سبعة آلاف عام في مهب تحالف داعش
شهدت العاصمة صنعاء، الأسبوع الفائت، فعاليات الندوة الوطنية الأولى للحفاظ على صنعاء القديمة، والتي أقيمت تحت عنوان (معاً لنحافظ على صنعاء القديمة)، واختتمت بتكريم الشخصيات والجهات ذات العلاقة بحماية صنعاء القديمة منذ 1986م.. الندوة التي نظمتها وزارة الثقافة تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، تضمنت العديد من المداخلات والأوراق العلمية التي ناقشت أوضاع صنعاء القديمة ومعالمها التاريخية والمحافظة عليها، ووقفت أمام العوامل التي أدت إلى تشويه بعض معالمها والتعديات على ملامحها من قبل بعض المواطنين، إلى جانب الجهود المبذولة والمطلوبة للحفاظ على صنعاء القديمة والعمل على إبقائها في قائمة التراث العالي.
شاركت في الندوة العديد من الجهات، والجمعيات، والمؤسسات المختصة ذات العلاقة، ولمدة 3 أيام، أثرى المناقشون أوراق العمل المقدمة، وتمنوا أن تترجم الأقوال إلى أفعالٍ على أرض الواقع، وأن تثمر الكلمات بجهودٍ ملموسة.
وخرجت الندوة في يومها الأخير بمجموعة من التوصيات والقرارات الهادفة إلى العمل من أجل المحافظة على معالم صنعاء القديمة، والتصدي لأية محاولات لتشويه معالمها، وكذلك بذل الجهود لكي تبقى صنعاء القديمة ضمن قائمة التراث العالمي، وتجنب العوامل التي قد تؤدي إلى إخراجها من تلك القائمة.
ملخص الندوة
افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية لوزير الثقافة عبدالله الكبسي، قال فيها: لقد تبدى أن مملكة بني سعود ودويلة الإمارات تعمدتا قصف مدينة صنعاء التاريخية لإلحاق الكثير من الأضرار بها، وهذا تم بسوء نية لتدمير وجه صنعاء التاريخي، وأوضح أن الندوة أتت بهدف تأمين حماية مستدامة لمدينة صنعاء القديمة كتراث إنساني عالمي معرض للخطر، وبناء رؤية مشتركة حول الاستراتيجيات اللازمة لمواجهة عملية تدمير التراث اليمني في ظل المستجدات والعدوان، وكذا تأسيس تعاون تكاملي بين المجتمع المدني والمؤسسات المختلفة في برامج التنمية والحفاظ على مدينة صنعاء، ورفع مستوى التعاون بين الجهات المعنية.
ثم تحدث د. عبدالعزيز بن حبتور، رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا للمحافظة على المدن التاريخية، حيث قال: هذه اللحظات من أهم اللحظات للمحافظة على مدينة صنعاء التاريخ، وأنتم تعلمون أن أية مدينةٍ لا تدخل في قائمة التراث العالمي إلا بمعايير مميزة، ولذلك الشكر لأهل صنعاء، وسكان صنعاء. وعندما أدرجتها اليونسكو ضمن التراث العالمي، لأنها مدينة مسكونة بأناسٍ تميزوا بالحفاظ عليه.
وأضاف بن حبتور: من تحدث حول صنعاء التاريخية بأنها لم تعد قادرة على التطور والديناميكية، هو من دبي، ودبي الآن تخسر أكثر من 30% من قدراتها المالية، وصنعاء تصمد حتى بدون قدرات مالية، صنعاء صمدت وتصمد بروابط الإخاء ما بين السكان اليمنيين، وأيضاً المسؤولين الذين يحاولون أن يعملوا في ظل هذا الوضع الاستثنائي ما يمكن أن يعملوه لصالح هذه المدينة وسكانها. نحن سعداء جداً أنه زمن العدوان ينبري وتنبري عقول كثيرة للبحث والنقاش والحوار حول صنعاء, هذا أمر يحير الكثير من المراقبين، لأننا في زمن العدوان عادة ما يلهث الفرد وراء ما يمكن أن يسد رمقه، ويعيش ويؤمن الاحتياجات الأساسية لأسرته، لكن مع ذلك انبرى الكثيرون جداً من أهل صنعاء وسكان صنعاء، وأيضاً المواطنين من بقية أنحاء اليمن، ليرفعوا شعارات منع العبث الذي حدث ويحدث في أحيائها.
وقدمت العديد من أوراق العمل في الجلستين الأولى والثانية، وتم إثراء الأوراق من قبل الحاضرين الذين مثلوا النخبة في المجتمع من أكاديميين، وإعلاميين، وجهات مسؤولة، ومهتمين بصنعاء القديمة، وفي اليوم التالي نوقشت العديد من أوراق العمل المقدمة، حسب البرنامج المعد للندوة، وما لفت الانتباه أن معظم الحاضرين ناقشوا مقدمي الأوراق بتفعيل كلماتهم إلى واقعٍ ملموس، واتفق الجميع حول نقطةٍ واحدة، وهي ضرورة وجود حلول واقعية، كما جاء في تعقيب أحد الحضور: شبعنا كلاماً وندوات، نريد أن نلمس جهوداً على أرض الواقع.
في اليوم الثالث تم تكريم الشخصيات والجهات ذات العلاقة بحماية صنعاء القديمة منذ 1986م، بحضورٍ رسمي وشعبي، وتمت قراءة التوصيات والقرارات لمخرجات الندوة التي تلاها على الحاضرين مطهر تقي، وكيل وزارة السياحة، ومما جاء فيها أن كل الأوراق التي قدمت فيها الكثير من الفوائد والثمار، وأنها لن تظل حبيسة الأدراج، بل ستخرج إلى حيز الوجود.
نحتاج لتفعيل دور الجهات المسؤولة
على هامش الندوة التقت صحيفة (لا) دعاء الواسعي، مديرة بيت التراث الصنعاني – الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية، ورئيس مؤسسة عرش بلقيس للتنمية والسياحة والتراث، التي أوضحت أن بيت التراث الصنعاني يُجسد الحياة الصنعانية، ودوره يرتكز على توثيق تراث مدينة صنعاء القديمة، المادي واللامادي، وهذا يعتبر كجزء من المحافظة على تراث صنعاء القديمة، والمسؤولية مشتركة، وليست مسؤولية شخص بعينه، ونحن نحتاج أن يكون لدى الموطن الوعي بأهمية المحافظة على صنعاء القديمة، فهي تراث إنساني وحضاري.
وأضافت الواسعي أن بيت التراث الصنعاني يوثق تراث صنعاء القديمة، بحيث يتمكن الزائر من مشاهدة داخل بيوت صنعاء القديمة، والنمط المعماري، ومكونات البيت الصنعاني من الدهليز إلى المفرج.
واختتمت الواسعي تصريحها للصحيفة بالقول: الحديث عن صنعاء يطول، ولكن نحتاج إلى تفعيل دور الجهات المسؤولة، ونعطيها حقها لتؤدي غرضها كما ينبغي، وهناك نوايا صادقة أتمنى أن تخرج لأرض الواقع، ولكن للأسف المتنفذون داخل صنعاء القديمة لم يتركوا لنا مجالاً، لأنهم يريدون أن تكون صنعاء سوقاً تجارياً بحكم أنها مقصد تراثي وسياحي (منطقة تجارية) لجميع الزوار.
نقطة ضوء
يذكر أن هذا التحرك الرسمي جاء نتيجة مهلةٍ لا تتجاوز العامين أعطتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، للجهات المختصة، مهددة بشطب صنعاء القديمة من قائمة التراث العالمي، نتيجة تعرضها لتشوهات تتنافر مع نسقها المعماري. وكانت اليونسكو أدرجتها عام 1986م، ضمن قائمة مواقع التراث العالمي.
#بدمائنا_نصون_أعراضنا
أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا ✅