كتائب المستغفرين على أبواب مأرب.. عبدالملك الحوثي والذين معه -19-
تعز نيوز- متابعات
لو كانت مأرب هى هدف جيش ولجان صنعاء لما توقفوا على أبوابها يطلبون الإذن بتحريرها قبل أن يقتحموها ،وهم الذين جاؤوها من الجوف وما أدراك ما الجوف؟ قطعة من الأرض على الحد الجنوبي
للسعودية -مساحتها تساوى ٤ أضعاف مساحة مشيخة قطر وضعفى مساحة قطر والبحرين معا- اجتاحتها قوات صنعاء فى عدة أيام. أما طرد إخوان اليمن وقيادات الشرعية من الجوف ومطاردتهم حتى مأرب فتلك حكاية أخرى ستتوارثها الأجيال، عن يمنيين قبلوا على أنفسهم المهانة حيثما حلوا، وتاجروا فى دماء الفقراء والمغيبين بنفس مهاراتهم فى التجارة بالدين والشريعة، وهم الذين خلفوا وراءهم أحدث الأسلحة الحديثة، طائعين مختارين فى مقابل النجاة بأبدانهم وأموال ارتزقوها برهن مستقبل بلادهم وتاريخ قبائلهم، إنها الجوف التى تحررت فى أقل من أسبوع، حيث لا تعقيب من رئاسات التحالف وحكومة الشرعية، ولا حتى المجلس الانتقالى المثير للجدل فى الجنوب.
وكأن محافظة الجوف تقع ضمن حدود دولة رواد الفضاء وليست موقعا جغرافيا استراتيجيا وغنيا بالبترول، وله فصل فى كتاب كيف نفقر اليمن؟ من فرضة نهم إلى نهم ثم الجوف، وما قبلها من معارك حربية أدارتها صنعاء بحكمة اليمنيين وإيمانهم، فى أكثر من ٤٠ جبهة فى كل مساحة اليمن، على مدى ٥ سنوات من العدوان الخارجى و١٠ من الاقتتال الداخلى منذ ثورة ٢٠١١.
كتائب المستغفرين على أبواب مأرب
فى كل مرة يحققون نصرا، تأتيهم التوجيهات سبحوا الله واستغفروه، اركعوا واسجدوا واحمدوا الله واشكروه، إنهم أبناء عبد الملك، وجوه معفرة باليقين، وأياد متربة بالحق، وأقدام حافية لا تفرق فى مسيرها بين الرمال الملتهبة أو الباردة، صيفهم كشتائهم، لا يعنيهم إن كانت صخور الجبال قاسية أو لينة، يخترقون الوديان كالطوفان أوله كآخره، ويغادرونها كموج البحر يحتضن كلها بعضها. عيونهم على النصر وأرواحهم مع من قضى نحبه أو ينتظر. و ما زالوا قادرين بعد خمس سنوات من العار العالمى على انتظار مبادرة سلام جادة من داخل بلادهم أو من محيطها العربي والإسلامي لحقن الدماء، وإخراج الجميع من المستنقع اليمنى بماء الوجه.
على مدى سنوات العدوان الخمس مارست دول التحالف بمعاونة كتائب المرتزقة اليمنيين أبشع أنواع الحروب الإعلامية والنفسية، ووصلت إلى تخطى حواجز أخلاقية وضعها اليمنيون بكافة تصنيفاتهم القبلية والحضرية، عاشوا عليها وقدسوها آلاف السنين، ولكن للارتزاق أحكام!
فى تقريرين للـ بى بى سى على سبيل المثال أذيعا أول أمس أحدهما عن منشور لصاحبة مقهى للنساء فى صنعاء والآخر عن اعتقال أمراء سعوديين، لم تتورع الإذاعة البريطانية عن تخصيص وقت أطول واستضافة ضيوف أكثر من صنعاء وخارجها لتمارس العهر الاعلامى حول معاملة (الحوثيين) للمرأة لمجرد أن ناشطة كتبت منشورا مكذوبا على صفحة فيس بوك!، وتكرر نفس الأمر مع زيارة مارتين جريفث لمأرب والتحذير من كوارث إنسانية إن حررتها صنعاء من كتائب المرتزقة والإخوان الكاذبين والشرعية الافتراضية، وعلى هذا قس ما تعانيه اليمن وشعبها من تزييف الواقع حتى فى وسائل الإعلام الدولية.
وتخطت الحرب الأخلاقية كل الجرائم المصاحبة للعدوان سواء عسكرية أو اقتصادية بمحاولة المساس بالمرأة اليمنية والترويج لمفاهيم تتنافى تماما مع طبيعة المجتمع اليمنى، وللأسف وجدت بين كتائب المرتزقة من يروج لها ويشيعها لا لشئ إلا حقدا على الحوثى وكراهية فى الثورة ومحاولة للتبرير للعدوان والارتزاق والارتهان والعمالة والخيانة، وماذا تنتظر ممن يبيع شرفه وعرضه خارج حدود بلاده؟!
لم يتورع العدوان ومرتزقته وداعموه عن ممارسة أحط وأخس وأخطر أساليب الحرب النفسية للنيل من صمود الصامدين وصبر الصابرين بالكذب مرة والتشكيك مرات، ليس لكسب معركة عسكرية، ولكن لتدمير قواعد وأسس مجتمع عاش آلاف السنين متماسكا رغم الاختلافات والاختلالات.
جريفث فى مأرب وله مآرب أخرى
بينما تتداول الأخبار عن خلافات بين على محسن وجلال هادى والعليمى حول نصيب كل منهم فى منحة سعودية لمن شارك فى جلسات إعداد اتفاق الرياض، تجد على الطرف الآخر قيادة حوثية تعقد مصالحات قبلية وتتجول بين الناس رغم التحذيرات، يدعو الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى إرسال محامين من جهتها للترافع عن الخونة الذين صدرت بحقهم أحكام إعدام فى صنعاء.
وبينما يأتي المبعوث الدولى جريفث ليحذر من تحرير مأرب وما ينتج عنه من كوارث إنسانية متناسيا ومتجاهلا تقارير الأمم المتحدة نفسها عن حجم الكارثة التى يعيشها كل اليمن منذ 5 سنوات بسبب العدوان، تجد على الطرف الآخر محمد عبدالسلام رئيس وفد التفاوض اليمنى يطالب بوقف كل الأعمال العسكرية من جانب التحالف وفك الحصار والبدء فى عملية سلام ومصالحة شاملة.
وبينما جاء جريفث ليضع تحرير مأرب تحت رحمة الأمم المتحدة، ويقايض بها فى مقابل الإبقاء على الأوضاع كما هي الآن فى الساحل الغربى والاستمرار فى برنامج المساعدات الغذائية، وهم الذين كذبوا قبل ذلك بأن الأمم المتحدة أنقذت الحوثيين باتفاق استوكهولم، يواصل إخوان الشر اليمنيين تلاعبهم بدول الخليج ففريق مع قطر والآخر مع السعودية والثالث مع نفسه، يلعبون لعبة تقسيم الأدوار ظنا بأنها ستنجيهم من قدرهم المسطور وشتاتهم المحتوم، لما اقترفته عقولهم وأيديهم على مدى سنوات التسامح معهم.
فى النهاية
بين مقولتى عبدالملك الحوثى (نحن أهل الوفاء) و (الوقت وقت عمل) تتلخص مسيرة صنعاء وتتضح رؤية ثوار 21 سبتمبر لمستقبل بلادهم، فمالا يؤتى بالسيف يؤتى بغيره، ولا مجال لمقولة امريء القيس اليوم خمر وغدا أمر.
(إبراهيم سنجاب – كاتب وصحافي مصري)
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه