مفهوم التنمية الاقتصادية في المشروع القرآني”3″
تعز نيوز- تقارير
بعد إن تم الترويج لفكرة التنمية الشاملة، والمُستدامة، والقائمة على المساعدات الخارجية، ومنح القروض الربوية، وكان من أكبر مروجي تلك الفكرة، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؛ جاءت عدة تجارب عالمية، تدحض إمكانية نجاح تنمية اقتصادية شاملة تعتمد على الدعم الخارجي، والمساعدات الدولية، والقروض الربوية.
وبالرغم من الوعود بمشاريع التنمية، وأحلام المساعدات السخِّية التي تُقدِّمها المنظمات المالية الدولية للدول النامية، ومنها الدول العربية، والإســلامية؛ لكن سرعان ما ظهر على السطح فشل، وإخفاق، تجارب التنمية، لاسيَّما بعد تلاشي ما وعدت به من تطورٍ اقتصادي، وليس هذا من العجيب طالما وإن تلك الوعود بالتنمية التي إن تحققت فإنها تكون في شكل قروضٍ ربويةٍ مُنهكة، يتم توظيفها في مشاريع لا تخدم الاقتصاد، ولا تُحدِث أيَّة تنمية اقتصادية حقيقية، وهذا ما يجزم به الشهيد القائد، حيث يُبيِّن أن كل ما نسمعه من دعاوىٍ عن التنمية، هي خطط فاشلة، ويترتب عليها فوائد ربوية، يقول: “يقولون لنا: بأن التنمية هي كل شيء، ويريدون التنمية، ولتكن التنمية بأي وسيلة وبأي ثمن! نحن نقول: لا نريد هذا، وكل ما نراه, وكل ما نسمعه من دعاوى عن التنمية, أو أن هناك اتجاه إلى التنمية كلها خطط فاشلة، كلها خطط فاشلة، متى ما وضعوا خطة تنموية لسنين معينة، انظر كم سيطلبون من القروض من دول أخرى؟ هذه القروض انظر كم سيترتب عليها من فوائد ربوية، ثم انظر في الأخير ماذا سيحصل؟ لا شيء، لا شيء”.
ويُقدِّمُ الشهيد القائد العديد من الشواهد التي تدحض مزاعم دول الغرب الرأسمالية بجدوى مشاريع التنمية في أن هناك نمواً في الأسعار، وغياب النمو فيما يتعلق بالبُنى التحتية الاقتصادية، يقول: “نحن نسمع كلمة: التنمية كل سنة، وكل أسبوع، ونحن نرى نمو الأسعار، أليس كذلك؟ ما الذي يحصل؟ هل هناك نمو فيما يتعلق بالبنى التحتية الاقتصادية؟ أو أن هناك نمواً في الأسعار؟ أليس هناك غلاء؟ أليس هناك انحطاط في النفوس والقيم؟ ليس هناك تنمية لا في واقع النفوس، ولا في واقع الحياة”.
وبعد إن قدَّم الشهيد القائد التشخيص الدقيق لمفهوم التنمية الاقتصادية، التي تعد في الحقيقة هيمنة اقتصادية، فإنه يصل إلى حقيقية مفادها أنه لا يوجد تنمية اقتصادية حقيقة، يقول:
– “التنمية هذه التي تسمع عنها، تنمية، هل تعتقد أنها تنمية حقيقية؟ هم يحذرون من أن يعطوك تنمية حقيقية تعطيك بنية اقتصادية حقيقية تقف على قدميك فوق بنيانها أبداً”.
– “…لتروا الأمر صادقاً انظروا إلى أي بلد عربي هل هناك تنمية؟ داخله تنمية حقيقية؟ هل هناك أي بلد عربي أهله أصبحوا يكتفون بأنفسهم فيما يتعلق بقوتهم وحاجاتهم الضرورية؟. لم نعد كأولئك العرب، ألم يكن هناك أسلاف لنا في هذا الشعب, وفي ذلك الشعب من قبل مئات السنين، ألم يكونوا يعيشون؟ أصبحنا الآن لا نمتلك أن نعيش كأولئك الذين عاشوا قبل ألف سنة، هل تفهمون هذا؟ أصبحنا الآن غير قادرين على أن نعيش كأولئك من أجدادنا الذين عاشوا قبل ألف عام؟ إذا ما قطع كلما يأتينا من عند أعدائنا. فهل هذه التنمية أم هذا خنق للأمة؟ خنق للشعوب؟ إذاً نقول: لا تخدعونا، لا تخدعونا بالتنمية؟”.
وفي ضوء ذلك، فقد استطاع الشهيد القائد أن يُقدِّم التشخيص الدقيق لما تعانيه هذه الأُمَّة من الناحية الاقتصادية، ويُقدِّم في الوقت نفسه، الحلول، والمعالجات الناجعة، والعملية، الكفيلة ببناء الأُمَّة، البناء القوي في المجال الاقتصادي، لاسيَّما وأنه يصب جُلّ اهتمامه بالجانب الاقتصادي، التي يرتبط به عزة الأُمَّة، وقوتها، وذلك من منطلق تأكيده بأن الإسلام يهتم بالجانب الاقتصادي، فيمَّا يتعلق بالأُمَّة، حيث يقول: “الإسلام يهتم جداً فيما يتعلق بالمسلمين بالجانب الاقتصادي لعباد الله، بالجانب الاقتصادي للمسلمين”.
ويُضيف بالقول: “الجانب الاقتصادي بالنسبة للمسلمين مهم في أن يستطيعوا أن يقفوا في مواجهة أعدائهم، في أن يستطيعوا أن يقوموا بواجبهم وبمسئوليتهم أمام الله من العمل على إعلاء كلمته ونصر دينه، ونشر دينه في الأرض كلها”.
وفي ضوء اتساع مفهوم الصراع مع الأعداء، وشموليته، ومدى قدرة الأُمَّة على بناء نفسها، ومواجهة أعدائها؛ يُمكنُ أن نستشف تشخيص الشهيد القائد للتنمية الاقتصادية الحقيقية، بأنها التي تجعل الأُمَّة قادرة على مواجهة أعدائها، حيث يتساءل: “أين البناء الاقتصادي، والتنمية الحقيقية التي تجعلنا أمة تستطيع أن تقف على قدميها؟ إننا نعيش الألم النفسي، نعيش ألماً شديداً ليس من نقص في الفيتامينات إنما من نقص في الكرامة وفي العزة، نقص في الحياة الكريمة التي أراد ديننا أن تتوفر لنا، نعيش الألم فأين هو العلاج؟”.
ومن منطلق تأكيده بأن: “الاقتصاد هو صمام مُهم في ميدان المواجهة”، يقول الشهيد القائد: “إن من المعروف أن نقول للآخرين: إن عليكم أن تهتموا بالجانب الاقتصادي فتجعلوا الشعوب قادرة على أن تقف على أقدامها مكتفية بذاتها فيما يتعلق بقوتها الضروري؛ لتستطيع أن تقف في مواجهة أهل الكتاب، أليس هذا من المعروف؟”.
الهوامش:
السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً، 2002م.
السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدى القرآن الكريم، سلسلة دروس معرفة الله، وعده ووعيده، الدرس الرابع عشر، 2002م.
السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، لَتَحْذُنّ حَذْوَ بني إسرائيل،2002م.
السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، سلسلة دروس سورة آل عمران، الدرس الأول، 2002م.
السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، سلسلة دروس سورة آل عمران، الدرس الثالث، 2002م.
*#مركز_الشهيد_الصماد_للدراسات_والبحوث
إعداد/ أحمد يحيى الديلمي
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه