الصماد ومشروع الدولة
تعز نيوز- كتابات
وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِبارا ٭٭٭ تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ
هكذا قال المتنبي عن أصحاب النفوس العظيمة والهمم الرفيعة والغايات السامية، فالنفس البشرية تختلف من إنسان لآخر، منها ما هي عظيمة في أهدافها وتفكيرها، ومنها ما هي دونية ترضى بالقليل.
فقد تتعب النفوس كثيراً، وتبذل الكثير والكثير في سبيل الوصول إلى هدف عظيم، وغاية سامية، بل قد تضحي بالحياة كلها في سبيل الوصول إلى ذلك الهدف وتلك الغاية.
ومنها تلك النفس العظيمة والهامة الشامخة والشخصية الكبيرة، الرئيس الشهيد صالح الصماد من سعى لهدف رفيع وغاية سامية، والذي قد يحتاج الحديث عنه العديد من المؤلفات التي قد لا تفي هذا الرجل العظيم حقه.
ذلك الرجل المقدام والمجاهد الشجاع الذي شهدت له ساحات الوغى بجرأته وشجاعته وبسالته في مواجهة الأعداء، ومدى تفانيه في مناصرة الحق ومحاربة الباطل.
الرجل المثقف بالثقافة القرآنية، والذي حمل بين جنبيه روحاً إيمانية، وامتلك منطقاً بليغاً، وطرحاً عميقاً، وقدرة كبيرة في التأثير على كل من سمع محاضراته وخطاباته، كيف لا وهو من تثقف بتلك الثقافة على يد أعلام الهدى ومصابيح الدجى؟
إلى الرجل السياسي المحنك الذي وصل إلى أعلى منصب في الدولة، وكانت له مواقفه السياسية الحكيمة التي تعكس شخصية ذات أفق واسع ورؤية بعيدة المدى تقود البلد نحو التقدم والازدهار، وعمل كل ما من شأنه أن ينتشل البلد من براثن الماضي ومخالب الحاضر، ولم تثنه الظروف العصيبة والشائكة التي يمر بها البلد بسبب العدوان والحصار عن رسم الخطط والرؤى والمشاريع المستقبلية للتنمية والبناء في شتى المجالات وبكل الإمكانات المتاحة.
أبو الفضل الذي لا ينفك عن زيارة جبهات القتال وميدان الجهاد، ميدانه الأول الذي ظلت روحه توّاقه إليه برغم مشاغله الكثيرة ومهامة الجسيمة، والذي ستظل قولته الشهيرة عندما زار المجاهدين في إحدى الجبهات: (إن مسح الغبار من نعال المجاهدين أشرف من كل مناصب الدنيا)، تتردد أصداؤها عبر الأجيال.
الرجل الحكيم صاحب المشروع العظيم الذي حمل شعار (يد تحمي ويد تبني)، هذا الشعار الذي اختزل بين طياته مشروعاً كبيراً قادراً على بناء دولة مدنية حديثة تنعم بالحرية والتقدم والتطور، ذلك المشروع الذي أدرك عمقه أعداء هذا البلد، فكان كابوساً قظ مضاجعهم، وأرق مقلهم، فأصبحوا يهابونه ويهابون صاحبه، لذا خططوا الخطط ورسموا المكائد لاغتيال رئيس الأحرار الصامدين في وجه تحالف الشر وطغاة الأرض، فاغتالوه لكنهم أحيوا، بل أشعلوا في هذا الشعب شعلة الصمود الأسطوري الذي تميز به من غيره من الشعوب.
لقد زرع في قلوب أبناء بلده حباً جماً ومعزة كبيرة برغم الفترة القصيرة التي حكم فيها، وبرغم الظروف الصعبة التي يمر بها البلد؛ فأنّ قربه منهم وحبه العظيم لهم، وتفانيه في خدمتهم، ونصرته للمستضعفين، عمّق من تلك المحبة في قلوبهم، ليصبح بالنسبة لهم رجلاً استثنائياً لمرحلة استثنائية، تفرد بها عن غيره من الرؤساء في مختلف البلدان.
لذا سيظل هذا الرجل العظيم هامة شامخة وشخصية فريدة تربعت على قلوب اليمنيين، وسيظل مشروعه العظيم حياً في نفوسهم، وعنواناً يُترجم إلى واقع عملي سيغير الكثير والكثير في الساحة اليمنية، كما أحدث في مرحلة حياته الكثير من المتغيرات.
لقد أخفق وخاب العدو حين ظن أنّه بقتل الصماد سيقتل الصمود في قلوب اليمنيين، فقد زادوهم بقتله صموداً وتحدياً وإصراراً على مواصلة الطريق الذي سار عليه والمشروع الذي رسمه، وكما قال السيد القائد حفظه الله: كل الأحرار في اليمن هم صالح الصماد.
د. فاطمة بخيت
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه