عن القرار الأممي 2451
#أصوات_تعزية
صدر ليلة السبت القرار الأممي 2451 عن مجلس الأمن الدولي، وذلك بالإجماع، وقضى بتزكية نتائج مشاورات السويد عن اليمن والداعية لمراقبة وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة غرب البلاد.
وهذا القرار هو ناتج مشروع بريطاني تم تقديمه منذ أكثر من شهر، وتأخر تمريره بسبب مطالبات أمريكية في مجلس الأمن ربطته بانتهاء مشاورات السويد بين الطرف الوطني اليمني القادم من صنعاء وطرف مرتزقة العدوان السعودي الإماراتي القادم من الرياض.
وقد نشرت بعض القنوات الفضائية تقريراً عن إصرار الوفد الأمريكي في مجلس الأمن على إلغاء فقرة في مشروع القرار البريطاني كانت تشير إلى ضرورة معاقبة من يرتكبون الانتهاكات في اليمن.
وهذا الموقف الأمريكي المستهجن دليل مهم وواضح على الرغبة الأمريكية لحماية مسؤولي النظام السعودي والنظام الإماراتي من أية عقوبات جراء جرائم الحرب البشعة التي يرتكبونها في اليمن منذ سنوات، والتي صار العالم كله يتحدث عنها.
كما أن تقديم بريطانيا مشروع القرار وتأجيل الولايات المتحدة الموافقة على إقراره قبل شهر، ثم إصرارها على التعديلات عليه الآن، يشير إلى الاختلاف الأمريكي البريطاني حول الوضع في اليمن، والتعامل مع النظامين السعودي والإماراتي في المنطقة.
فالحكومة البريطانية يبدو أن لها توجهاً لمعاقبة السعودية والإمارات، وإبراز قوتها في مجلس الأمن، وأنها مازالت من الدول العظمى التي لا ينبغي إغفالها، وخاصة في المناطق التي بنتها سابقاً وكانت تحت سيطرتها قبل الحرب العالمية الثانية، ومنها السعودية والإمارات.
وقد لاحظت الحكومة البريطانية ابتعاد السعوديين والإماراتيين عن خط السياسة العولمي الغربي منذ انتخاب ترامب، وارتباطهما به وبالتيار المتصهين الذي يتبناه بشكل كامل، ليشكلوا تحالفاً أمريكياً إسرائيلياً سعودياً إماراتياً، وهو التيار الذي يصفه بعض السياسيين بتيار الصهيونية الدولي، ولديه توجه يختلف عن التيار الأم، وهو تيار العولمة الذي كان يمثله الرؤساء الأمريكيون السابقون ورؤساء الوزراء البريطانيون سابقاً وحالياً.
وهذا الأمر انعكس في تقليل صفقات السلاح مع بريطانيا، وتخفيف التعاون الاستخباراتي، وعدم التشاور الخليجي مع بريطانيا في بعض القضايا، وكذلك القبض على أحد المواطنين البريطانيين مؤخراً في الإمارات وسجنه بدعاوى العمل الاستخباراتي لبريطانيا في أبوظبي.
وكل هذا دفع بريطانيا للتحرك سياسياً ضد السعودية والإمارات في موضوع اليمن، لإشعارهما بقدرة الحكومة البريطانية في مضايقتهم إذا استمروا في طريق الاستخفاف بالحكومة في لندن.
كما تحركت بريطانيا في إقامة مناورات عسكرية قوية ولافتة في البحر العربي، مع الجيش السلطاني العماني قبل شهرين، في وقت ارتفاع التوتر السياسي بين عمان والإمارات من ناحية، وعمان والسعودية من ناحية أخرى.
وربما يكون لعُمان دور مع الحكومة البريطانية في الملف اليمني، ليكون ضد السياسة السعودية والإماراتية، باعتبار العلاقة الوثيقة جداً بين السلطنة العمانية والمملكة البريطانية.
والناتج أن على اليمنيين الاستفادة القصوى من التباينات السياسية الحاصلة في المنطقة لمصلحة القضية اليمنية، ومن حسن الحظ أن قيادة الوفد المفاوض اليمني المتمثلة في الأخ محمد عبدالسلام، تمثل الواقعية السياسية اليمنية، وتحسن الاستفادة مع هذه التباينات، وهو أمر يصب في الصالح العام لليمن.
محمد طاهر أنعم