“أمريكا” بدء الحصاد المر
#أصوات_تعزية
تربعت أمريكا على عرش النظام الدولي الساقط الذي تشكل عقب الحرب العالمية الثانية عام 1945 بحكم المنتصر دونما شرعية ديمقراطية ولا حتى توافقية دولية، ناهيك عن تغييب شعوب العالم، ثم قادته بزهو الانتصار وغرور الهيمنة من استكبار وطغيان إلى ظلم وإجرام ليس فقط في الولايات المتحدة الأمريكية التي تأسست على إبادة سكانها الأصليين (الهنود الحمر)، بل في العالم كله، واحتلت دولا مستقلة ذات سيادة بحسب قوانين النظام الدولي ذاته، وبدعاوى كثيرة ومتعددة ومبررات وحجج واهية وأباطيل، منها: نشر الحرية التي لا تمتلكها، وفرض الديمقراطية التي لا تعرفها ولا يعرفها الشعب الأمريكي، والمساواة التي تميز بين المواطنين الأمريكيين على أساس اللون والعرق وحقوق الإنسان التي تظهر جليا في الانتهاكات اليومية ضد الأمريكيين السود بالداخل.
لا تتردد أمريكا يوما في انتهاك قوانين هذا النظام الدولي عندما يتعلق الأمر بغيرها من دول العالم، رغم وجود القطبية الثنائية المتشكلة بعد الحرب العالمية الثانية، المتمثلة بوجود الاتحاد السوفييتي ومعسكره الشرقي والذي شكل معها ومعسكرها الغربي توازنا إلى حد ما في ردع الحروب بعض الشيء لا توازنا في إرساء السلام المبني على القيم حتى انهياره في تسعينيات القرن الماضي وبتآمر أمريكا ومعسكرها الغربي.
لقد شكل انهيار المعسكر الشرقي انتهاء للعمر الافتراضي للنظام الدولي نفسه ليدخل العالم كله تحت حكم القطب الأمريكي الواحد المبني على قيم الظلم والإجرام.
وبعد عشر سنوات من العام 1990 شعرت أمريكا أنها تحكم العالم دون غطاء أو شرعية أو عقد دولي، فبدأت تخطط لافتعال حروب تحت غطاء ما يسمى محاربة الإرهاب والتطرف الإسلامي الذي صنعته بنفسها لمحاربة القطب الآخر (الاتحاد السوفييتي) حينها في أفغانستان، فقامت بصناعة أحداث 11 سبتمبر 2001 لتطلق العنان لنفسها أكثر في الحروب الإجرامية تحت ما يسمى مكافحة الإرهاب المزعوم حول العالم، وتحت شعار واضح “من ليس معنا فهو ضدنا”، واحتلت أفغانستان والعراق، وبعدها اتجهت نحو ليبيا وسوريا ثم اليمن لتفشل ويفشل مشروعها بسبب وقوف محور المقاومة في وجهها.
لم تتوان أمريكا منذ توليها قيادة النظام الدولي في زرع المشاكل والفتن والصراعات والحروب في كل أرجاء العالم، ولم تتردد في استخدام القوة العسكرية في كل دول العالم التي تخالف سياستها وتوجهاتها وهيمنتها. لم تراعِ عرفا ولا قانونا دوليا ولا قيما دينية ولا أخلاقية ولا حرية ولا حقوق إنسان ولا عدلاً ولا مساواة ولا إنصافاً، حتى جاء الوقت الذي تتجرع فيه بعضا مما أذاقته لشعوب العالم.
لقد بدأ الآن موسم الحصاد المر لأمريكا ومن خلال ثورة شعبية عارمة خرج فيها الشعب الأمريكي يطالب بالحرية والعدل والمساواة، وهي القيم التي كان يتغنى بها النظام الأمريكي وإداراته المتعاقبة ويزايد بها على العالم وارتكب أبشع وأفظع الجرائم بحق شعوب العالم باسمها ليتعرى هذا النظام الأمريكي وينكشف تضليله وزيفه وادعاءاته الباطلة عن القيم الأمريكية والغربية عموما أمام شعوب العالم كلها، تلك القيم التي لا وجود لها أساسا بل إن ما ثبت هو العكس تماما.
د. مهيوب الحسام
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه