المنافسة على زعامة العالم الإسلامي تُشعل حرب النفوذ بين تركيا والسعودية
زعامة العالم الإسلامي ادعاءٌ ما فتئت المملكة العربية السعودية على تكراره مراراً، وترى المملكة أنّ ما تقوم به تركيا من أعمال في شمال وشمال شرق إفريقيا يهدد مصالحها كما ويُهدد ادعاءاتها بأنّها زعيمة العالم الإسلامي، لتبداً الرياض إجراءات في تلك المنطقة للحد من النفوذ التركي هناك.
السنوات الأخيرة كانت شاهدةً على عبور تركيا لحدودها السياسية وذلك من خلال العمليات العسكرية التي قامت بها، أو من خلال إبرامها لاتفاقات عسكرية وأمنية مع بلدان أخرى، لتشكل أنقرة ومن خلال قواعدها العسكرية قوسا استراتيجيا يمتد من في البحر الأحمر إلى الخليج الفارسي والمحيط الهندي، حيث بنى الجيش التركي قوسه الاستراتيجي هذا من خلال قاعدته العسكرية في جزيرة “سواكن” السودانية، بالإضافة للقاعدة العسكرية في الصومال على شواطئ المحيط وأخيراً قاعدته العسكرية في قطر، ويرى الخبراء أنّ سبب التمدد التركي هذا يعود إلى عدّة أسباب منها:
تصارع القوى على شواطئ إفريقيا المهمة
يشهد البحر الأحمر حالياً وجود محورين، يشمل الأول السعودية، مصر، الإمارات والكيان الإسرائيلي، في حين يشمل المحور الثاني كلّاً من روسيا، تركيا، قطر والسودان، حيث يُمثّل الوجود العسكري التركي في القرن الأفريقي وساحل البحر الأحمر أهمية كبيرة للسياسيين الأتراك، وذلك كونهم يضعهم على الطريق التجاري الرابط بين آسيا وإفريقيا وأوروبا من ناحية، ومن ناحيةٍ أُخرى بهدف التأثير على التطورات في القاهرة والرياض، وذلك من الأسباب الاستراتيجية المُهمة للوجود التركي هناك.
دولة قطر وبوصفها الحليف الرئيس لتركيا في غرب آسيا؛ حاولت استغلال وجود وتوسع النفوذ التركي في البحر الأحمر، لتدعي وزراء دفاع كل من السودان وقطر وتركيا إلى اجتماع لوزراء في الخرطوم بهدف زيادة التعاون في البحر الأحمر، حيث أنّ هذا المحور ومن خلال وجهة النظر القطرية يمكن أن يكون مساهماً رئيسياً في مستقبل المنطقة، كما سوف يؤثر على العلاقات السعودية مع قطر، ومن ناحيةٍ أخرى يمكن أن يخلق هذا المحور أزمة جديدة في البحر الأحمر.
ومن ناحية أخرى، فإنّ شعوب الدول العربية المطلة على البحر الأحمر تفضل وجود تركيا على وجود الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو حتى الصين وروسيا، حيث أنّ وجود جماعة إسلامية أو جيش إسلامي في بلد إسلامي هناك؛ فمن الطبيعي أن يدافع عن مصالح تلك الدول والشعوب، حيث أنّ الصينيون أخذوا جزيرة في جيبوتي، كما ويتواجد الألمان هناك أيضاً، والكيان الإسرائيلي هو الآخر موجود من خلال ميناء العقبة شمال البحر الأحمر، كما أنّ تركيا، السودان وقطر متواجدون بالقرب من الحدود المصرية كمحور داعم للإخوان المسلمين.
أهمية الصومال
تُعدُّ مقديشو أول قاعدة عسكرية تركية في إفريقيا وثاني أكبر قاعدة عسكرية لها خارج البلاد، وتعود أهمية الصومال في السياسة الخارجية التركية إلى موقعها الاستراتيجي وسوقها الاستهلاكي، كما أنّ جزيرة “سواكن”، والمعروفة باسم بوابة البحر الأحمر، ذات أهمية تجارية واقتصادية كبيرة.
ونتيجة عدم الاستقرار في بلدان كسورية وليبيا، فإنّ حجم الصادرات التركية إلى هذه البلدان قد انخفض بشكلٍ لافت، حيث فقدت تركيا عملياً جزءً مهماً من سوقها، لذلك فهي تهدف إلى إيجاد أسواق جديدة لتصريف بضاعتها، حيث أصبحت البلدان الأفريقية ذات أهمية كبيرة بالنسبة لها.
أكثر من ذلك.. فللصومال مكانة خاصة في السياسات الاستراتيجية للبلدان الكبرى بسبب حدودها الساحلية مع خليج عدن والمحيط الهندي ومضيق باب المندب الذي يربط بين خليج عدن والبحر الأحمر على طول حدودها، حيث أصبح الموقع الاستراتيجي للصومال مهمّاً منذ افتتاح قناة السويس، وذلك من خلال ربط البحر الأبيض المتوسط عبر البحر الأحمر ومضيق عدن بالمحيط الهندي، وبناء على ذلك، فإن الصومال تمتلك أطول خط ساحلي في القارة الأفريقية يربطها بالممرات البحرية إذ يبلغ طوله 3330 كيلو مترا.
وبناءً على ما سبق؛ فإنّ أي دولة تريد أن تُشرف على خليج عدن فإنها تُدرك جيداً أهمية الصومال، أما الرياض فقد ردت على وجود تركيا في الصومال بقوة واعتبرته تهديداً لها، حيث اعتبرت الرياض أنّ الوجود التركي في البحر الأحمر هدفه الحد من تأثير مصر كحليف سعودي في القارة الأفريقية.
وفي النهاية يمكن القول إنّ تركيا وبعد انهيار الكتلة الشرقية قامت بمراجعة سياستها الخارجية، لتتخذ بعدها سياسةً نشطة وواقعية سعت من خلالها إلى الحفاظ على أمنها الإقليمي استناداً إلى مؤشرات أمنية هيكلية مفادها ضرورة إلى القوة رقم واحد في المنطقة، غير أنّ الوصول إلى هذا الهدف يتطلب الكثير من العوامل ؛ طبعا بالإضافة إلى القوة العسكرية، بما فيها العوامل الجغرافية والثقافية والاقتصادية والأيديولوجية والديموغرافية والعلمية، غير أنّ تركيا وبسبب الصراعات الأيديولوجية والثقافية مع بعض بلدان المنطقة كالسعودية وإسرائيل، فإنها ستواجه تحديات أمنية في المستقبل، حيث ترى الرياض والتي تزعم أنها زعيمة العالم الإسلامي، أن الأعمال التي تقوم بها أنقرة تُشكل تهديداً لتلك الزعامة، لتبدأ بإيجاد قوى جديدة في شمال وشمال شرق أفريقيا تعمل ضد تركيا.
نحو_جبهاتنا_وفاء_لشهدائنا
#انفروا_خفافا_وثقالا
أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا✅