التايمز: سليماني ونتنياهو يعدان لمواجهة مقبلة في سوريا
نشرت صحيفة “التايمز” مقالا مطولا للمعلق الريطاني المعروف روجر بويز، يتحدث فيه عن فرص الحرب في سوريا بين إيران وإسرائيل.
ويبدأ الكاتب مقاله بالقول إن “الحرب في سوريا مستمرة منذ 30 شهرا، أي أطول من الحرب العالمية الثانية، ولا تزال مندلعة، وتم فيها اختبار حوالي 150 نظاما صاروخيا دفاعيا، كما تم فيها استخدام أساليب حروب القرن العشرين، من القصف السجادي إلى غاز الكلور؛ للبحث فيما إن كانت صالحة لمسرح الحرب في القرن الحادي والعشرين”.
ويشير بويز في مقاله، إلى أن “وسائل التواصل الاجتماعي اخترقت الحدود: قام الثوار بوضع (سيلفي) لأطراف من الأجساد، وفيديوهات لرهائن ملثمين، والشباب الغربي المحبط الذي طلب منه نقل الحرب إلى مدنه في الغرب”.
ويفيد الكاتب بأن “الأكاديميات الغربية تقوم بتحليل التجربة في مجال القتل الجماعي؛ ما هو دور الدبابات في معارك المدن، خاصة المناطق ذات الكثافة السكانية؟ وهل يمكن لتشريد جماعي للسكان أن يسهم في النصر؟ وكيف يمكن أن تتحول معلومة استخباراتية تم التنصت عليها بين دمشق وطهران إلى اندلاع حرب؟ ومتى يتم تصعيد حروب الوكالة لحرب بين القوى الإقليمية؟”
ويرى بويز أن “هناك ثلاثة دروس مهمة يمكن استخلاصها من الحرب السورية، أولها أن المشاركين فيها بدأوا فيها لا يملكون خبرة، ولا مال، ويعانون من العجز، وهو ما قاد إلى زيادة في العمليات العسكرية، وبالضرورة القتلى المدنيين، ومع مرور الوقت تعلم هؤلاء المقاتلين الدروس الخطأ، وفشلوا في التكيف، وانخفض عدد القتلى؛ لأن الجماعات التي تراقب وتحصي الضحايا توقفت عن متابعة ما يجري في سوريا بعدما تجاوز العدد نصف مليون”.
ويلفت الكاتب إلى أن “الدرس الثاني: استخدام الروس للقوة منذ عام 2015، التي حققت نتائج سريعة بدلا من الأساليب التي تستخدمها الدول الديمقراطية، فالمبادرة للانتصار تولتها دولة فشلت في التفريق بين المقاتلين والمدنيين الذين كانوا يعيشون تحت سيطرتهم، وكان هذا قرارا سياسيا أكثر من كونه قرارا عسكريا، وبهدف سحق أي ناشط معارض يمكن أن يكون له موقع على طاولة المفاوضات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، وتبنت روسيا بنوع من الحرفية مبدأ كلاوفتيز، المنظر العسكري؛ الحرب هي امتداد للسياسة، لكن بطرق أخرى، فيما لم تفهم الجماعات المدعومة من الغرب هذا المبدأ”.
ويقول بويز: “أما الدرس الثالث والأهم، فهو أن حربا واسعة كهذه في سوريا ستنتهي إلى حرب بين قوتين خبيرتين، وهذا هو الواقع، ولن تكون نهاية الجولة، خاصة بعد أن عبر الرئيس دونالد ترامب عن رغبته بجلب القوات الأمريكية من سوريا، لكن ذلك يعني أن إيران تقوم بالحفاظ على الأسد في السلطة، وتقوم بخوض حرب السيطرة الإقليمية في الوقت ذاته، وهو توسع تراه إسرائيل تهديدا وجوديا”.
وينوه الكاتب إلى “المواجهة التي جرت في شباط/ فبراير، عندما تم إرسال طائرة دون طيار محملة بالقذائف فوق إسرائيل، وقبل أيام من الغارات الثلاثية لمعاقبة الأسد على استخدام السلاح الكيماوي، تحركت إسرائيل في 9 نيسان/ أبريل لضرب قاعدة للطائرات دون طيار، وقتلت القائد المسؤول عنها، ففي الحرب غير المعلنة التي شنت فيها إسرائيل 100 هجوم لم تعلن مسؤوليتها عنها، وحملة ضد أنظمة الحاسوب في إيران أصبحت علنية، وتمت إزاحة ستارة عن الحرب السورية”.
وتنقل الصحيفة عن الخبير في الجيوسياسة الدولية الباحث البرتغالي برونو ماكيس، قوله إن جنرالا صينيا احتفل بالتدخل الروسي في أوكرانيا عام 2014، حيث “منحت أوكرانيا الصين عشر سنوات إضافية لتحضير نفسها للمواجهة مع الولايات المتحدة”.
ويعلق بويز قائلا إن “روسيا جعلت من نفسها العدو رقم واحد، ومنحت الصين مساحة للتنفس، وفي السياق ذاته، منحت سوريا إسرائيل وقتا إضافيا، واهتمت بالأسد، وأخفت نواياها حتى تحين الفرصة لتحويل الحرب السرية مع طهران إلى شيء أوضح، والآن وقد انتهت تلك الفترة فإن إيران وإسرائيل في مواجهة مباشرة ولا أحد يعرف كيف سيتم لعب المعركة”.
وتورد الصحيفة نقلا عن دبلوماسي يراقب سوريا، قوله: “لا ضرورة لأن تكون هناك فوضوية”، ويضيف: “فبعد هذا كله، فإن إسرائيل وإيران متفقتان على ضرورة بقاء الأسد في السلطة لو كان الخيار انهيارا مثل ليبيا، ولأن الطرفين يواجهان بعضهما منذ وقت طويل، فتوصلا لطرق حول كيفية المواجهة ومداها”.
ويقول الكاتب إن “هناك مشكلة جوهرية تظل قائمة، وهي أن النظام الذي يقوده الملالي يريدون محو إسرائيل عن الوجود، حيث قال المرشد الأعلى للجمهورية، آية الله علي خامنئي إن (النظام الصهيوني هو ورم سرطاني في المنطقة ويجب استئصاله)، وقال مستشاره علي أكبر ولايتي: (سلسلة المقاومة ضد إسرائيل التي تخوضها إيران وسوريا وحزب الله والحكومة العراقية وحركة حماس تمر من خلال الطريق السوري السريع، وسوريا هي الحلقة الذهبية في المقاومة ضد إسرائيل)”.
ويجد بويز أنه “من هنا، فإن الهدف الاستراتيجي لإيران في سوريا ليس بناء ممر بري من طهران إلى بغداد ودمشق وبيروت، لكن استخدامه للفتوحات ونقطة إنطلاق للحرب، وسيمزج النزاع بين ثيوقراطية ناشئة وأحلام فارسية للإمبراطور سايروس العظيم ضد إسرائيل، التي مضى على إنشائها 70 عاما، والتي تعتمد على الزمن القديم”.
ويرى الكاتب أن “الحرب المتوترة المجنونة يقف خلفها لاعبان، وهما قاسم سليماني الذي يعيش في الظل، أما الثاني فهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فسليماني هو قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، وهو ليس مجرد جندي مقرب من خامنئي يصلي إلى جانبه، ويجلب إليه أخبار المعارك، بل هو من ينصحه بشأن وجهة الحرب المقبلة، ويريد آيات الله في إيران بناء زخم لا يمكن وقفه في المنطقة، وتوحيد المسلمين الشيعة لتحرير فلسطين”.
ويذكر بويز أن “سليماني يبلغ من العمر 61 عاما، وحصل على خبرته في الحرب العراقية الإيرانية، وكانت القوات الإيرانية غير مهيأة بشكل جيد، حيث تم إرسال موجات من المجندين الذين قتلوا في حقول الألغام، ويقال إن سليماني ناشد الناجين من هذه الحرب، وطلب منهم المغفرة، ووعدهم بشن حرب مختلفة في المستقبل: متحركة، وبخبرات أمنية ومخادعة، وقائمة على المعلومات الاستخباراتية، ودعم الوحدات غير النظامية”.
وينوه الكاتب إلى أن سليماني عمل على تحويل فيلق القدس منذ تسلمه قيادته عام 2000، لقوة متفوقة مزجت بين القدرات النظامية وغير النظامية، اعتمدت على جمع المعلومات والتخريب، وتدريب الجماعات الأجنبية والقوات الخاصة، ودعم شبكات التمرد، واستخدمت هذه القنابل المصنعة محليا لقتل الجنود الأمريكيين في العراق”.
ويبين بويز أن “سليماني خاض خلال السنوات السبع الماضية ثلاث حروب، فالأولى قامت على فكرة منع هزيمة الأسد السريعة رغم الدعم الإيراني له، وكانت مهمته السيطرة على بلدة القصير من الجيش السوري الحر، وكان المنطق العسكري يقوم على معادلة بسيطة، وهي قيادة الأسد دويلة علوية في حال خسارته دمشق، ونتيجة كهذه مقبولة لإيران في حالة واحدة، وهي ربط المناطق العلوية على الساحل الغربي لسوريا مع سهل البقاع في لبنان، الذي يتسيد فيه حزب الله الممول والمدعوم عسكريا من إيران، وكانت القصير والمنطقة المحيطة بها الرابطة التي تربط الأسد وإيران، ولهذا أمن سليماني المنطقة لحزب الله”.
ويفيد الكاتب بأن “الحرب الثانية جاءت مع دخول الروس لسوريا عام 2015، حيث أرسلت موسكو مقاتلاتها، وساعدت الأسد على تأمين مدن خسرها وحماية موقعه، ونسق سليماني مع الروس، لكنه ظل ملتزما بالأجندة التي رسمها خامنئي، وهي تنظيم المليشيات الشيعية في سوريا، وتجنيد المقاتلين من أفغانستان وباكستان، وتوصيل السلاح لحزب الله، ومنذ سقوط حلب قام الحرس الثوري ببناء قواعد عسكرية له، وهو ما لا تريده إسرائيل”.
ويشير بويز إلى أن “الحرب الثالثة هي التي يخوضها مع إسرائيل، ومقابله نتنياهو، الذي هو في المقابل لا خبرة عسكرية كتلك التي يملكها سليماني، حيث كان نتنياهو جنديا في وحدات الكوماندوز أثناء حرب عام 1973، ونظرا لخوفه من المصير الذي لقيه شقيقه في عملية عنتيبي، فإنه ترك الجيش برتبة نقيب في بلد يعد الجنرالات السابقين جزءا من النخبة السياسية، لكنه ماهر في تحديد الأعداء الخارجيين وشجبهم بصوت عال”.
وتنقل الصحيفة عن مراسل “التايمز” في إسرائيل أنشل بيفير، الذي نشر كتابا عن حياة نتنياهو، قوله: “في الثمانينيات من القرن الماضي كانت سوريا والاتحاد السوفييتي الموضوع الرئيسي بالنسبة له، وفي التسعينيات من القرن الماضي أصبح العراق، فيما ركز منذ بداية القرن الحادي والعشرين على إيران”.
ويورد الكاتب نقلا عن نقاده، قولهم إنه يحاول حرف الانتباه عن الموضوع الفلسطيني، وتعزيز قاعدته الشعبية، مشيرا إلى أنه ظهر في أثناء حرب الخليج الأولى عام 1991 وهو يلبس قناع الغاز.
ويرى بويز أن “التهديد كان حقيقيا، حيث هدد صدام بحرق نصف إسرائيل، وضربها بـ 40 صارخ سكود، وكذلك إيران فهي تهديد، مع أنه من الناحية النظرية فإن القدرات العسكرية الإسرائيلية تعد أكثر تفوقا، ومن الناحية العددية تتفوق إيران على إسرائيل واحتياطها الواسع، لكن لا أحد يفكر في شن حرب برية، ويعترف نتنياهو بالخبرات الإيرانية وقدراتها في الحرب الإلكترونية وأساليبها التخريبية، ولو حصلت على القنبلة النووية فإنها ستكون قادرة على ردع إسرائيل، التي تملك برنامجا غير معلن، إلا أن التغير المهم قد يأتي من نشر إيران جماعاتها الوكيلة، حركة حماس وحزب الله”.
ويقول الكاتب: “بانتظار اللحظة المهمة، وهي 12 أيار/ مايو، وماذا سيقرر الرئيس دونالد ترامب، المصادقة على الاتفاقية النووية أم العودة لنظام العقوبات على إيران، وتأمل الدول الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بتعديل الاتفاقية، خاصة فيما يتعلق بالبرامج الباليستية، إلا أن تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي،والصقر المطالب بتغيير النظام في إيران، يثير المخاوف”.
ويورد بويز نقلا عن دبلوماسي حضر لقاء يتعلق بالجهود الأوروبية لإرضاء مطالب ترامب الداعية لتعديل الاتفاقية، قوله إن الرئيس الأمريكي متردد بالخروج من الاتفاقية قبل لقائه مع الرئيس الكوري الشمالي “أي إشارة سيرسلها لكيم”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول: “لكن في عالم ترامب كل شيء ممكن، وأمامنا اسبوع من الدبلوماسية قبل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لواشنطن، إلا أن المبارزة بين الجنرال في الحرس الثوري والنقيب السابق في الجيش الإسرائيلي متواصلة، ولا أحد يعرف نتيجتها”.
#يد_تحمي_ويد_تبني
#انفروا_خفافا_وثقالا
أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا ✅