بركان الطائفية
….
اليوم نحتاج إلى مزيد من الوعي، نحتاج إلى مزيد من التوسّط في كل القضايا، نحتاج أن نمسك العصى من الوسط. يجب أن تبتعد الشعوب عن قضية التصنيفات، لا نحشر المذاهب بالخلافات السياسية، ولا نحشر الشعوب أيضاً. حرّر عقلك من القيود، من الطائفية، من الكراهية.
بركان الطائفية يوشك على الانفجار في عالمنا العربي والإسلامي، وهذا شيء متوقّع، فأغلب المحللّين السياسيين والمراقبين في المنطقة يرون هذا الشيء، ونحن نبّهنا كثيراً من خطورة الإعلام العربي الممّول من الكيان الصهيوني ومن النظام الأميركي في المنطقه، وخصوصاً القنوات الإخبارية، التي تعتمد الأجندة الصهيونية في إخراج الأحداث السياسية في المنطقة وتصنيفها، أصبحت الآن واضحة المقصد والشأن، تحمل همّ تفكيك الأمة العربية والإسلامية وزرع بذور الطائفية لتعمل على تقسيمهم الى طوائف وأحزاب، بشكل ملحوظ وفاجر .
نرى جيداً كيف تمت مباركة الربيع العربي من قِبَل الولايات المتحدة الأميركية، وكيف كانت الناطق الرسمي للفوضى الخلاّقة، والتي تُعدّ من سياسة الولايات المتحده الأمريكية، في المنطقة !!والهدف من تلك الفوضى بسط السيطرة على المنطقة، وصياغة المنطقة العربية بشكل يتناسب مع السياسة والمصالح الأميركية بما يسمّى الشرق الأوسط أو الوطن العربي والإسلامي.
من بداية الحرب اليمنية طالبنا بوقف الحرب، لان هدف هذه الحرب لم تكن السياسة إنما نشر الطائفية، فأنا ضد الحرب بشكل عام لأنه يبقى أنصار الله والحوثيون مكوناً من الشعب اليمني، والسلاح والقصف لن ينهي أي أزمة سياسية بنظرة عامة وواقعية. وهذا لايعني إنني أوافق أنصار الله أو الحوثيين، بل أوافق كل من يقول بنبذ الطائفية لأنها السبب الرئيسي والأساسي في تفكك الوطن العربي.
يؤسفني أن أقول إن العالم العربي والإسلامي مقبل على حرب طائفية كونية، وهناك من الحمقى والمغفّلين، ومن يسمون أنفسهم بالسياسيين يياركون هذه الاحتقانات الطائفية بين البلدان.
كما شاهدنا في الآونة الأخيرة الأزمة الإيرانية السعودية !!
هناك الأغلبية تأخذ الأزمة كخلاف طائفي سنّي شيعي… والحقيقة أن السبب الرئيسي سبب سياسي قديم جديد، وهو صراع بين القومية الفارسيّة والقومية العربية، وليس من صالح أي طرف من الأطراف الاصطدام بين المملكة العربية السعودية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، فالكل يبقى مسلمين ووحدتنا هي قوتنا وتشتتنا وتشرذمنا لصالح الكيان الصهيوني.
هذا الاصطفاف الطائفي، وتلك التصنيفات التي ما أنزل الله بها من سلطان، هي معاول هدم للأمة الإسلامية والعربية.
اليوم نحتاج إلى مزيد من الوعي، نحتاج إلى مزيد من التوسّط في كل القضايا، نحتاج أن نمسك العصى من الوسط.
يجب أن تبتعد الشعوب عن قضية التصنيفات، الخلاف السياسي بين السعودية وإيران شأن دبلوماسي وسياسي، لا نحشر المذاهب بالخلافات السياسية، ولا نحشر الشعوب أيضاً.
علينا ألا نُدخل الشعوب في هذه التجاذبات التي من شأنها أن تغذّي الكراهية والتباغض. كما علينا أن نعزل الديانات والمذاهب عن السياسة والخلافات السياسية.
على الواعين والمثقفين،على النخب، توعية الشارع العربي والإسلامي من خطورة الاصطفافات والاصطدامات الطائفية المقيتة، التي والله لن تبقي ولن تذر في عالمنا العربي.
اليوم نحن منقسمون في أحداث اليمن والحرب على اليمن. انعكاساتها واضحة جليّة لأي محلّل سياسي واقتصادي يرى الوضع الاقتصادي يتدهور في الخليج العربي. بدأ مثلاً سعر برميل النفط ينخفض في المملكة العربية السعودية والكويت. ونحن كدول عربية لا بدائل لنا اقتصادياً سوى النفط ، فهذه أزمة إقتصادية، ونرى اليوم السعودية تعلن عن عجزٍ مالي كبير جداً، لعدم قراءتها الصحيحة للمشهد اليمني، فالأزمة اليمنية طال أمدها أكثر من اللازم.
اليوم نحتاج إلى مزيد من العقل ونحتاج ألا ننجرف خلف العواطف، ولا نرفع الشعارات المذهبيّة ونحترم الجميع بلا عنصرية .
إيران لها مصالح في المنطقة والسعودية أيضاً لها مصالح. أميركا لها مصالح في المنطقة، وأهم مصلحة ستحصدها بخلافنا فهي تقتات على الخلافات بيننا كمسلمين، كعرب، فعلى المثقفين والنخب أن يعيدوا التوعيه والسلام في المنطقة.
لقد اكتشفت في الأزمة السورية واليمنية أن أصعب شيء أن يكون الإنسان في الوسط. هناك من يحاول أن يغرس فينا نظرية “إن لم تكن معي فأنت ضدي”، وهذه كانت سياسة أطلقها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.
وهذا ما نلاحظه اليوم عند بعض العرب الطائفيين المهووسين بالطائفية. إن كنت بعيداً عن التصنيف يحاول بشتى الطرق أن يتصيّد أفعالك، كلماتك حتى يصنّفك من أي طائفة أنت.
الحرب هي الدمار والقتل والتشتيت والضياع. الحرب لعنة للكل، لا يتمنّى الحرب شخص عاقل. والحرب على المذهب والطائفة والتراشق بألفاظ الكفر والزندقة للمخالف هي حرب حقيقة توغِر الصدور وتملأها بالأحقاد، وتتشفّى بمنظر القتل والهلاك للمبغض.
ماذا تستفيد أنت عندما تدعو هذا بالكافر والرافضي والمجوسي والناصبي؟ً
ماذا قدّمت طائفيتكم للشعوب والحضارة والعلم والتقدّم؟!
ما هي الحسنة التي ستمتلكها حينما تكره الآخر وتشتم الآخر وتقتل الآخر، وتشارك في مقتل الآخر، تدفع المال لتقتل النفوس وتشرّد الأُسر وتهدم البيوت؟!
ماذا استفاد العرب والمسلمون من تلك الطائفية النتنة، التسابق على الجنة؟! كيف وأنتم هدمتم دنياكم وارتفعت أصوات المظلومين بالدعاء عليكم؟!
هل استفدتم حضارة وسابق نصر، أم رقياً وتنمية وعلماً؟! على جثث المظلومين وبيوت المنكوبين؟!…
نحتاج إلى عقول تعي وتزن الواقع تنظر إليه بنظرة إنسان، تشعر بكل خزي وعار لما يفعله أعداء الإنسانية بالبشرية جميعاً
حرّر عقلك من القيود، من الطائفية، من الكراهية … فتلك لن ترتقي بك بل ستهدمك، ستهدم إنسانيتك، ستهدم طموحك حياتك.
المصدر: الميادين نت