هل هذا هـو الإيمان؟ أن ينكمشوا, وأن ينهزموا أمام الأعداء
تعز نيوز- من هدي القرآن
هل هذا هـو الإيمان؟ أن ينكمشوا, وأن ينهزموا دون أن يوجدوا أي نكاية بالعدو؟! الله قـال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَار وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} (الأنفال:16) هذه كبيرة, هذه جريمة.. هذا تشويه للإسلام, تشويه للإسلام: أن ينكمشوا على هذا النحو، وهم من أظهروا لنا أنفسهم بأنهم قمة في الإيمان، قمة في الصمود, وقوة قوة قاهرة! لكن فعلا كانوا قوة قاهرة على الشيعة، قوة قاهرة على كثير من المساكين.
لماذا برزوا على هذا النحو؟. هل هو الإيمان؟. الإيمان الحقيقي لا يكون أهله هكذا.. الإيمان الحقيقي هو ذلك الذي وصف الله به أولئك الذين قال عنهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}المائدة: من الآية54) هؤلاء كانوا في اليمن, وفي أفغانستان أعزة على المؤمنين، وظهروا لنا أخيرا كيف كانوا أذلة على الكافرين ولم يجاهدوا.
حركة طالبان انطلقت في أفغانستان تقتل بدون رحمة أيام اجتياحهم لأفغانستان، هم حركة طلاب، طلاب علم، طلاب دين، طلاب إيمان، بل كانوا هم يرون أنفسهم هم المؤمنون، فكانوا يقتلون، وبلغنا عنهم أنهم عندما وصلوا مناطق فيها شيعة اثنا عشرية كانوا يذبحونهم ذبحا، الصغير والكبير, والرجل والمرأة.. هؤلاء ظهروا أمام الأمريكيين أذلة، ظهروا أمام تلك الأحزاب التي كانوا يقاتلونها بالأمس بدون رحمة، ظهروا أمامها بعد أن أصبحت أحزابا تعمل تحت راية أمريكا, وتتحرك تحت راية أمريكا, ومظلة الطيران الأمريكي، أصبحت تلك الحركة أمامهم ذليلة.
بل قالوا: أنهم إنما انكمشوا حفاظا على دم الأفغان من أن يسفك! لماذا دم الأفغان الذين انطلقوا تحت راية أمريكا أنتم حريصون عليه أن لا يسفك ويوم كان سابقا بالأمس ليس على هذا النحو كنتم حريصين على سفكه؟ عندما تنطلق تلك الأحزاب تحت راية أمريكا فهي أصبحت كما لو كانت جزءا من الجيش الأمريكي.. أليس كذلك؟.
إذاً فلماذا ضعفوا أمام تلك الأحزاب؟. لماذا ضعفوا أمام الجنود الأمريكيين؟. لماذا انكمش ذلك الشخص الذي كان يقول [أقسم بالله العظيم] وكانوا يظهرون شخصيته وهو يقسم بالله العظيم على شاشة التلفزيون.
أقسم بالله العظيم أن ماذا؟، أن يفر… أليس كذلك؟ أنت مربي طالبان، أنت معلم طالبان، أنت الذي ملأ قلوبهم إيماناً لماذا تبخر هذا الإيمان!؟ ما تبخر هذا الإيمان إلا لأنه نوعية أخرى ليس هو الإيمان الأصلي تقليد – إن صح التعبير – .
فأولئك الذين ملأوا الدنيا بأصواتهم، وقالوا بأنهم يربون الأمة تربية إيمانية فضحهم الواقع، أن إيمانهم ليس بإيمان, وتربيتهم ليست بتربية إيمانية.
إذاً فهذا شاهد آخر بأنه لا تحصل الأمة على تربية إيمانية إلا عن طريق أهل البيت ومن نهج نهجهم.. فلا حكومات رأيناها ربت تربية إيمانية, ولا دعوات أخرى كدعوة الوهابيين في اليمن وفي أفغانستان وفي غيرها انطلقت لتربي تربية إيمانية.
وأبرز التربية الإيمانية, أبرز مظاهرها هو الوقوف في وجه الكافرين بكل عزة, وبكل صمود, وبكل قوة, بل هذا شرط في تحقيق الإيمان في ميدان المواجهة نفسها تصبح الهزيمة أمام الكافرين جريمة {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}(الأنفال: من الآية16) هي كبيرة.
لكن ما يدرينا – ومما يشهد على أن التربية لديهم ليست تربية إيمانية – أن هذه وإن كانت كبيرة فهي ليست خطيرة؛ لأن غاية ما يمكن أن يحصل من وراء هذه الكبيرة هو أن نحظى بشفاعة محمد، لندخل الجنة!.
كما حكى الله عن أهل الكتاب عندما يشترون الضلال بالهدى، عندما يقولون: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}(آل عمران75). عندما تظهر لهم المواقف المنحرفة في كثير من أعمالهم، الله قال عنهم معللا تلك الأشياء التي وقعت من جانبهم أنها بسبب {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (آل عمران:24).
هذه هي التي تضرب التربية الإيمانية: أن يقال لك بأن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) سيشفع لأهل الكبائر، والفرار من الزحف هو من الكبائر, إذاً فالجندي الذي ربيته، وأطلق ذقنه طويلا ستكون خطواته قصيرة في ميدان الجهاد؛ لأنه وإن رأى أن الفرار من الزحف كبيرة.. الكبيرة لا تشكل لديه أي شيء يزعجه.. الكبيرة زائد كبيرة أخرى, زائد كبيرة يعني: أن تحظى بشفاعة محمد فتدخل الجنة, إذاً سيهرب من الزحف, سينهزم في مواجهة اليهود، سينهزم في مواجهة الكافرين.
أن يقول لهم المرشد الفلاني: لا يجوز الفرار من الزحف, يجب المواجهة حتى آخر قطرة وإلا فالفرار من الزحف كبيرة، هو من كان يحدثهم في المسجد قبل أيام: أن الرسول سيشفع لأهل الكبائر، فكيف بإمكانه أن يوجد جنودا يندفعون ويخافون أن يقعوا في كبيرة؟ أليس هذا تناقض؟ هل يمكنك أنت وأنت تنطلق لإرشاد الناس في ميادين المواجهة فتقول لهم ما قال الله في القرآن الكريم: أن الفرار من الزحف يبوء الإنسان فيه بغضب من الله, وأنه من الكبائر، وأنت من كنت تقول لهم سابقا: أن الرسول سيشفع لأهل الكبائر، وأنت من كتبت فوق روضة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) على أحد أبواب روضته المطهرة [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي].
هذا الحديث وحده, وهذه العقيدة وحدها هي مما يحول دون تربية جيش إسلامي يصمد في وجه أعداء الله مهما كانت قوتهم.
نقول لأولئك الدعاة الذين يملأون محاريب المساجد بأجسامهم الدسمة والضخمة: نحن الآن في مواجهة مع اليهود والنصارى, في مواجهة مع أمريكا وإسرائيل، وأنتم الآن وكما نراكم, وكما ترون أنفسكم في قائمة المطاردين من جانب أمريكا وإسرائيل, راجعوا أنفسكم, وانظروا من جديد إلى ما كنتم تقدمونه للناس من عقائد، راجعوا عقائدكم، صححوها، وإلا فإنكم إنما تبنون أمة منهزمة، وإلا فإنكم إنما تصدرون الشواهد, الشاهد تلو الشاهد على أن الإسلام يقبل الهزيمة، وأنه لا يستطيع أن يصمد في مواجهة الكافرين، وإلا فإنكم ستكونون بأعمالكم هذه وبهزيمتكم النكراء من أول صيحة في مواجهتكم أنتم من ستزرعون اليأس في نفوس الحركات الإسلامية في أي منطقة.. وربما أراد الأمريكيون, وأراد كباركم من انكماشكم السريع أن يزرعوا اليأس في نفوس الحركات الإسلامية هنا أو هناك.
دروس من هدي القرآن الكريم
الدرس الثاني
#ملزمة_في_ضلال_دعاء_مكارم_الأخلاق
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 2/2/2002م
اليمن – صعدة
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه