نبذة عن الامام علي علية السلام
تعز نيوز- كتابات
ليس ثَمّة مَن يجهل علي بن أبي طالب عليه السلام: مولى المتّقين، وأمير المؤمنين، ووارث علم النبيّين، وخليفة رسول ربّ العالمين، منبع الفضائل، ومنتهى المكارم، والقمّة الشامخة السامية التي ينحدر عنها السيل ولا يرقى إليها الطير وصرح العدالة الانسانية الخالد. فأنّى للقلم أنْ يكتب في صفاته، وماذا عساه يسطّر في بيان كمالاته، وقد حارت العقول والأفهام أمام شموخ فضائله التي ملأتْ الخافقَين، ومكارم أخلاقه التي وسعتْ الكونَين. وشهد بفضله وعلوّ مقامه العدوّ قبل الصديق؛ لأنّ النور دائماً أقوى من الظلام، ووهج الحقيقة يأبى أنْ يكتمه تراكم الدخان؛ لذا سطع نور عليٍّ عالياً يُضيء دربَ البشريّة ويمدّها بمنهاج الرسالة المحمّديّة الخالدة، وتسابقتْ الأقلام لتتشرّف في تخليد هذه الشخصيّة العظيمة وتبجيلها.
ولد عليه السلام بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصم رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة ولم يولد في البيت الحرام سواه قبله ولا بعده، وهي فضيلة خصه الله بها إجلالاً له واعلاءً لرتبته وإظهاراً لتكرمته. وكان عليه السلام هاشمياً من هاشميين، وأول من ولده هاشم مرتين (أي من قبل الأب والأم)، فمن جهة الأب فهو علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، ومن قبل الأم فهي فاطمة بنت أسد بنت هاشم بن عبد مناف، وهي بنت عمّ أبي طالب، كانت من المهاجرات وهي أوّل هاشميّة ولدتْ هاشميّاً، قد أسلمتْ وهاجرت، وكانت بمحلٍّ عظيم من الأعيان في عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وتُوفِّيت في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وصلّى عليها .
ونشأ الامام علي في حجر رسول الله منذ نعومة اظافره وتغذی من معين هديه فکان المتعلم الوفي والاخ الزکي واول من آمن وصلی واصدق من تفانی في سبيل ربه وضحی في سبيل انجاح رسالته في احرج لحظات صراعها مع الجاهلية العاتية في کل صورها في العهدين المکَي والمدني وفي حياة الرسول وبعد رحلته ذائبا في مبدئه ورسالته وجميع قيمه مجسدا للحق بکل شُعبه من دون ان يتخطاها قيد أنملة وان ينحرف عنها قيد شعرة. ولازم رسول الله صلی الله عليه واله وسلم فتی يافعا في غدوه ورواحه وسلمه وحربه حتی تخلق باخلاقه واتسم بصفاته وفقه عنه الدين وتفقه ما نزل به الروح الامين فکان من افقه اصحابه واقضاهم واحفظهم وادعاهم وادقهم في الفتيا واقربهم الی الصواب.
لقد آزر الإمام عليه السلام رسول الله منذ بداية الدعوة وجاهد معه جهادا لاميثل له في تاريخ الدعوة المبارکة حيت تفری الليل عن صبحه واسفر الحق عن محضه ونطق زعيم الدين وخرست شقاشق الشياطين بعد ان مُني بذؤبان العرب ومردة اهل الکتاب. وعلى هذا تنقسم حياة الامام علي بن ابي طالب الى شطرين رئيسين، الشطر الاول:حياته منذ ولادته حتى رحيل سيد المرسلين. والشطر الثاني: حياته من حين رحيل الرسول الاكرم وتولّيه لمهام الإمامة الشرعية وحتى استشهاده عليه السلام في محراب العبادة.
ونظرا لتنوع الادوار والظروف التي عاشها عليه السلام يمكننا ان نصنف حياته الى عدة مراحل:
المرحلة الاولى: من الولادة الى البعثة النبوية المباركة.
المرحلة الثانية: من البعثة الى الهجرة.
المرحلة الثالثة: من الهجرة الى رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذه المراحل الثلاث تدخل في الشطر الاول من حياته وقد تجلى فيه انقياده المطلق للرسول والدفاع المستميت عن الرسالة.
المرحلة الرابعة: حياة الامام في عهد ابي بكر وعمر وعثمان.
المرحلة الخامسة: حياته في عهد دولته.
إنّ القوى الحاقدة على الإمام كانت على يقين لا يخامره شكّ أنّ الإمام لا يقيم أي وزن لمصالحهم ورغباتهم التي هي أبعد ما تكون عن منهج الإسلام ومصلحة المسلمين، فقد صحبوه طفلا وشابا وكهلا، وعرفوا شدّة وطأته وتنمّره في ذات الله تعالى، وشاهدوا ضرباته القاصمة في فجر الدعوة الإسلامية حينما حصد رءوس أعلامهم، وما أشاعه في بيوتهم من الثكل والحزن والحداد.
فإذا هم خصومه وأعداؤه قبل أن يكون خليفة ، وبعد أن صار حاكما وخليفة عليهم. وشاء الله تعالی ان يجعل شهادته في بيت من بيوته المبارکة فکانت بداية حياته في بيت الله الحرام ونهايتها في مسجد الکوفة الشريف، وحري بکل صاحب فکر ومروءة ان يقف متاملا هذه الرحلة ويدرس حقيقة شخصية هذا الامام الهمام بعيدا عن التعصب الاعمی.
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه