ولواء جديد زجّت به إلى المعركة لينضمّ إلى خمسة ألوية أخرى، ووصلت إلى دوار العودة الذي يحمل رمزية كبيرة. أيضاً، وصلت الدبابات إلى تلة زعرب، ليسيطر جيش الاحتلال على 90% من «محور فيلادلفيا» الذي يفصل القطاع عن شبه جزيرة سيناء.
والمشهد الإنساني الذي حملته ساعات الظهيرة في المدينة، لم يكن أفضل حالاً من ساعات المساء، حيث جدّد جيش الاحتلال قصف تل السلطان والمساكن، بينما كان الأهالي يهيمون في الشوارع بحثاً عن وسيلة مواصلات تنقلهم إلى المناطق التي يصنفها العدو آمنة. وفي هذه الأخيرة، ارتكب الاحتلال مجزرة أخرى راح ضحيتها 25 شهيداً، إذ قصف خيام النازحين في مواصي رفح بعدد من القنابل الثقيلة. وإزاء المجازر المتنقلة تلك، والنسق الذي يجري به إخلاء المدينة من النازحين، أصدرت حركة «حماس» بياناً رأت فيه أن ذلك «يمثل الرد الإسرائيلي على قرار محكمة العدل الدولية الملزم بوقف العملية البرية في مدينة رفح». وفيما أصدرت عشرات الدول الأوروبية والإقليمية بيانات شجب واستنكار، تشير المعطيات الميدانية إلى أن العدوّ ليس في وارد اتخاذ تدابير أكثر حزماً لحماية المدنيين، أو وقف العملية البرية في رفح.
جريدة الأخبار