بالأسماء الكشف عن متورطون بمخطط تقسيم حضرموت ومنذ متى بدأ المخطط
تعز نيوز- تقارير
من تصريحات وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء عصام حبريش الكثيري التي أدلى بها في حوار أجرته معه صحيفة “عكاظ” السعودية الأسبوع الماضي، تبيّن أن المخطط السعودي لتقسيم حضرموت لم يكن وليد اللحظة بل بدأت الرياض العمل عليه منذ نهاية العام 2017 ومطلع 2018.
“بن حبريش” قال للصحيفة إن القضاء على التنظيمات الإرهابية في حضرموت يعود الفضل فيه للتحالف السعودي الإماراتي وقواته التي طردت التنظيمات الإرهابية من مدينة المكلا، هنا يقصد بن حبريش عملية التحالف في المكلا في أبريل 2016 والتي زعم التحالف “الإماراتي تحديداً” أنه نفذ عملية عسكرية لتطهير المدينة التي كانت في قبضة تنظيم القاعدة بما في ذلك القصر الرئاسي وكافة المؤسسات الرسمية بما فيها البنك المركزي والمعسكرات، في حين ما حدث حينها هو أن المواطنون في المكلا ناموا على سيطرة التنظيم على المدينة بالكامل وقاموا في اليوم التالي وقد خرج التنظيم الإرهابي من المدينة بأكملها.
بالعودة إلى ما قاله “بن حبريش” للصحيفة السعودية، ركز الرجل – قاصداً – حديثه عن القاعدة في حضرموت وقال “هذه التنظيمات الإرهابية انتقلت إلى مديريات وادي حضرموت”، ثم أعاد تكرار أن التحالف السعودي الإماراتي وقواته هي من بإمكانها القضاء على هذا التنظيم، وألحق كلامه بذريعة جديدة تشبه ذريعة الوجود السعودي العسكري في المهرة، وهي “أن منطقة الوادي والصحراء بحضرموت ممر للأسلحة المهربة إلى الحوثيين”.
حديث بن حبريش عن وجود قاعدة في وادي حضرموت – وهو صحيح – لكن المقصود به هنا التبرير لوجود عسكري أجنبي في هذه المنطقة، غير أن النقطة الأهم والأخطر التي كشفها حوار “بن حبريش” تعود بنا إلى نهاية العام 2017 وبداية 2018 والأنشطة التي كانت تنفذها المخابرات السعودية آخر الليل في الصحراء الشمالية الشرقية لليمن.
ماذا حدث في الصحراء الشمالية لحضرموت؟
في فبراير العام الماضي أكدت مصادر قبلية بمحافظة حضرموت أن المئات من الشباب المنتمين للجماعة المتطرفة وتنظيم القاعدة بالمحافظة قامت بإنشاء معسكرات لها في مناطق نائية في الصحراء الشمالية الشرقية لحضرموت، هذه المعسكرات تم إنشاؤها بتنسيق وتمويل وإشراف من “استخبارات إحدى دول المنطقة” هكذا قالت مصادر رفيعة حينها.
المصادر أضافت أن المعسكرات جرى إنشاؤها في مناطق نائية بحضرموت، بالتزامن مع تحركات لقوات النخبة الحضرمية للسيطرة على ما كان حينها “أكبر معقل لتنظيم القاعدة غرب المكلا وهو وادي المسيني” في عملية أطلقت عليها أبوظبي عملية “الفيصل”، حينها تبين فيما بعد أن النخبة الحضرمية كانت مدفوعة من الإمارات لتبني عملية السيطرة على وادي المسيني وطرد تنظيم القاعدة منه، وتبين حينها أيضاً أن أن وادي المسيني يعد واحداً من أكثر المناطق اليمنية الغنية بالذهب وهناك توجد شركات تقوم بعمليات تنقيب في المناجم الموجودة هناك، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه وبعد فترة وجيزة من سيطرة الإمارات على مناجم الذهب في وادي المسيني جرى اغتيال صاحب أكبر شركة تنقيب عن الذهب في وادي المسيني وتبين أن صاحب الشركة هو شريك أحمد علي عبدالله صالح في الباطن.
بالإضافة إلى مناجم الذهب، كان وادي المسيني قد تحول إلى المخزن الاستراتيجي لتنظيم القاعدة، إذ كان يحتوي على جميع الأسلحة التي استولى عليها التنظيم من معسكرات حضرموت في 2015 بالإضافة إلى احتوائه على جميع الأموال التي أخذها التنظيم من البنوك المحلية (الرسمية والأهلية بما فيها البنك المركزي) في حضرموت، ولهذا، وحسب ما كشفته مصادر عسكرية في تقرير سابق مطلع 2018، فقد أصدرت قيادة القوات الإماراتية المتواجدة في ميناء الريان الجوي بالمكلا، توجيهات لقيادة “لواء بارشيد” – يتبع قوات هاددي – قضت بعدم تنفيذ أي عملية قتالية في “وادي المسيني” وأوعزت بالمهمة للنخبة الحضرمية التي لم ينالها من تلك الأموال أو مناجم الذهب شيء لأنها أساساً لم يتم السماح لها بالتوغل داخل وادي المسيني ودخلت القوات الإماراتية وحدها إلى تلك المنطقة بعد أن انسحب التنظيم منها بكل هدوء ودون قتال كما حدث أثناء انسحابه من مدينة المكلا أبريل 2015 بين ليلة وضحاها.
نشاط سري لمخابرات الشقيقة
في لقاءات خاصة مع مصادر قبلية شمال حضرموت كشفت المصادر عن وجود شبكات اتصال سرّية “بين منظمات تكفيرية وبعض المشائخ القبليين في وادي حضرموت وجهات استخبارية خارجية لها أطراف تعمل بشكل نشط في حضرموت ودون عوائق”، لافتة أن شبكة الاتصالات مرتبطة بأطراف تابعة للاستخبارات السعودية والإماراتية، وأنها كثفت من نشاطها وتحركاتها مع تنظيم القاعدة وجماعات متطرفة أخرى في تلك الفترة – أي مطلع 2018، وأن هذا النشاط تركز بشكل رئيسي في المناطق النائية والبعيدة في الصحراء الشمالية الشرقية لمحافظة حضرموت.
تحركات الصيعري صاحب الجنسية السعودية شمال حضرموت
قبل عملية “الفيصل” التي انتهت بخروج تنظيم القاعدة من وادي المسيني غرب المكلا، كشفت المصادر القبلية عن وصول مجاميع شبابية من المتطرفين الذين تسللوا من منطقة عزّان بمحافظة شبوة ومنطقة قبائل بالحارث بين شبوة ومأرب، حدث هذا مطلع 2018.
وأضافت المصادر أن عدداً من “رجال قبائل الصيعر في منطقة الغبر الحدودية مع السعودية استقبلت تلك المجاميع التي قدمت على دفعات وبشكل سري” ومعظمها كانت تتم في الليل، وعلمت المصادر أن “وفداً سريّاً من هذه القبائل على رأسهم الشيخ عيضة بن مبخوت الصيعري، وهو شخصية قبلية نافذة ويحمل جنسية سعودية ويعمل في (تجارة وتهريب الأسلحة والمخدرات)، قام باستقبال مجاميع إرهابية في منطقة (الوسط) الواقعة بالقرب من مرتفعات منطقة (رخية)، في منتصف إحدى الليالي قبل أحداث وادي المسيني، وقام بنقلهم عبر مرتفعات هضبة حضرموت الجنوبية وأقام لهم معسكرات سرية في سفوح الهضبة”.
مهمة “آل كثير” السرية في الشمال الشرقي
المصادر القبلية بحضرموت – وهي مصادر رفيعة – كشفت أن نافذين من “آل كثير” أبرزهم: عبدالله بن رسام الكثيري وطالب بن عمر الكثيري، هاتين الشخصيتين “استقبلتا خلال الشهر الأول من 2018 مجاميع من الشباب المتطرفين والمنتمين لتنظيم القاعدة سبق وأن تم استخدامهم للقتال ضد قوات الجيش التابعة لحكومة صنعاء واللجان الشعبية التابعة والموالية لحركة أنصار الله في جبهات شبوة والبيضاء ومأرب، جرى استقبالهم ونقلهم عبر سيارات (تويوتا) دفع رباعي، إلى معسكر سري تم استحداثه لهم في منطقة نائية بالقرب من الحدود السعودية اليمنية”، هذا بالإضافة إلى ما تم إنشاؤه من معسكرات أخرى للمئات من عناصر تنظيم القاعدة الذين جرى توزيعهم في وديان صحراء حضرموت الشمالية الشرقية.
كما أكدت المصادر القبلية أن عناصر أخرى من “آل كثير” – القبيلة التي ينتمي إليها ويتزعمها وكيل المحافظة لشؤون الوادي والصحراء عصام بن حبريش – هم من قاموا حينها بمهام نقل الإمداد والتموين من السلاح والغذاء إلى هذه المعسكرات أبرز هؤلاء هم: “1- المقدم/ عبيد عبدالله الجابري 2- فضل بن عبدالعزيز الكثيري 3- عمر بن صالح بن طالب الكثيري 4- عارف محمد بن علي جابر 5- خالد عبدالرب بن عبدالعزيز الكثيري 6- بكر بن سويدان 7- الشيخ سلامة بن صقير الكثيري الذي اغتيل بسيئون بعد فترة قصيرة من سيطرة أبوظبي على وادي المسيني ومناجم الذهب هناك التي كان يملك الشيخ سلامة أحدها وتبين أنه شريك أحمد علي عفاش”، في الوقت ذاته كشفت المصادر القبلية أن هذه الأسماء لها ارتباطات بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتتلقى تمويلاً لتحركاتها وأنشطتها من جهات خليجية وتحديداً من السعودية بالإضافة إلى علاقتها باستخبارات أبوظبي، ومع تجدد الحديث عن تقسيم حضرموت فإن مما لا شك فيه أن هذه الأسماء لا زالت تعمل لصالح المخابرات السعودية على نفس المهمة والهدف.
السلطة المحلية بحضرموت تؤكد اشترط مسؤول بارز في المجلس المحلي لمديرية القطن بوادي حضرموت عدم كشف اسمه اكد أن المعسكرات التي جرى إنشاؤها من نهاية 2017 وحتى مطلع 2018، تم بالفعل نقل عناصر إرهابية إليها، وحدد المصدر المسؤول مناطق إنشاء هذه المعسكرات بـ”الصحراء الشمالية الشرقية لحضرموت”، وكشف أيضاً أنه “تم المجاميع الإرهابية ومعسكراتها في أكثر من منطقة، أهمها: أسفل الهضبة الجنوبية لحضرموت، ومنطقة جعيمة، وجثمة، ومزارع منطقة آل فاس”، مصدر قبلي أكد معلومات المصدر المسؤول وأضاف عليها أن من بين المناطق أيضاً “توزيع العشرات من المتطرفين على مناطق مزارع ووادي سر” الواقعة إلى الشرق من مدينة القطن بوادي حضرموت.
السعودية تسعى لضرب عُمان وتشترك مع واشنطن في هدف (البترول والغاز ومناجم الذهب)
المصدر المسؤول بمحلي حضرموت أكد أن السعودية وأجهزتها استخدمت عناصر من الداخل لنقل عناصر تنظيم القاعدة، مشيراً إن جزءاً كبيراً من عناصر التنظيم جرى توزيعهم بالقرب من المنطقة الحدودية المشتركة بين اليمن وعمان والسعودية”، وأضاف المصدر المسؤول: “واحد من أسباب اختيار السعودية لهذه المنطقة هو خلق تهديد أمني دائم لسلطنة عمان”.
وبحديث المصدر المسؤول بحضرموت فإن السعودية من المتوقع أن تقوم بنقل بعض عناصر تنظيم القاعدة من وادي حضرموت والصحراء الشمالية الشرقية وتُشئ لهم معسكرات على الحدود اليمنية العمانية في المهرة لتعزيز تقويض أمن عمان من أكثر من جهة خاصة وأن المهرة أصبحت منذ أكثر من عام تحت سيطرة القوات السعودية، وباتت المنطقة الحدودية تحت قبضتها بفضل الشرعية التي باركت دخول الجيش السعودي للمهرة، وتقويض أمن عمان من جهة المهرة لم يكن متاحاً للسعودية أثناء الفترة التي عملت فيها على نقل عناصر التنظيم إلى وادي وصحراء حضرموت نهاية 2017 كون السعودية لم تكن في ذلك الوقت قد سيطرت على المهرة والمنافذ البرية لها.
احتمال آخر يمكن أن يكون من ضمن أهداف المخطط السعودي لتقسيم حضرموت وما سبق ذلك من إعداد وتخطيط من العام 2017، وهو أن سيناريو دموي قد يشهده وادي وصحراء حضرموت خلال المرحلة القادمة يشبه إلى حد كبير ما حدث في سوريا والعراق حين سيطر تنظيم داعش على المناطق التي تحتوي على آبار البترول لفترة طويلة وظل التنظيم يقوم بتهريب كميات البترول عن طريق مهربين كانوا يعملون بشكل مباشر مع القوات الأمريكية الموجودة هناك بذريعة محاربة تنظيم داعش، والتي تبين مؤخراً أنها كانت تقوم بسرقة بترول سوريا والعراق طوال سنوات الحرب الماضية، وهذا السيناريو من المحتمل جداً أن يُنفذ في وادي حضرموت خاصة وأن هذه المنطقة غنية جداً بآبار النفط والغاز وإلى جانب ذلك غنية بمناجم الذهب وهذه بالنسبة للسعودية فرصة لا تعوض.
أيضاً مناجم الذهب وآبار البترول الموجودة حالياً تمثل بالنسبة للولايات المتحدة مغنماً يدفعها لتنفيذ مخطط تقسيم حضرموت لمحافظتين، وهذا بالفعل ما باشرت بتنفيذه واشنطن من خلال زيارة السفير الأمريكي للمكلا ولقائه بالمحافظ فرج البحسني مرة وبالقيادات العسكرية والأمنية والمدنية لحضرموت مرة أخرى وبوكيل المحافظ لشؤون الوادي عصام بن حبريش الكثيري مرة ثالثة.
تقرير: يحيى محمد
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه
