بشاعة الكاريزمات.. الوجه الثاني من عملة الشياطين!
فالمتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك، اعلن، أن مسلحي تنظيم “داعش” في ليبيا، يشكلون تهديدا على الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة.. وهذا ما يجعلنا نراجع مدى المأزق الذي خلقه لنا البعض من الحكام العرب الذين يتبجحون بشكل مستمر باهتمامهم بالصف العربي..
اميركا التي تبعد الاف الكيلومترات من الشرق الاوسط تحتل افغانستان وتدمر العراق وليبيا وتقف الى جانب “اسرائيل” ضد الفلسطينيين والعرب عامة.. قامت بما قامت به تحت ذريعة واحدة، الامن القومي الاميركي…
فرنسا تقصف الاراضي العربية وتخترق اجواءها، تحت مسمى الامن القومي، المانيا واوروبا يصل بها الحال الى تقديم الاتاوة والرشوة لاردوغان، لإيقاف تدفق الهاربين من الحرب، تحت يافطة حماية الامن القومي.. فاليس من الأجدى ان نسأل اؤلئك الذين يعتبرون انفسهم قادة العالم العربي وحتى الاسلامي ويشكلون التحالف تلو التحالف.. ماذا عن الامن القومي العربي؟
تُشير كل المعطيات ان زمام الامن القومي العربي بات تستولي عليه ثلاث جهات: السعودية وتركيا و”اسرائيل”.. اما السعودية فهي تسعى ومنذ امد طويل لتُعقر الناقة، لانها تريد كل العالم الاسلامي، مشذبا من المالكية والحنفية والشافعية والزيدية والاباضية و”الروافض” كما يقولون.. واما اردوغان تركيا فقد ركب حمار الشيطان ولايريد النزول، اما الاخوان او القاعدة.. مستقطعا منه العرب لانهم وقفوا مع البريطانيين ضد الخلافة العثمانية..
واما “اسرائيل” فهي تريد الارض من النيل الى الفرات (“ارض بلا شعب، لشعب بلا ارض”!)…
هذا هو الامن العربي المعاصر.. فالقذافي لم يقتل لانه كان ديكتاتورا، فلو قتلت الشعوب العربية كل ديكتاتور لما بقي حاكم يحكم هذه البلاد التي ابتليت بالنفط.. وقد يسخر منا البعض وهذه صفة اجتماعية عربية لا غبار عليها، قُتل القذافي لانه اوصل الماء الى كل منزل في ليبيا، وامتنع بذلك عن شراء الماء من الغرب.. فقبل اكتشاف البحيرات الجوفية للمياه العذبة.. كان القذافي في مأمن من السخاء الغربي.. فقد كان يبيع النفط ويشتري بمليارات الدولارات الماء الصالح للشرب.. والأنكى من ذلك انه اراد ان يتعامل بالذهب ويصدر عملة افريقية موحدة ويتعامل بالذهب بدل الدولار الاميركي.. وهذا كان يعني الخروج من الطاعة..
وهذا ينطبق بالكامل على سوريا التي شقت عصى الطاعة منذ ظهور الرئيس الراحل حافظ الاسد، لانها لم تكن حاضرة لتساوم على القضية الفلسطينية ولذلك تآمروا عليها كما يفعلون اليوم مع نجله بشار الاسد.. فتركيا لم تغفر للراحل حافظ الاسد تصديه للاخوان المسلمين في سوريا حينها، الذين قاموا بما يقومون به اليوم في مصر، من اغتيالات واعمال عنف وقتلهم مجموعة من طلاب مدرسة المدفعية.. ثم محاولة اغتيال فاشلة للرئيس حافظ الأسد في عشرين حزيران عام 1980..
وعلى الرغم من اننا لا نميل لنظرية المؤامرة، ونقولها للتذكير ان حرب صدام وبدعم الغرب ومعظم دويلات الخليج الفارسي والسعودية ضد الثورة الاسلامية الايرانية، تم إشعالها في ايلول سبتمبر عام ثمانين، اي ثلاثة شهور بعد فشل الاغتيال، لمجرد موقفه من الثورة الاسلامية في ايران.. واما الرئيس السوري الحالي بشار الاسد.. فقد ظن العديد من العربان انه اضعف من ابيه ويمكن شراؤه كبعض الزعامات العربية الاخرى مقابل قطع علاقاته بالتنظيمات الفلسطينية المقاومة وايران، الى جانب ارضائه لتركيا في مد انابيب الغاز القطرية، والتي كانت امتدادا للحرب على ايران.. وحين امتنع الرجل عن خيانة عقائده الوطنية والقومية، وتوجها بوقوفه ضد مشروع الغاز الاميركي المعروف بنوبوكو، والاصطفاف الى جانب روسيا في حرب الطاقة في المنطقة الى جانب الإعلان عن اتفاقية لإنشاء خط أنابيب غاز طبيعي إسلامي لنقل الغاز الطبيعي الإيراني إلى أوروبا في يناير 2011.. حيث كان من المقرر ان يتم تشكيل اجتماع ثلاثي بين ايران والعراق وسوريا بعد شهر، اي في فبراير لمناقشة تطبيق الاتفاقية.
وهنا جن جنون الجميع.. فهم لم يتحملوا ايران في المنطقة فكيف اذا وصلت الى البحر المتوسط.. ولان الامن القومي العربي يعني الانبطاح لـ”اسرائيل” واميركا.. وهذه مهمة اوكلت للسعودية وتركيا.. لم يمض سوى شهرين ايضا، اي في مارس 2011، حتى بدأت الاحداث في سوريا وفتحت الابواب امام كل الارهابيين في العالم (80 دولة) بهدف إسقاط الدولة..
ولم يكن متوقعا ان يصمد الجيش السوري ولا الدعم الايراني ولا دخول حزب الله على خط المواجهة.. ولذلك نرى انهم مدوا الارهاب بكل ما استطاعوا من قوة، ظنا منهم ان الحصار قد انهك ايران، ولذلك يمكن على اقل تقدير ابتزازها في المفاوضات النووية للتخلي عن الشعب والقيادة السورية، واللاملاء عليها كيفما يشاؤون.. وهو الآخر فشل.. وإيجاد الفوضى والاختلاف في لبنان بطرق مختلفة ومنها حركة الاسير.. ثم تقديم الرشوة لسعد الحريري تحت عنوان هبة سعودية مشروطة بالضغط على حزب الله للانسحاب من سوريا..
ويجب ان نذكر هنا كل من يتغافل او لا يعلم ان طبيعة تقديم الهبة، كانت بحد ذاتها اهانة كبيرة للحكومة والشعب اللبناني، اذ كيف يمكن ان تعطى مقدمة الهبة لعضو في البرلمان اللبناني كسعد الحريري ولاتقدم للحكومة اللبنانية.. وهنا لانريد ان نقول ما هو المبلغ الذي تسلمه النائب سعد الحريري لتمرير ما اشترطته السعودية عليه.. لكن الامور واضحة من الازمة الرئاسية وحتى النفايات.. وهذا فشل ايضا.. ناهيك عن المهزلة الفاشلة في اليمن والعجزالمالي الذي يعانيه بني سعود..
وما زاد الطين بلة كما يقال، دخول الروس على الخط والانتصارات المتتالية للجيش السوري وحلفائه والوصول الى مشارف الحدود مع تركيا.. الامر الذي جعل السعوديين في حيرة من امرهم.. فان لم تتمكن على فلان، فابصق في دربه ربما ينزلق.. وهكذا توصل العقل البدوي ان الحل في قطع الهبة عن الجيش اللبناني… مهددين ان القادم اعظم.. اهانة اخرى لكرامة لبنان.. وفضيحة تكشف حقيقة المسؤولية السعودية تجاه الامن القومي العربي..
* رائد دباب