تزوير الواقع والتاريخ.. محاولات لنسف ذاكرة الامة خدمة لـ”اسرائيل”
من المستفز تصوير بعض الكتاب والاعلاميين وبعض رجال السياسية، لما يجري في سوريا على انه قضية نظام من جهة وشعب من جهة ثانية، وإيهام عامة الناس ان المسألة هناك هي “ثورة” تتضمن مطالبات بحقوق معينة او مطالبة بتحقيق ديمقراطية او حرية او اي مطلب آخر...
ويتناسى ويرفض كل هؤلاء الاعتراف ان المعركة اليوم في سوريا هي معركة بين الدولة والجماعات الارهابية من “داعش” الى “جبهة النصرة” وغيرها العديد ممن يتم تمويلهم من عدة دول اقليمية ودولية، ما يعني ان الدولة السورية ممثلة بالنظام الذي يرأسه الرئيس المنتخب بشار الاسد تواجه حربا كونية عليها، والادلة على ذلك اكثر من ان تعد او تحصى.
فلا أحد ينكر الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الارهابية والمشاهد المصورة والفيديوهات التي تشكل الادلة الدامغة على ما ترتكبه هذه الجماعات بحق المدنيين والعسكريين على حد سواء، ولا أحد ينكر وجود دول داعمة لتلك التنظيمات من تركيا الى السعودية وقطر، حتى ان كل دولة داعمة، لها تنظيماتها التي تعمل وفقا لحساباتها وجدول اعمالها وتنفذ ما يطلب منها مقابل الدعم المالي والمادي والاعلامي، كما لا أحد ينكر ان الارهابيين في سوريا ينتمون الى عشرات الجنسيات ما يعني ان هذه التنظيمات ليست تيارات سورية كي يزعم البعض ان هناك معارضة، وهنا يمكن طرح سؤال هل الشيشاني والسعودي والبحريني والاوروبي وغيره الكثير من الجنسيات هم ممّا يسمى “معارضة سورية”؟
التزييف الاعلامي ودعم الارهاب..
فالمعركة في سوريا واضحة المعالم، فمن جهة هناك الدولة ومعها من يدعمها من الحلفاء تواجه في الجهة المقابلة الارهاب بكل ما فيه من قوى ودول داعمة، وما تصوير الامر على انه “ثورة” سوى دعم لهذا الارهاب لانه يشكل تغطية عليه بما يؤمن له السقف القانوني والشرعي ويكسبه التعاطف الشعبي الدولي وتأييد الرأي العام العربي والعالمي، وهنا تبرز أهمية الاعلام في توضيح معالم المعركة في سوريا وفي مواجهة الارهاب، فهل يعقل انه بحجة “الخلاف السياسي” مثلا مع القيادة السورية ان يذهب البعض لحد تبرير جرائم الارهاب من داعش وغيرها من الجماعات التكفيرية؟
ولماذا يحاول البعض استخدام خلافه السياسي مع النظام في سوريا او حتى اختراع هكذا خلافات لدعم الارهاب بكل السبل تحت ذرائع انها تدعم المعارضة؟ وهل هناك معارضة في سوريا اليوم؟ أليست كل الفصائل الموجودة على الارض هي فصائل مسلحة مدعومة من دول معروفة؟ وأليست كل هذه الفصائل إرهابية بامتياز وما يؤكد ذلك جرائمها اللامتناهية بحق الشعب السوري؟ وإن كانت اميركا وحلفاؤها هم من يدعمون هذه الجماعات في سوريا؟
هذا التزوير للحقائق ومحاولة تشويه الوقائع انتهجته العصابات الارهابية ومن يدعمها في السياسة والاعلام والمال والامن والعسكر منذ بداية الازمة السورية، ولكن الكذب والتزييف كانت تزيد وتيرته كلما لاحت في الافق إخفاقات او هزائم للمشاريع الارهابية في سوريا او تلقت هذه المخططات ضربات قاسمة كما يحصل اليوم، وما قصة “مضايا” السورية وما قيل عن حصار لها أدى الى تجويع الاطفال والنساء إلا جزء بسيط لهذا التزييف الشامل للحقيقة في سوريا، فالاعلام المدعوم سعوديا وقطريا وأميركيا لديه من القدرات التي تخوله قلب الباطل الى حق والحق الى باطل.
حول كل ذلك، اعتبر الخبير الاستراتيجي الدكتور وفيق ابراهيم ان “مسألة التزييف الاعلامي والسياسي التي يقوم بها الاعلام الغربي والخليجي والفرق التابعة لاميركا اكبر من مسألة دعم تكتيكي للجماعات الارهابية او حتى رفع معنوياتهم”، ولفت الى ان “المسألة تتعلق بمحاولة من قبل الغرب لنسف حقبة كاملة من تاريخ الامة العربية والاسلامية ولنسف الذاكرة العربية ونسف كل ما له علاقة بالمقاومة ضد العدو الاسرائيلي”.
ابراهيم: الاعلام الغربي والخليجي يحاول نسف حقبة كاملة من تاريخ الامة
واشار ابراهيم في حديث لموقع “قناة المنار” الى ان “الغرب يعمل لصناعة تاريخ جديد مزور للامة وذاكرة جديدة ولكن مزيفة بتواطئ خليجي اعلامي وسياسي واضح”، واضاف “يحاولون إيجاد في ذاكرة الامة عداوات مصطنعة جديدة، على شاكلة العدواة الايرانية العربية او السنية الشيعية او حتى عداوات على اساس العرق والجنس والكائفة والمذهب”، وتابع “هم يحاولون صناعة امة جديدة لا علاقة لها بالامة العربية او الاسلامية، يردون صناعة امة لها أعداء جدد واصدقاء جدد ولها تاريخ مغاير عما هو حقيقة”.
وأسف ابراهيم ان “التزييف اليوم بات علنيا حيث يتجرأ بعض الاعلام الخليجي على الزعم ان المقاومة لم تحارب العدو الاسرائيلي حتى يظن البعض ممن هم من الجيل الجديد او حتى غير المطلع فعلا على واقع الامة ان المقاومة كانت مجموعة قطّاع طُرق وان الجماعات الارهابية التكفيرية الظلامية هم طلاب حرية وسيادة”، ولفت الى ان “أنظمة الخليج تعمل لنسف ذاكرة المواطن العربي الذي تربى على انتصارات المقاومة في لبنان ضد العدو الصهيوني”.
وفيما دعا ابراهيم الى “التنبه من خطورة هذا المشروع الغربي والخليجي ذات الابعاد الاسرائيلية”، أشار الى ان “هؤلاء يعملون لشيطنة صورة المقاومة وتشويهها خدمة لكيان العدو الصهيوني المارق على المنطقة والامة الذي اغتصب ارض فلسطين وشرد اهلها”، وتابع “من هنا ندرك كيف ان وسائل الاعلام الخليجية المتواطئة ومن خلفها وسائل الاعلام العربية المقصرة تعمل على طمس معالم القضية الفلسطينية باختراع أعداء جدد وايجاد خوف من دول معينة وفئات عربية واسلامية محددة وكله لترك اسرائيل تسرح وتمرح دون اية قيود في المنطقة والعالم”.
ابراهيم: لبناء منظومة اعلامية فاعلة تواجه الهجمة الشرسة على قيمنا
وأكد ابراهيم “بعض العرب هم عملاء وبالاخص أنظمة دول الخليج والبعض الآخر يمارس سياسة الاستسلام للمال الخليجي العميل وللضغط السياسي الاميركي والغربي”، ونبه من ان “هذا المشروع الخليجي الغربي يغيّب قادة الامة الاشراف لا سيما من السنة لايجاد بديل عنهم من التكفيريين الذين ينهلون من المدرسة الوهابية وذلك خدمة لاسرائيل”، وأوضح ابراهيم ان “هذا الكلام ليس للشعارات التي ترفع هنا وهناك بل هو واقع نعيشه”، داعيا “للتمعن قليلا فيما يجري في المنطقة اليوم لنعرف من المستفيد من الارهاب التكفيري الذي يتم تضخيمه في الاعلام القطري والسعودي وتصويره على انه وحش لا يهزم مقابل تغييب كل الاعتدال الاسلامي”.
وشدد ابراهيم على “ضرورة ان يتحرك الاحرار في هذه الامة للاضاءة على ما تفعله انظمة الخليج وأزلامها في الاعلام والسياسة من ضرب لكل المفاهيم التاريخية والثقافية للامة في سبيل إيصال الناس الى مرحلة الجهل كي يصبح من السهل لديهم تقبل الفكر الوهابي التكفيري الذي يكفر الآخرين”، ودعا “الاعلام المقاوم لبناء منظومة اعلامية فاعلة تقف بوجه الهجمة الشرسة على كل مبادئنا وأدياننا وتاريخنا وثقافتنا وحضارتنا”، وحذّر من ان “العدو حاقد وماكر ويحاول ضرب المفاهيم الخاصة بكل الدول والشعوب العربية وصولا لتفريغ الشعوب من تاريخها وقيمها”، معتبرا انه “علينا العمل لصناعة رأي عام لديه من الوعي ما يكفي لمواجهة المخططات التي تضرب الاعتدال والاخلاق خدمة للتكفير والصهيونية”.
وشدد ابراهيم على “وجوب العمل بكل الطاقات المتاحة لاستنهاض الشعوب على امتداد العالمين العربي والاسلامي لتبيان حقيقة ما يجري وعدم أخذ الناس الى تفاصيل صغيرة لترك القضايا الكبرى للامة وفي طليعتها القضية الفلسطينية”، ورأى ان “التزوير يهدف لضرب التاريخ لان من يغير التاريخ يمكنه بعد ذلك إلغاء أي شيء وبث ما يريد لاقناع الناس بطروحاته أيا كانت”، ولفت الى ان “تزييف الواقع يصبح من الامور السهلة كما حصل في قضية مضايا في ريف دمشق مؤخرا حيث يحاولون كسب تعاطف هنا وهناك خدمة لمشروعهم في إنهاء كل الاصوات الممانعة والمقاومة التي تقف بوجه العدو الاسرائيلي”.
ذوالفقار ضاهر