بديل بريطاني علنيّ في الحرب على اليمن
تعز نيوز- تقارير
بريطانيا إلى جانب أمريكا هي من الأطراف الأساسية المخططة للحرب التي شنتها قوات سعودية ـ إماراتية على اليمن منذ سنوات خمس بإسناد مصري ـ “إسرائيلي” سوداني ومتنوع.
كان الدور البريطاني مساهماً في التخطيط والإشراف والتسليح إلى جانب أمريكا، إلا أنها انتقلت إلى مرحلة الهجوم الجوي المباشر منذ شهر تقريباً ودفعت بعديد بري محدود يؤدي دور القيادات الميدانية المباشرة لألويّة سعوديّة تلعب دور خط الدفاع الثاني داخل المملكة وعلى مقربة من الحدود مع مأرب وحتى جيزان ونجران وأعالي صعدة.
لماذا هذا التغيير؟ وما هي مظاهره الواضحة؟
لا بدّ من التأكيد أن هناك إجماعاً عالميّاً يعتبر الحرب على اليمن حربين معاً، أمريكية بالمفهوم الجيوبولتيكي وسعودية بالمفهوم الاستراتيجي، أما بالنسبة للإمارات فهي انسجام مع رعاتها الأمريكي الدولي والسعودي الإقليمي.
الملاحظ هنا أن العام 2020، اتسم بهزائم سعودية ـ إماراتيّة في معظم جبهات القتال أمام قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية، انعكست هذه الهزائم في معظم الساحل الغربي وأعالي صعدة ومأرب والجوف والبيضاء.
هذا استتبع على الفور انتقال قوات الجيش واللجان إلى مرحلة تنظيم هجمات في معظم المحاور مع قصف شديد متقطع على الداخل السعودي استهدف أهدافاً نفطية واقتصادية وعسكرية على مستوى وزارة الدفاع ومديرية المخابرات في العاصمة السعودية الرياض.
ففهم الغرب أن قصف مصفاة أرامكو هو رسالة لاقتصاده المرتبط بالنفط السعودي، مستوعباً أيضاً أن قصف وزارة الدفاع والمخابرات في الرياض هو بدوره رسالة استراتيجية للارتباط السعودي الاستراتيجي بالغرب وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
إذن، هناك تقهقر سعوديّ إماراتيّ في حربهما على اليمن يترافق مع صراع حاد بينهما أيضاً للسيطرة على جنوب اليمن يرتدي شكل معارك عسكرية ضخمة بين “قوات هادي”، الرئيس المزعوم لليمن الذي عيّنته السعودية، وبين قوات “الانتقالي” الذي تدعمه الإمارات، وبين حزب الإصلاح الإخواني المسنود من تركيا.
بالتوازي هناك تراجع أمريكي في عموم الشرق الأوسط دوافعه الأساسية تتمثل في دخول الأمريكيين مرحلة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ما يضطرهم إلى الاكتفاء بأضيق القرارات على المستوى الدولي ومنه اليمن، حتى لا يرتدّ سلباً على هذه الانتخابات خصوصاً على الرئيس ترامب الذي يعمل ما في وسعه لولاية ثانية.
كما أن هناك أسباباً بريطانية صرفة تدفعها لتورط إضافي أساسي في حرب اليمن.
فإذا كانت السعودية حسب موقع “ديكلاسوفايد” دفعت 6 مليارات جنيه لبريطانيا في السنوات الـ5 الماضية مقابل مساعداتها لقوات الغزو السعودية في الحرب على اليمن، فكم تراها تطلب لإسناد مباشر منها للمحور السعودي الإماراتي المهزوم؟
هذا بالإضافة إلى حلمها بعودة دورها الاستعماريّ القديم خصوصاً في مناطق يمنية تفوح منها رائحة الغاز، وربما في الربع الخالي السعودي الذي يكتنز كما تقول مصادر غربية أكبر احتياطات غاز في العالم.
كما أن لبريطانيا محاولات لتأسيس قاعدة عسكرية في سقطرى، وذلك بعد تأمين “سيناريو” يدّعي الصومال فيه أن سقطرى “صوماليّة” بسكانها وجغرافيّتها الملاصقة لسواحله أكثر من قربها للساحل اليمني.. ويقوم الصومال بعد ذلك ببيعها للإمارات لإنشاء مؤسسات سياحية واقتصادية فيها، مقابل حماية أمنية من قاعدة بريطانية.
إن هذه المعطيات تبرز المشاركة البريطانية المباشرة في قصف جوي على اليمن، تعدّى الـ100 غارة في مأرب وصرواح ونهم وجبهات الساحل التي تعرضت بمفردها لـ55 خرقاً خلال اليومين الماضيين، وقصفت مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية 117 مرة على التوالي.
إجمالاً هناك دور أكبر للقوات البريطانية في اليمن إلى جانب الغزاة السعوديين والإماراتيين، يشمل أعمال التخطيط والتنظيم والتدريب والقيادة والاشتراك المباشر في عمليات القصف الجوي التي ترتبط بأقمار صناعية أمريكية وبريطانية تحدد الأهداف، بالإضافة إلى خدمات بحرية تتولاها مباشرة قطع حربية بريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن مع امتداداتهما نحو البحر المتوسط من جهة وبحر الخليج من جهة ثانية.
بريطانيا ذاهبة إذن لتعزيز دورها على حساب التراجع الأمريكي الشرق أوسطي والتقهقر السعودي ـ الإماراتي، فهل تنجح؟
لقد نجح اليمنيون في 5 أعوام في الانتصار على قوات أكثر تسليحاً ومهارة من القوات البريطانية وهم مجموع الأمريكيين والسعوديين والإماراتيين و”الإسرائيليين” والسودانيين والمصريين وآخرين، بما يعني أن البريطانيين لن يكونوا أكثر فائدة، وقد يقتصر دورهم على حماية بني سعود داخل مملكتهم من احتمالات انتقال اليمن المنتصر إلى مرحلة الهجوم على الأراضي السعودية، ما يهدّد فعلياً الاستمرار السياسي لهذه العائلة.
د. وفيق إبراهيم – كاتب وباحث سياسي لبناني