“الاستعصاء” اليمني كفيل بابتلاع “الاندفاع” السعودي..ونظام الحكم جسد المشروع الغربي في المنطقة منذ أفغانستان.
قال الكاتب والباحث الفلسطيني محمد فارس جرادات إن التوغل السعودي في الشأن اليمني المباشر يشكل خطرا داهما على الكيان السعودي بما يمثله اليمن من تاريخ عريق و”جغرافيا قاسية وملاصقة”، مؤكدا أن “الاستعصاء اليمني قادر مع الوقت أن يبتلع الاندفاع السعودي.”
وأوضح الكاتب في مقال له في صحيفة الأخبار اللبنانية، اليوم الأربعاء 3 يناير / شباط 2016، إن المخاطر التي وضع النظام السعودي نفسه فيها عبر سياسته الموجهة دوليا بهدف تجسيد الفوضى الأميركية الخلاقة في الشرق الأوسط الجديد ستخنقه آجلا إن لم يكن عاجلا.
وقال جرادات إنه “يظهر بوضوح أن ثمة أطرافا تزج بالسعودية في أتون أعباء تنوء بحملها قوى إقليمية ودولية كبرى وهي أعباء كفيلة بالمحصلة لتحولها إلى محرقة”. مشيرا إلى أن كل عوامل التفجير قائمة وربما هي فقط بانتظار رفع اليد عن الكابح الدولي الذي بات يتلاعب بمصير المنطقة في ميدان التفاصيل بعد أن اجتاز مرحلة التداعيات الكلية.
مضيفا، أن المتابع لتركيبة الحكم في السعودية وطبيعة الشخصيات الحاكمة ومستواها الثقافي والعلمي وطبيعة هيئة الافتاء القريبة منها والعقل السائد في ظل خريطة الاهتمامات السطحية ومستوى الجمود الحضاري رغم الغنى المادي يوءكد استحالة قيام أي تغيرات جوهرية من داخل النظام الحاكم.
وأوضح أن كل المراجعات السابقة للمواقف السياسية السعودية أكدت أن النظام الحاكم كان ينفذ مشاريع أميركية ففي أفغانستان الثمانينيات دعم الإرهاب ضد روسيا وتبين بوضوح طبيعة المشروع الأميركي في ذلك وفيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي تظهر بوضوح طبيعة الموقف السعودي تجاهه والتزام النظام الحاكم الحرفي بالأجندة الأميركية خاصة ما اتصل بالموقف ضد المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
وتابع الكاتب إن سياسة النظام السعودي شكلت دائما موطئ قدم صريح للتغول الأميركي في قضايا العالم الإسلامي كافة كما كانت سياسته الاقتصادية مثار انتقاد كثير من الدول الناهضة في وجه السياسات الاقتصادية الغربية بحيث ظل يربط مساراته الاقتصادية وخاصة النفطية منها بالتوجهات الأميركية في مقارعة واحتواء النهوض الآسيوي الاقتصادي بما جعل هذا النظام مجرد أداة طيعة في يد السيد الأميركي رغم الخسائر الباهظة التي كانت ترتد على اقتصاده وهو ما ظهر في الموازنة الأخيرة حيث بلغ مجموع العجز فيها نحو 87 مليار دولار.
ولفت الكاتب إلى أن النظام السعودي انغمس فيما يجري في سورية عبر دعمه اللامحدود لقوى وتنظيمات ارهابية متعددة مشددا على “أن شظايا الانفعال الإعلامي السعودي ضد سورية لا بد وان ترتد يوما على الداخل السعودي كما ارتدت بعد الثمانينيات حينما عاد من كانوا يسمون بالمجاهدين السعوديين من ميدان أفغانستان للسعودية بعد أن تقولبوا في تنظيمات تؤمن بكفر العائلة الحاكمة واستخدموا خبراتهم العسكرية في الداخل ضد الأمن السعودي وهو ما يستهله تنظيم داعش هذه الأيام بعمليات ضد المساجد كما ضد قوات الأمن كان أحدها تفجير مسجد القوات الخاصة في أبها واغتيال داعشي لخاله العقيد في الشرطة السعودية.
ورأى الكاتب أن النظام السعودي اغتر بمكانة بلاده الدينية لما يمثله ركن الحج من أهمية إسلامية كما اغتر بقدراته المالية وتناسى أن هذين العاملين لن يصمدا طويلا في ظل ما يتعرضان له من استنزاف حيث يظهر عجز العامل الديني بعد الفشل الدائم في حماية الحجيج بعد فاجعة منى في ظل انقياد المؤسسة الدينية لتبعات الفكر الوهابي المغلق.
مؤكدا أن التوغل في الشأن اليمني المباشر يشكل خطرا داهما على الكيان السعودي فاليمن تاريخ عريق وجغرافيا قاسية ملاصقة للجغرافيا السعودية كما لتاريخها وبذلك لا مفر من تبعات حرب هذا النظام المجنونة على اليمن منذ أشهر طويلة في مواجهة استعصاء يمني طبيعي وغير مفاجئ وهو استعصاء قادر مع الوقت أن يبتلع الاندفاع السعودي.
الكاتب والباحث الفلسطيني(جراد ات):-