🖋اليمن والبانيا «1» «محبة بعد عداوة»
في أكتوبر من العام 1980م نشر الكاتب موفاكو بحثا مصغراً بعنوان «بين اليمن والبانيا صلات نضالية في مطلع القرن العشرين» وقد استند إلى مراجع مهمة منها كتاب «البانيا بلاد النسور» للدكتور جورج حنا وكتاب «الحركة القومية الألبانية في كوسوفا» للباحث زكريا تسانا، وكتاب لمجموعة من المؤلفين السوفييت بعنوان «تاريخ البانيا» وبعض المجلات الألبانية الصادرة في بداية القرن العشرين مثل مجلة «ديلي تورد» وجريدة «درينا» وغيرها من المراجع.
ولسببين اثنين هما أهمية التذكير بتلك الصلات وعدم الاهتمام المطلوب من الباحثين اليمنيين وهي صلات قيل إنها بدأت دموية وانتهت بشراكة نضالية، ارتأيت أن أشير إليها وإلى التشابه بين البلدين في أكثر من مجال وقد يستغرق الموضوع أكثر من يومية لتشعبه .. تاركاً الأمر برمته لمؤرخينا وباحثينا علّهم يقدمون الخدمة التاريخية المطلوبة لحلقة مُهملة، تقول المراجع إن الصلة بين اليمنيين والألبان لم تبدأ بما هو نضالي في بداية القرن العشرين، بل تعود إلى ما هو أبعد بقرون وتحديداً إلى القرن الـ16 ميلادي، حيث بدأت قمعية دموية.
عرف الألبان بصلابتهم ومراسهم القتالي وأرضهم الجبلية الوعرة مما حدا بالبعض لتسميتها بـ «بلاد النسور» وهذا أحد أوجه الشبه بينهم وبين اليمنيين.
إن صلابتهم القتالية هي ما جعلت الدولة العثمانية تعتمد عليهم في جيشها وفي قمع الحركات والثورات التحررية في وجه السيطرة العثمانية، ولليمن نصيبه من ذلك، وتحديداً في العام 1567م حيث تقول المراجع إن اليمن قد شهد انتفاضة تحررية عارمة بلغت ذروتها في العام 1567م مما أثار مخاوف السلطان العثماني سليم الثاني، فكلّف الوالي الالباني على مصر سنان باشا بالتحرك على رأس جيش جرار من الألبان نحو اليمن والقضاء على ثورته، فتوجه سنان نحو اليمن عام 1569م واستمرت حروبه الدموية فيها حتى العام 1571م وقد وصف المؤرخ قطب الدين الملكي هذه الحملة الدموية بـ»الفتح العثماني الثاني لليمن» وقد استمرت هذه الصلة الدموية بين اليمنيين والألبان حتى القرن السادس عشر لتجد لها حدا بظهور محمد علي باشا «الألباني» في مصر، لتتحول إلى صلات نضال تحرري ومحبة بعد عداوة.
نكتفي بهذا تاركين الأمر لأهله من مؤرخين وباحثين وما سنشير إليه في اليوميات القادمة، واليكم لمحة سريعة حول التشابه بين البانيا واليمن حتى في التشطير وإثارة الأطماع فيهما:
1 – كان البلدان يشكلان أهم موقع استراتيجي للامبراطورية العثمانية فكما كان اليمن يشكل بوابتها الجنوبية، كانت البانيا تشكل بوابتها الشمالية مما جعل الامبراطورية تحكم قبضتها عليهما.
2 – يتمتع البلدان بطبيعة جبلية وعرة، ما مكنهما من استمرار الانتفاضات التحررية، وصعوبة إخمادها .
3 – كانت العلاقات الداخلية حينها في كل من البلدين تقوم على العلاقات العشائرية والتماسك القبلي، مما قوى من شوكة الثورات والانتفاضات التحررية.
4 – جمع التاريخ البلدين في مأساة التشطير، فكما كان التواجد العثماني في اليمن عاملاً رئيسياً في تشطيره إلى يمن شمالي ويمن جنوبي، فقد كان لهذا العامل أثره في تشطير البانيا وتوزيع سكانها بين البانيا وكوسوفا التي صارت جزءاً من يوغسلافيا.
5 – يلتقي البلدان أيضا في تميز ثراء وتنوع الموروث الغنائي الشعبي «الفلوكلوري».
وقفنا سريعاً أمام الصلة الدموية بين البلدين، وأمام حالات التشابه التي كان لها دور في الصلات النضالية، أو المحبة بعد العداوة – كما يقول المثل الشعبي – وهذا ما سنقف أمامه في اللقاء القادم.. «يتبع»
محمد موفاكو: هو باحث ومؤرخ ألباني من مواليد دمشق بسورية
✍🏼عباس الديلمي
#العيد_في_امساحل
#أعيادنا_جبهاتنا
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه