قادمون يا صنعاء.. عبد الملك الحوثي والذين معه -20 –
تعز نيوز- كتابات
لأولئك الذين عاشوا فيها ذكورا ثم خرجوا منها في ملابس النساء، حان موعد عودتكم بعد خمس سنوات في تيه الفنادق والعواصم لترتدوا ملابس الرجال مرة أخرى، بلادكم طيبة ولين أهلها هو أهم مميزاتها وأكبر عيوبها، وعفا الله عما سلف.
على مدى خمس سنوات من الموت أو انتظاره، من الجوع أو التحسب له، من المرض أو الوهم به، من قسوة التجاهل والحصار والنسيان، عاش في تلك البلاد بشر لم يطلبوا إلا العزة والكرامة فسددوا الثمن كاملا مكملا من دمائهم، وتخلى عنها بشر ظنوا أن قبولهم بالعار مجرد أيام أو أسابيع ستمر إلى أن يعودوا على ظهر دبابة المحتل وفضاء بارجاته فسددوا الثمن كاملا مكملا من كرامتهم. في حين وضع بشر آخرون قدما هنا وأخرى هناك، واكتفوا بنشيد، لن ترى الدنيا على أرضى وصيا! ما أسهل الغناء!
الأعمال بخواتيمها
قبل خمس سنوات وفي الليلة الأولى للحرب على اليمن وإعلان بدء عملية تركيع صنعاء العتيقة من واشنطن، لم يخطر على بال من اعتدى، ولا من تصدى للعدوان، ولا من ارتزق وخان من اليمنيين، ولا من ارتزق وصمت من الحكومات والمنظمات في جوانب الأرض الأربعة، أن يأتي يوم بعد 60 شهرا بأيامها ولياليها، ساعاتها دقائقها وثوانيها، ويقول قائل على بعد مئات الأميال من مسجد صنعاء الكبير، المجد لأنصار الله، النصر لليمن، لبيك يا عبد الملك.
مع أول صاروخ على معسكر للجيش اليمنى سقطت شرعية الأمن القومي العربي، ومع أول قذيفة على صالة أفراح سقطت شرعية الأخوة الإسلامية، ومع أول إصابة بالجدري أو الملاريا وحمى الضنك سقطت شرعية المنظمات الإنسانية، ومع استمرار هذا كله يتوالى سقوط الشرعيات الدولية والإقليمية والمحلية أمام الصمود المذهل لرجال وشباب نصفهم دون العشرين على الجبهات، وأباء وأمهات نصفهم جائعون، وزوجات وأطفال نصفهم محرومون.
ولكن يأبى الصادقون أن تمر السنوات الخمس دون أن يرفض زعيمهم لقاء ممثل الأمم المتحدة، وقد كان. ودون أن يجرى أحد قياداتهم مفاوضات عبر الانترنت معه، وقد كان. ودون أن يتفاوض اليمنيون مع ممثلي الدول الأوربية في عواصم مختلفة، ودون أن يقبلوا أو يرفضوا عروضا قدمها المرتزقة بأنفسهم أو عبر وسطاء، وقد كان.
في السنوات الخمس أعطى اليمنيون الفقراء المحاصرين دروسا في الإرادة مجانية لمن يريدها من الشعوب الشقيقة والصديقة. وبأغلى تكلفة لمن لا يستجيب لها ممن اعتدوا عليهم من الوكلاء.
آين كانوا وأين هم؟
في كل المواجهات السياسية أو العسكرية، وبعد مرور فترة من الزمن يسأل كل طرف نفسه، أين كنا وأين نحن اليوم؟
في الشهور الثلاثة الأولى فقدت صنعاء كل قوتها العسكرية إلا قليلا، ولم تكن تذكر سياسيا إلا نادرا، أما اقتصاديا فلم تكن موجودة أساسا، عانت صنعاء من الحليف الكاذب على الجبهات وعانت من مؤامراته في الداخل، عانت صنعاء من الفساد والخيانة والتمويه والتشتت، ومع ذلك ظلت متماسكة بفضل قوة إرادة من قرروا التصدي للكرامة والعزة فاقتنصوها قنصا.
في أول العدوان تعرض العالم كله لخداع الإعلام الأمريكي والعربي، وعلى مدى سنوات العدوان تعرض اليمنيون لشتى مغريات الارتزاق والعمالة، بنفس الدرجة التي تعرضوا فيها لكافة الضغوط السياسية والاقتصادية، وأصبحوا مجالا لتطبيق صنوف كل الحروب بأجيالها الرابع والخامس والسادس … إلخ، ومع ذلك ظلت صنعاء صامدة متماسكة بتضحيات جيل قدره أن يستعيد ذاكرة فقدت مع سنوات الفساد.
في أول العدوان قالوا شرعية، وقالوا إيران، وقالوا باب المندب، وقبل نهايته يقولون مجلس انتقالى، ويقولون إسرائيل، ويقولون مأرب. في أول العدوان قالوا عاصفة الحزم، وقالوا عاصفة الأمل، وقبل نهايته يقولون باليستي الحوثي ومسيراته.
في أول العدوان وعلى مدى سنواته، قال الذين هربوا من صنعاء بملابس النساء، أولئك الخونة والمرتزقة والخوارج، الذين ارتضوا حياة الحرملك في الفنادق، قالوا قادمون يا صنعاء بالشرعية من بلدنا الثاني أو الثالث والرابع وما أكثر مواطنهم البديلة!
وقبل نهاية العدوان تأتيهم أصوات من صنعاء تدعوهم للقدوم، بل تبحث عن واحد منهم يضع جنبيته في خصره لتتكلم معه، وتقنعه بأن صنعاء ليست على مواقع التواصل، مجرد صفحات للتحريض على الصامدين والكذب على المانحين، ولكنها جبال وسهول ورجال ونساء وجيش ولجان ومشروع للمستقبل، أعمدته كبار من الحكماء المؤمنين، وحماته شباب من أولى البأس الشديد.
بقلم الكاتب المصري/ إبراهيم سنجاب
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه