قادة السعودية وتركيا وأحلام العصافير
هذه الهستيريا السعودية والتركية، تستفحل اكثر كلما اطبق الجيش السوري على حلب من جميع الجهات، وهو ما يشير الى ان قادة السعودية وتركيا وصلوا الى حافة الجنون، وهم يشاهدون كيف تتبدد احلامهم، بعد ان كانوا ينكرون وجود اي مخطط لهم في سوريا الا “انقاذ الشعب السوري” و “المشاعر الانسانية التي يكنونها للشعب السوري”!!.
لم نبالغ في قولنا ان قادة السعودية وتركيا وصلوا الى حافة الجنون، ويكفي القاء نظرة سريعة الى مواقف وتصريحات هؤلاء القادة وردة فعلهم على انتصار الجيش السوري في حلب، حتى تتأكد لديه حالة الجنون هذه، فهذا رئيس الوزراء التركي أحمد داود اوغلو یعلن ان بلاده ستتحرك عسكريا عند الضرورة ضد مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا.
اما وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو فأعلن ان انقرة والرياض يمكن ان تطلقا عملية برية ضد “داعش” في سوريا مؤكدا ارسال السعودية طائرات حربية الى قاعدة انجرليك تركية، ونقل عن السعوديين قولهم: إذا لزم الأمر يمكننا ايضا إرسال قوات برية.
اما السعودية، وبعد نكستها في حلب، اخذت تقرع طبول الحرب وبقوة، فهذا وزير خارجيتها عادل الجبير و مستشار وزير الدفاع السعودي احمد عسيري، يؤكدون ليل نهار استعداد السعودية لارسال قوات برية لغزو سوريا تحت عنوان “محاربة داعش”، دون الاخذ بنظر الاعتبار موقف المحور المقابل، وكأنها، اي السعودية، ترسل قوات للتوغل في ادغال افريقيا.
الغريب ان التهديدات السعودية والتركية لغزو سوريا تحت عنوان مضحك وهو “محاربة داعش”، لم تلق اذنا صاغية من الجانب الامريكي، الذي استقبل هذه التهديدات بعدم مبالاة، وتعامل مع قادة البلدين كمشاغبين يجب السيطرة عليهما قبل ان يقوما بفعل يندمان عليه لاحقا.
ان هستيريا السعودية، وتهديدها بارسال قوات برية واستخدام القوة العسكرية في سوريا، اثبتت، مدى كذب ونفاق القيادة السعودية، التي تدعي ان هدفها من غزو سوريا هو “محاربة داعش”، بينما الجميع يعرف ان الجيش الذي تحارب به السعودية في اليمن مؤلف من “داعش” و القاعدة، ويكفي القاء نظرة سريعة على وضع المحافظات التي اعلنت السعودية عن “تحريرها” من الجيش اليمني ومقاتلي انصار الله !!، حتى يتأكد كم هو حجم الكذب والنفاق السعودي، فكل المناطق في اليمن التي تدعي السعودية “تحريرها” دون استثناء وخاصة عدن، هي الان في قبضة “داعش” والقاعدة، بشهادة حلفاء السعودية وابناء الشعب اليمني، فاذا كانت السعودية جادة في محاربة “داعش” فلتبدأ من اليمن الذي يشارك السعودية حدودا طويلة ووعرة، بدلا من ارسال طائرات وقوات برية الى اراض بعيدة عن السعودية مثل سوريا.
اما تركيا، فان امر اردوغان بان وانكشف، حتى قبل “نكسته” في حلب، فالنظام التركي تعامل وبالمكشوف مع التكفيريين وفي مقدمتهم القاعدة و “داعش”، فقد سمحت لعشرات الالاف من التكفيريين و”الدواعش” من مختلف انحاء العالم من استخدام اراضيها واقامت معسكرات لتدريبهم وزودتهم بالسلاح والعتاد وارسلتهم الى سوريا، بل انها استخدمت “داعش” حتى في الداخل التركي ضد معارضيه وخاصة الاكراد.
اردوغان لم يستشعر يوما اي خطر من “الدواعش” عندما دخلوا كوباني (عين العرب)، ولم يستشعر خطرا من تمدد القاعدة و “الدواعش” على طول الحدود مع سوريا، الا انه جن جنونه عندما بسط الجيش السوري سيطرته على بعض المناطق القريبة من الحدود وطرد منها التكفيريين، بل انه تدخل عسكريا حتى الى جانب “الدواعش” في كوباني ضد الاكراد، ففي الوقت الذي كان يتعامل بكل ود مع القاعدة و “داعش”، نرى اليوم القوات البرية التركية تقصف مواقع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري داخل الاراضي السورية، رغم ان قوات هذا الحزب في حرب حامية مع “الدواعش” والقاعدة.
في بداية المقال قلنا ان ما يحدث في حلب دفع قادة السعودية وتركيا الى حافة الجنون، وسبب هذا الجنون يكمن في عقلية هؤلاء القادة، فبالنسبة لقادة السعودية، فواضح ان العقلية التي يتعاملون معها مع القضايا الاقليمية وخاصة الحرب في سوريا، هي عقلية بدوية ثأرية وانتقامية وغريزية، وقد شهدنا جانب من افرازات هذه العقلية في الطريقة التي قتل فيها العقيد القذافي وكيف جعلوا من ليبيا بلدا فاشلا وموطنا للقاعدة و “الدواعش”.
اما قادة تركيا وعلى رأسهم اردوغان، فينطلقون من عقلية موبوءة بالطائفية وغارقة بالاحلام العثمانية، حيث يتعامل اردوغان مع المنطقة وخاصة سوريا، من قبليات في غاية الخطورة كاعادة “امجاد” الدولة العثمانية، وحس التعالي والغرور والانتقام، ضد اعداء وهميين مثل “الامبراطوية الصفوية” و “العلويين” و “الاكراد المتمردين”، فنراه مستعد، كقادة السعودية، لاشعال المنطقة بالحروب، من اجل تحقيق اهدافه المريضة واللامعقولة.
ولكن احلام العصافير، التي تراود عقليات القادة السعوديين والاتراك، سوف ترتطم بموقف “السيد الامريكي” الذي سيحاول انقاذهم من خلال منعهم من اللعب مع الكبار وايذاء انفسهم، فهؤلاء “القادة” هم اشبه بالاطفال الذي يصرخون باعلى اصواتهم، من اجل دفع الكبار لاعطائهم الاشياء التي يريدونها، ولكن هذه الاشياء ليست بمتناول السيد الامريكي، وهي حقيقة لايريد السعوديون والاتراك الاعتراف بها.
* فيروز بغدادي – شفقنا