العدوان وتكتيكات الإلهاء
#أصوات_تعزية
كل غزو واحتلال مهما قوي وعظم شأنه يظل لديه هاجسان يجب أن يتعامل معهما عندما يقرر عدوانه على أي بلد وغزوه واحتلاله، أولهما: ضمان عدم النظر إليه كغاز ومحتل أو خفض ذلك للحد الأدنى، ثم السعي للرضا عنه وربما يصل إلى حد الترحيب به، وهذا ما يتم العمل عليه وإنجازه قبل الغزو من خلال خلق الخلافات وزرع الفتن وتفتيت النسيج الاجتماعي للمجتمع في البلد المراد غزوه واحتلاله، وغالبا ما ينجح في ذلك، وهذا هو هاجسه أو همه الأصغر.
أما هاجسه الأكبر الذي يلازمه ويظل يؤرقه كثيرا بعد الغزو فهو ضمان عدم صحوة المجتمع لغزوه واحتلاله، وتشكيل مقاومة ضده، فيلجأ لمرحلة التفتيت الثانية، وهي مرحلة التفتيت المؤلم للمجتمع من خلال خلق خلافات وهمية بين من يوالونه في المجتمع بإذكاء فتن لا وجود لها وخلق صراعات على أسس مناطقية جهوية أو عنصرية أو عرقية أو طائفية أو مذهبية وغيرها، وتخويف مواليه بعضهم من بعض، وذلك لإلهاء أبناء المجتمع بمعارك وبطولات وهمية ضد بعضهم البعض. ويهدف من هذه المرحلة إلى ضمان بقائه كمرجعية لهم لحل خلافاتهم بزيادة الهوة وإشعال الصراع بينهم أكثر، وأيضاً العمل على إدامة الصراع ليتسنى له تنفيذ مشاريعه وتحقيق أطماعه الاستعمارية بسهولة ويسر ودون كلفة، بل حتى وإن وجدت فيتحملها من يوالونه.
إن ما يحصل حاليا في المحافظات المحتلة لهو خير دليل على ذلك، فلكي يتسنى للمحتل إقامة قواعد عسكرية استخباراتية بدءا من الجزر اليمنية من ميون إلى سقطرى وصولا إلى ميناءي المخا وعدن، عليه أن يقسم المليشيات التابعة له إلى فصائل متناحرة فيما بينها (بدلا من توحيدها)، كما هو حاصل الآن بين مليشيات “الانتقالي” والإخوان وأبوالعباس ومليشيات طارق عفاش… وجميعها مليشيات تابعة له، وخلق معارك وهمية بينها يديرها ويتحكم بها هو، فتلك تتحرك بأمره ووفق توجيهاته من شبوة إلى أبين، وتلك تسيطر على المعافر والشمايتين في تعز الحجرية، وتلك تنسحب من المعاشيق، وتلك تسيطر على المعاشيق… فكل تحرك لأي من هذه المليشيات يتم بأوامر وتوجيهات منه.
إنها خطط وتكتيكات المستعمر البريطاني القديم الحديث، القائمة على مبدأ وفكرة “فرق تسد”، فلا يسمح لتلك المليشيات أن تنتصر وتسيطر سيطرة كاملة، ولا يسمح للأخرى أن تهزم هزيمة كاملة، والمجتمع يبقى دائما مشدودا لتلك الصراعات والمعارك الوهمية بين فصائل المحتل، فتجده يوماً يصطف مع هذا الفصيل ويوماً مع ذلك الفصيل، وهو غير مدرك أنه هو الخاسر الأكبر، بينما الغازي المحتل هو المستفيد، وهكذا تستمر اللعبة ويستمر إلهاء المجتمع واستنزافه.
هذه هي سياسة الاستعمار الغربي عموما، والبريطاني خصوصا، وما من سبيل لمواجهة هذه السياسات التمزيقية والتدميرية سوى الثورة على المحتل وكافة مليشياته وفصائله ومرتزقته.
د. مهيوب الحسام
#المركز_الإعلامي_لأنصار الله_تعز
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام