أولياء الله هم من يجسدون إيمانهم بالله في الواقع العملي والالتزام السلوكي في ميادين المسؤولية
تعز نيوز- من هدي القرآن
- التقوى والصدق مع الله والجهاد في سبيله من أبرز سمات أولياء الله
يقول أيضاً سبحانه وتعالى عن المؤمنين، وهم بالطبع أولياؤه؛ لأنه قال في مقدمة وصف أوليائه مَنهم؟ {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} آمنوا، كيف هذا الإيمان؟ هو هكذا إيمان من هذا النوع: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}(الحجرات:15) وهؤلاء هم أولياء الله، الصادقون هم: أولياء الله، الصادقون في إيمانهم، آمنوا بالله، آمنوا برسوله إيماناً واعياً لا ارتياب معه، ولا يمكن أن يتعرض لأي ارتياب أمام هذه الشبهة، أو هذه الدعاية، أو أمام هذه الإغراءات، أو هذا الترهيب، أو هذا الترغيب، إيماناً عملياً يفهمون الإيمان، الإيمان العملي الذي يجسدونه في التزاماتهم، وفي اهتماماتهم، أنه إيمان بقضايا، بمبادئ، بعقائد، بأحكام تتطلب الالتزام بها، وتتطلب أيضاً الدفاع عنها، وتتطلب أيضاً نشرها والعمل على إعلاء كلمة الله في سبيل تطبيقها وسيادتها في أرضه.
- {وَجَاهَدُوْا}، جاهدوا.. من أجل ماذا جاهدوا؟ وبماذا جاهدوا؟ بأموالهم وأنفسهم، وهي أغلى ما يملك الإنسان: ماله ونفسه، فلتكن الأموال رخيصة، ولتكن النفوس رخيصة في سبيل من؟ في سبيل الله.
هؤلاء هم الصادقون، وحدهم هم الصادقون، والصادقون من هم؟ هم أولياؤه.. أولياؤه من هم؟ هم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. هم من لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
- تقدير عالي لهدي الله واستفادة من أي تذكير
المؤمنون من هم؟ هم من ينتفعون بالذكرى إذا ما ذكروا، لماذا؟ لأن نفوسهم مهتمة، قلوبهم مفتحة لتستقبل الهدى لتنتفع بالذكرى؛ ولهذا قال الله لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله): {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}(الذاريات:55) وهم من سيحتاجون إلى الذكرى، وهم من تنفعهم الذكرى؛ لأنهم دائماً في عمل، في عمل وهم يزكون أنفسهم، وهم يصيغون نفسياتهم على أساس من هدى الله سبحانه وتعالى، وهم ينطلقون في سبيله، في سبيله يجاهدون بأموالهم وأنفسهم، يواجهون في مختلف ميادين المواجهة لأعداء الإسلام، وأعداء الأمة، فهم من تنفع فيهم الذكرى، من تنفع فيهم الذكرى المستمرة، هم من تبنيهم الذكرى {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.
- الذوبان في الله سبحانه وتعالى لدرجة الوجل والخوف
هم من قلوبهم التي ملئت إيماناً أصبحت على هذا النحو: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}(الأنفال: من الآية2) لشعورها بعظمة الله، لخشيتها من الله، وخوفها من الله، ورغبتها في رضاه، ورغبتها في أن تحظى بقربه، ورغبتها في ما عنده.
وَجِلَت قلوبهم، توجل، تخاف، ترتجف، قلوب ما زالت مفتوحة لم يطبع الله عليها، لم يختم عليها، لم يضَع عليها أكِنَّة، لم تُدَنِّسْها السيئات، لم تدنسها الخطايا والمعاصي، لم تهيمن عليها العقائد الباطلة، لم تقفلها العقائد الباطلة، إنها قلوب تتعامل مع الله سبحانه وتعالى وتتلقى هداه، فكانت على هذا النحو تَوْجَل إذا ما ذكر الله.
- يرون أنفسهم دائماً بحاجة إلى الله
{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً}(الأنفال: من الآية2) ففي كل جلسة يزدادون إيماناً، ومع كل آية يسمعونها، ومن خلال كل آية من آيات الله يسمعونها يزدادون إيماناً، فليسوا من أولئك الذين يقولون: {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً؟ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}(محمد: من الآية16) هؤلاء قلوبهم ليست ممن طبع الله عليها، بل قلوب مستنيرة، [تتلى عليهم آيات الله] فيزدادون إيماناً، وهم يرون أنفسهم دائماً بحاجة إلى أن يزدادوا إيماناً؛ لأنهم يعرفون ما هو الإيمان، وهم في ميادين العمل الإيماني يحتاجون دائماً إلى زيادة الإيمان.
لماذا؟ لأن كل إيمان في الإسلام هو عملي، وكل عمل في الإسلام لـه غاية إيمانية، فيزدادون دائماً إيماناً، فتتجلى لهم الغايات، فتتجلى لهم الوقائع والأحداث من خلال آيات الله سبحانه وتعالى التي تُتْلَى عليهم، تتجلى لهم من واقع الحياة، ومن خلال آيات الله في كتابه الكريم، تلك الحقائق التي ترسخ الإيمان في قلوبهم بصدق وعد الله لهم.
- يتوكلون على الله وهم في ميادين العمل لإصلاح الأمة
{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}(الأنفال: من الآية2) ومن الذي يحتاج إلى أن يتوكل على الله إلا من لديه اهتمام بأمر الله، من هو دائم اللجوء إلى الله، من هو عظيم الثقة بالله، فتصبح صفة لديه، وتصبح صفة لديهم، هؤلاء المؤمنين أنهم دائماً على ربهم يتوكلون، لكن ليس – كما قلنا سابقاً – إيْكَال الأمور إليه فلينطلق هو، فيكون واقعهم كما قال بنو إسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}(المائدة: من الآية24).
يتوكلون على الله وهم في ميادين العمل لإصلاح الأمة، والإهتمام بأمر الدين، وإصلاح أنفسهم، اتكالهم على الله، اهتداؤهم به، استرشادهم به، التجاؤهم إليه، رجاؤهم العظيم فيه، أن يوفقهم، ويرشدهم، ويهديهم، ويلطف بهم ويرعاهم.
- حريصون على أن يصلَّوا صلاة قيَّمة
{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} وما أكثر ما كُرر التأكيد على إقامة الصلاة، لم تأت حتى بلفظ [يصلون، يصلون] {يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} هي تشبه في ما يتعلق بالزكاة {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}، فالزكاة لأنك مؤمن أنت من تنطلق لتؤتيها فتدفعها أنت لا تنتظر إلى من يأتي ليأخذها قسراً منك، من واقع إيمانك وشعورك بالمسؤولية أن تؤدي هذا الواجب العظيم عليك، الذي فيه رضى لله سبحانه وتعالى، كذلك الصلاة هم حريصون على أن يصلَّوا، ولكن صلاة قيَّمة، حريصون على أن تكون صلاة لها قيمتها فيقيمونها على النحو الذي شرعت له، ويعملون على أن يحصلوا من خلالها على تحقيق الغاية التي شُرعت لأجلها. والصلاة لها معانيها العظيمة، لها قيمتها الكبرى، لها أثرها العظيم، إذا ما فهمنا معاني الصلاة وكيف نقيمها.
- ليس هناك إيمان بدون إنفاق
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} نفس الكلام السابق تجد ليس هناك إيمان بدون إنفاق، بل أنت لا تحتاج إلى من يدفعك إلى الإنفاق في ما إذا فهمت مسؤوليتك أمام الله سبحانه وتعالى، إذا ما أصبحت إنساناً تهتم بأمر دينه وعباده، إذا ما عملت كعضوٍ في أمة تنطلق في الدعوة إلى الخير، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، سترى ماثلاً أمام عينيك أهمية الإنفاق في هذه المجالات، إنما الذي يتقاعس عن بذل المال هو ذلك الذي لا يحمل أي اهتمام، وليس ربما في قلبه حتى مثقال ذرة من إيمان، يقرن الإنفاق هنا بالصلاة، الصلاة التي هي خير الأعمال، وأنت في ميدان الإقبال على الله سبحانه وتعالى يبرز الإنفاق في الجانب المالي من أهم الأعمال في ميدان العمل في سبيل الله تعالى.
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} هذه طبيعتهم، وهذه عادتهم.. لاحظوا هنا يعرض صفات هم عليها أصبحت شبه تلقائية لديهم، صفات أصبحت غرائز في نفوسهم: مجاهدين صادقين، يزدادون إيماناً، يتوكلون، يقيمون، ينفقون. لم تأتِ بشكل أوامر. هكذا أصبحوا، وهكذا يصبح من يكون إيمانه بالله إيماناً صادقاً؛ لأنه هنا يقول هكذا يكون المؤمنون عندما يقول: {إنما المؤمنون} هكذا يكون المؤمنون، وهكذا هم المؤمنون حقيقة، الذي يكون شأنهم هكذا، إيمان بالله ورسوله لا ارتياب معه، جهاد في سبيله بالمال والنفس، إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، إذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً، يتوكلون على الله، يقيمون الصلاة ينفقون مما رزقناهم، هكذا شأنهم.
{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً}(الأنفال: من الآية4) كما قال هناك:{أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُوْنَ} هنا:{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً}. {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}(الأنفال: من الآية74) والمؤمنون عادةً من يكون إيمانهم صادقاً بالله سبحانه وتعالى، ويفهمون ماذا يعني الإيمان به، ماذا يعني، وما يتطلب من أعمال، وما يترتب عليه من مسؤوليات، ينظرون إليها نظرة شرف وافتخار واعتزاز بها، أنهم أصبحوا من يحملها، هم فيما بينهم كالجسد الواحد، كلٌ منهم يحرص على أن تكون علاقته بأخيه علاقة قوية. [ مقتبس من: (آيات من سورة المائدة ـ الدر س الرابع)]
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه