احتلال أفغانستان..وفصول الفشل والدجل الأمريكي
أعقد المشاهد المسرحية التي وقفتُ أمامها متسمراً، عاجزاً عن فكِّ “شيفرتها” الصورية وفهم أبجدية حروفها الهوليودية، عندما وقف قائد قوات الناتو في أفغانستان، الجنرال “جون كامبل” بشموخٍ، حتى الآن لم أفهم سببه، وإلى جانبه حسب ما أذكر حشدٌ من كبار المسؤولين الأفغان والأجانب يومها، كان أبرزهم مستشار شؤون الأمن القومي في رئاسة الوزراء الأفغانية “حنيف أتمر”، معلناً الجنرال كامبل “افتتاح مرحلة جديدة في أفغانستان”، و”إنجاز المهمة”، والأهم بحسب خطاب النصر ذاك “إخراج الأفغان من اليأس”. طبعاً، والحضور الكريم يصفق لكامبل. ولعل ما كان الأكثر غرابة بالنسبة لي “تصفيق الأفغان لكامبل”.
لا أفهم عن أية “مرحلة جديدة ” تكلم كامبل، ولا عن منجزات احتلال افغانستان. كله في كفة وجملته التي حملت عمقاً صعُب عليّ سبر غورها في كفة، أقصد قوله: ” خرجنا الأفغان من الظلمات واليأس معًا، ومنحناهم الأمل بالمستقبل”.
ولطالما تساءلت: هل ما حققته الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان كان نصراً بالفعل؟ غير أننا لا نره لعدم خبرتنا من حيث أننا دول نامية بالحروب من أجل الديمقراطية. لكن النصر على من؟ فهل تمكنت القوات الأمريكية ودول حلف الشمال الأطلسي مثلاً من هزيمة حركة طالبان أو القاعدة؟ أو هل ينعم الشعب الأفغاني الآن برفاه اجتماعي أو استقرار سياسي بعد احتلال لدواع “ديمقراطية” طبعاً ، لأكثر من عقد؟!!
تقول الحكمة العربية: “الصبر مفتاح الفرج”. وبالفعل صدق القائل فقد جلب تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض إرنست الأحد الفائت معه مفتاح ألغاز مسرحية كامبل في كابول عام 2014، وأجوبة تساؤلات المهتمين بالشأن الأفغاني حول النصر المزعوم.
قال المتحدث باسم البيت الأبيض: “إن امريكا وشركاءها الدوليين ظلوا يحاربون الإرهاب في أفغانستان لأكثر من عقد من الزمان، و لا تزال دولة خطرة”.
إذن أفغانستان دولة لا تزال غير آمنة و”خطرة”، أما طالبان فقوة بارزة ومخيفة في أفغانستان، والحكومة الأفغانية بجيشها الناشىء أضعف من ردعها، وما تقدُّم طالبان مؤخراً في الأقاليم الشمالية إلا برهانٌ ساطع على قوة طالبان وعجز الجيش الأفغاني عن بسط الأمن وإحكام السيطرة عن الأقاليم الأفغانية المتباعدة الأطراف.
والأكثر من ذلك، أن العميل الأمريكي سنودن يدعي أن أسامة بن لادن لا يزال على قيد الحياة. بذلك اكتملت فصول مسرحية الفشل والدجل الأمريكي في أفغانستان، لكن على حساب من؟ على حساب شعب بأكمله، 13 عاماً من عمر الشعب الأفغاني أهدرتها أمريكا لتحقيق بعضاً من أطماعها التي تسمها بالمصالح القومية.
في الخلاصة، أمريكا لم تحقق طوال احتلالها لأفغانستان ايًّا من أهدافها المعلنة، لكن ما يمكننا قوله أن الولايات المتحدة حققت بعضاً من مصالحها في المنطقة من خلال احتلال أفغانستان والعراق، لكن شتان بين النصر وتحقيق بعض المصالح .
المصدر/ وكالات