غريفيث يُمهد لهدنة ملغومة.. فهل يُكتب لها النجاح؟
هُدنةٌ بعد أخرى يُعلنها تحالف العدوان في اليمن على أمل استجماع قوّته فبعد هُدنة الأسبوعان التي انتهت مع حلول شهر رمضان المُبارك، أعلن تحالف آل سعود عن هُدنة أخرى تمتد طيلة الشهر الكريم، وجميع هذه الهُدن ليست كانت من جانبٍ واحد، كما أنّها ليست أكثر من محاولة لتجميع القوى بعد الخسائر المُتتالية التي لحقت بتحالف العدوان، واقتراب أنصار الله والجيش اليمني من الحدود السعودية، أما الغريب بالأمر هو الحديث الذي يدور في أروقة الأمم المتحدة عن هُدنة أخرى يسعى بها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، والذي حاول تقديم بعض المُحفزات لأنصار الله للقبول بهذه الهدنة الملغومة.
القاضي والخصم
آخر الأخبار الواردة من اليمن تقول إنّ غريفيث يُحاول التوصل لهدنة دائمة في اليمن ووقف لإطلاق النار، والبدء بإجراء مفاوضات لإنهاء تلك الحرب، ومن أجل التوصل لهكذا هدنة يحاول غريفيث تقديم بعض المُحفزات لحركة أنصار الله والحكومة اليمنيّة من أبرزها إعادة افتتاح مطار صنعاء الدولي، وميناء الحُديدة، وهذان المطلبان ما كانت حركة أنصار الله تؤكد عليهما في أيِّ مُحادثات.
آل سعود وكما تقول الأخبار رحّبوا بهذه المُبادرة وأعلنوا استعدادهم للقبول بها، لكن السؤال الأبرز هنا، لماذا الآن؟ فبعد خمس سنوات من الحرب الشعواء التي شنّها آل سعود على اليمنيين، يُحاول المبعوث الأممي ومن خلفه آل سعود الحصول على هدنة بأيِّ ثمن، الأمر الذي يفضح تآمر غريفيث مع آل سعود ضد حركة أنصار الله والحكومة اليمنيّة، في مُحاولةٍ منه لإخراج قوّات آل سعود ومُرتزقة عبد ربه منصور هادي من مأزقهم، بعد أنّ وصل الحال بهم إلى الاقتتال فيما بينهم.
أكثر من ذلك؛ فإنّ مُبادرة غريفيث هذه وعلى الرغم من أنّها تُعطي أنصار الله ما كانوا يُطالبون به دائمًا بهدف فك الحصار عن الشعب اليمني، غير أنّ توقيت هذه المُبادرة مُثيرٌ للريبة، خصوصًا مع سيطرة أنصار الله مُحافظة الجوف، وتقدمها على العديد من الأراضي من مُحافظة مأرب المُجاورة، وهو الأمر الذي بثّ الرعب في نفس حكومة آل سعود وحكومة المُرتزق هادي، حيث تحتضن هذه المنطقة غالبية آبار النّفط واحتياطاته.
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
منذ العدوان الذي شنّه آل سعود والإمارات على اليمن قبل خمس سنوات أطلق هذا التحالف العديد من الهُدن، ليتبيّن بعدها أنّ هذه الهُدن ما هي إلّا محاولة لالتقاط الأنفاس ومواصلة القتال من جديد، ليبدأ بعدها التصعيد العسكري من جديد، وعلى هذا الأساس؛ وعلى الرغم من تنفيذ مطالب أنصار الله والحكومة اليمنية؛ غير أنّه من المتوقع أن لا تُثمر هذه الهدنة عن شيء عملي، فالمبعوث الأممي معروفٌ بانحيازه لقوى العدوان، والجميع شهد على عدم حياديّته أو حتى بذله أقل الجهود من أجل الضغط على تحالف العدوان.
لا يتسع المجال لذكر كافة انحيازات المبعوث الأممي أو آل سعود بتعهداتهم المُتفق عليها، فوقائع الميدان تحكي قصصًا عن تصعيد ميداني خطير للغاية يتضمن مئات الهجمات من قِبل تحالف العدوان بما يشمل القصف الجوي والمدفعي، الأمر الذي يؤكد أنّ هذه الهدنة ليست سوى رغبة في شراء الوقت وتأمين «استراحة» للرياض المنهكة والضائعة في ظل انشغالاتها من بكورونا وانهيار أسعار النفط.
وعلى هذا الأساس فإنّ المطلوب هو إنهاء الحرب بشكلٍ كامل وتام، وسحب آل سعود لمرتزقتهم من المناطق التي احتلوها في اليمن، ناهيك عن فك الحصار المفروض على اليمنيين والذي أدى لتجويعهم وإفقارهم، وهكذا اتفاق لا يبدو أنّ المبعوث الأممي يسعى له، محاولة تمييع القضية اليمنية واختصارها ببضعة هُدن فاشلة هدفها الأصلي إنقاذ آل سعود من ورطتهم في اليمن.
وأخيرًا ومن نافل القول تذكّر قول المُتنبي (وَسِوى الرومِ خَلفَ ظَهرِكَ رومٌ.. فَعَلى أَيِّ جانِبَيكَ تَميلُ) وهو الشعر الذي يوصف حال أنصار الله هذه الأيام، فمن أمامهم تحالف العدوان الذي يقوده آل سعود، وما جرّه من مصائب على اليمن، ومن خلفهم الأمم المُتحدة المأمورة من ذات المُشغل، التي لن تُبادر بأي هُدنة أو عملية سلام لا تتضمن منفعة الأمريكي ومن خلفه تحالف العدوان، وعلى هذا الأساس فإنّ مُقترحات غريفيث ليست أكثر من ذرٍّ للرماد في العيون ومحالةً لشراء الوقت، وفي أحسن الأحوال هي مُحاولةٌ لإنقاذ آل سعود من المستنقع اليمني الذي يغوصون فيه يومًا بعد آخر.
(الوقت)
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه