عنصرية ترامب المدججة بالسلاح وجدران الفصل والميليشيات
تعز نيوز_كتابات
في خطوة قد تكون الأخطر ضمن سياسات الإدارة الأمريكية الراهنة حول قوانين الهجرة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العزم على حجب الحق في الجنسية عن المولودين على أرض الولايات المتحدة، وأنه سوف يعطل هذا العرف عن طريق الأمر التنفيذي الرئاسي فقط دون حاجة إلى تعديل الدستور كما هو شائع. وبذلك فإن البيت الأبيض سوف يدخل في سلسلة معارك قضائية معقدة لأن التعديل الرابع عشر ينص على أن «جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين بجنسيتها والخاضعين لسلطانها يعتبرون من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها».
توقيت كشف النقاب عن هذه الخطوة ليس مصادفة بالطبع، إذ أنه يستكمل سلسلة القرارات والمواقف والتصريحات التي ينخرط فيها ترامب منذ بعض الوقت، ضمن مشاركته النشطة في حملات الحزب الجمهوري لانتخابات الكونغرس النصفية، وفي ضوء معطيات متزايدة تشير إلى احتمال خسران الرئيس الأمريكي الأغلبية الراهنة في مجلسي النواب والشيوخ. ومن ناحية ثانية فإن للخطوة أهدافها الأبعد التي تتجاوز الحملات الانتخابية، لأنها تدغدغ مشاعر الشرائح المحافظة والعنصرية داخل جمهور ترامب التقليدي، خاصة أنصار «التفوق الأبيض» ومبدأ «أمريكا أولاً»، وترص الصفوف استعداداً لأم المعارك الانتخابية في رئاسيات 2020.
وفي خطوة أخرى تسير على المنوال ذاته، أعلن ترامب أنه طلب من البنتاغون إرسال الجيش الأمريكي إلى الحدود مع المكسيك، ومن المنتظر أن يوقع وزير الدفاع جيمس ماتيس أمراُ بإرسال قوات قد يبلغ عديدها 1000 عنصر، تضاف إلى قرابة 2000 من عناصر الحرس الوطني ترابط على الحدود ذاتها. صحيح أن قرارات مماثلة صدرت عن رؤساء أمريكيين سابقين مثل جورج بوش الابن وباراك أوباما، إلا أن «فلسفة» ترامب الخاصة في هذا الميدان لا تخطئها العقول، لأنه يقرن الإجراء بمبدأ أوسع هو العزل والانعزال، بما في ذلك التفكير ببناء جدار فاصل بين أمريكا وجيرانها.
ومن المفارقات العجيبة أن ترامب لا يستغفل عقول جمهوره فقط، بل يستهين بأبسط الحقائق الراسخة والوقائع الجلية. ففي مسألة منح الجنسية عن طريق الولادة، وبعد أن استسخف المبدأ واعتبره مضحكاً، جزم بأن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تعتمد هذا العرف، جاهلاً أو متناسياً ربما أنه يطبق في 30 دولة على نطاق العالم، بما في ذلك كندا والمكسيك وفنزويلا والبرازيل والأرجنتين وتشيلي من جيران أمريكا. وبصدد إرسال وحدات البنتاغون إلى الحدود، من الثابت أن الجيش لا يملك أي سلطة قانونية لاعتقال المهاجرين أو حتى التدقيق في أوراقهم، ومهامه سوف تنحصر في المراقبة الجوية أو بناء المتاريس، وهذا لا يبدل كثيراً من تدفق موجات اللجوء.
والأخطر بالطبع أن قرارات ترامب وتصريحاته وخطبه وتغريداته تسهم مباشرة في تأجيج الأحقاد العنصرية، وتثير ردود أفعال قصوى بالغة الخطورة، مثل تشكيل ميليشيات خاصة مسلحة تتوجه إلى الحدود دفاعاً عن «أمريكا النقية» بزعم احتواء قوافل المهاجرين على عناصر إرهابية، أو مثل إرسال طرود ملغومة إلى شخصيات سياسية واقتصادية وثقافية ومراكز إعلامية معروفة باختلافها مع سياسات ترامب.
ولعل ما خفي في هذه السياسات يظل أعظم.
رأي القدس
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه