طريق انتصار اليمن من صعدة الى الطائف عبر رحلة الخريف في موسم الرمان
بقلم / عابد المهذري
………
اعتاد ابناء محافظة – سكانا و مزارعين – شن الحروب الضارية عليهم في مواسم الخريف .. ليس فقط خلال الحروب الست و حصار حاشد و كتاف .. بل و حتى من قبل .. حيث كانت الحرب ضد هذه المحافظة الزراعية تبرز كل عام من خلال افتعال أزمات نقص مادة الديزل لمضاعفة معاناة المزارع و قطع طريق صنعاء و المؤدية الى صعدة بسبب قطاعات قبلية بحجج و ذرائع واهية و اغلاق المنافذ الحدودية لعرقلة تسويق مزارعي المحافظة منتجاتهم من الفواكه و تكبيدهم خسائر باهضة في اطار الحروب الخفية و الممنهجة ضد الصعديين .
هذا العام .. هاهو العدوان السعودي يؤدي ذات المهمة القذرة و الاجرامية بحق صعدة و ابنائها .. ها هي الطائرات السعودية تقصف صعدة و مزارعها بهستيريا حاقدة .
يقصفون محطات المشتقات النفطية و شاحنات نقل الديزل و مضخات و آبار المياه المستخدمة للري الزراعية .. يدمرون الاسواق و الجمعيات و الثلاجات الخاصة بمحاصيل و منتجات صعدة من الرمان و العنب و التفاح و الخضروات .. عوضا عن الحصار المطبق هذه و الاستهداف الحاقد هذه السنة لإفناء موسم الخريف في صعدة و ارغام الفلاح الصعدي على ترك مزرعته و ثمارها تتصحر و تيبس قبل ان يكتمل الموسم و يحين الحصاد .. بما يؤدي لحرمان اليمنيين هذا العام من رمان صعدة الذي يكون هدية و فاكهة كل بيت بعموم محافظات الوطن الغالي .. لكن هيهات للأعداء ذلك .. فدماء شهداء صعداء الحمراء قد اعتجنت بتربة حقول و بساتين الرمان حتى صار لون الإحمرار و التورد بصمة و نكهة ترمز الى صعدة الصمود و لا شيئ في الصمود و التضحية و الاستبسال و التحدي مثل صعدة .
سيقصفون كل شجرة و كل ثمرة و كل مزرعة رمان .. و ستبقى صعدة على وعدها و موعدها مع اليمن في موسم العنب و الرمان .. لا تغيب فواكها عن موائد الفقراء و المترفين و لا يغيب رجالها عن ميادين البطولة و الفداء .
قد يحدث نقص في كمية المحصول و المنتج لا ريب .. لكن الغياب النهائي لن يكون أبدا .. و لو وصل سعر برميل الديزل مليون ريال سيجد المواطن اليمني قيمة الكيلو الرمان بسعر زهيد في متناول الجميع و فارق السعر سيدفعه الانسان الصعدي من دم قلبه و إكسير روحه من اجل اليمن .
أما وعد السماء لكل المستضعفين الصعديين و اليمانيين ففي ارض الحرمين الشريفين .. بشارات فتح مبين و نصر على الاعداء السعوديين يشفي صدور قوم مؤمنين .
عما قريب .. سيتذوق الفلاح الصعدي المحاصر و المستهدف رمان الطائف .. فما نقص هنا سنوفيه من هناك .. و لو عرف آل سعود ان بلاد نجد و الجحاز سيعمها تباشير الارض الطيبة و الرب الغفور لربما تورعوا عن سفك دماء ابناء صعدة و مزارعيها على اعتاب مزارع البن و الرمان .. و لأن الرمان الخازمي الفاخر الذي تشتهر به و تنتجه صعدة جيئ بغرسات شتلاته من الطائف .. فإن أواصر الارتباط الوثيق بالوعد الالهي مترع برحيق حبات و زنابيل الرمان الممتدة جنانه من فيافي صعدة الى ربى الطائف حيث سيكون التلاقي في أقرب موسم خريف لا يستطيع فيه اليمنيين قبل الصعديين ان يعيشوه بدون رمان كعادة و حالة ادمان سنوية ضاربة الحضور في الاعماق .. و هاقد اقترب موسم الخريف و تلك الفراشة الجميلة المسماة طيابة او بشارة العنب ترفرف بحنان بالغ على حدود البلاد .. تداعب وجوه المقاتلين الصناديد و تطبع على جباهه قبلات ناعمة الشرف و العزة و الكبرياء .
انها صعدة .. جنة الرمان و أطيب بلدة بين البلدان .. زرع لها الاعداء عاصفة الحرب فجنت اياديهم رياح صرصر عاتية .
انها صعدة .. مع كل صاروخ و قذيفة تقصف بها.. تنبت زهرة رمانة .. مع كل عبوة عنقودية تنفجر وسط سكانها ينبجس عنقود عنب .. مع كل قنبلة تقتل أطفالها تتفتح ألف سنبلة و يولد ألف حلم و ألف بطل و ألف ابتسامة .
انها صعدة .. آية تتلى مع ابتهالات الصباح و أذكار المساء .
و اذا كان لقريش رحلتي الشتاء الصاقع و الصيف الحار .. فإن لأهل صعدة رحلة الخريف الطيب و لليمني رحلات الربيع المقيم .
و الارتحال بين حدائق الرمان من صعدة الى الطائف .. سيكون للمحبين عبر طريق الهدا مع نغم ابو اصيل .. و رجال القبائل سيلكون بزواملهم مع عيسى الليث دروبا و طرقات شتى .. محرمين مبندقين .. و طريق تجارة الحرير و البخور التي كانت عبر الصحراء فيما مضى .. ستصبح طريق الفاكهة و الرمان من ققم الجبال الشماء و بطون السهول الغنا .. مرورا بالأحبة في هضاب فيفا وصولا الى الأعزاء في نجران .. حيث السد المتسع الذي تتجمع فيه مياه وديان صعدة منذ أزمان و منه سيسقي الصعديون مزارعهم العطشى لتستمر الحياة و الاخضرار العابقة بروحانية فاكهة الرحمن : الرمان .