النفــير.. خيار وطني مقدس
من الحقائق الثابتة التي من العار الاختلاف حولها أن اليمن تتعرض لأبشع وأشرس عدوان همجي سافر غير مسبوق في التاريخ الإنساني .
هذه الحقيقة الناصعة مبعث الاستغراب من مواقف بعض المثقفين اليمنيين التي تجعلنا نتساءل .. هل فقد هؤلاء بوصلة التمييز ؟! هل هو الإفلاس ؟! أم أن بعض الضمائر باتت معطوبة تدفع أصحابها إلى المتاجرة بالدماء والأشلاء .
لا أُخفي أن أفكار هؤلاء وتصوراتهم الباهتة صدمتني لأنها لم تكتف بالانهزام والتخاذل وتحريف الوقائع بذكريات مزيفة خلافاً لما هي عليه في الواقع ، لكنهم في إطار الاحتجاج على مبدأ إعلان النفير ، أولو القصد من قوله تعالى ” أنفروا خفافاً وثقالاً … إلخ ” بالتأكيد على أن التوجيه موقوف يخص زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا مبعث الدهشة والاستغراب لأن ثقافة المتحدث الدينية واسعة ، إلا أنه عبر عن فكر سطحي غير مُلم بمضامين القرآن الكريم، ولا بحقائق العدوان التاريخية .
هذا لا يجوز في هذه اللحظة الفارقة والمعتدون يهددون مصير البلاد ومستقبل اليمنيين جميعاً ، مما يجعل قتال من يعتدون علينا ضرورة حتمية كممارسة لحق سيادي من أبناء بلد مستقل، وبالتالي فإنه يترجم الإرادة الذاتية لكل يمني شريف ويجسد خيارات الشعب الفعلية المؤكدة للضمائر والمبادئ والأخلاق وأحاسيس الانتماء الصادق للوطن .. ماذا يريد هؤلاء بعد الجحيم والمآسي والكوارث ؟! كوارث تدمي القلوب وتبدد ذرات الصبر والاحتمال ، لكنها تحول كل يمني شريف صادق الانتماء إلى كتلة غضب وحماس مستعد للتضحية بأغلى ما يملك وهي النفس ويسقط كل أعذار التقاعس أو الصمت ، خاصة أن ممارسات المعتدين الشيطانية وما يرتكبونه من مجازر بشعة ضد شعبنا اليمني عرت المستور وأسقطت كافة المبررات المعلنة في بداية العدوان ، وأكدت أن قوى الشر وأركان الاستكبار العالمي تكالبوا على شعبنا المظلوم بقصد أخذ البلاد إلى مجاهل الارتهان والتبعية المقيتة .
إلاّ أن صمود الأبطال وتلاحم الشعب أفشل مرامي الحرب الكونية ودوافع الاستهداف الممنهج في ظل التلاحم الأسطوري والخوارق والمعجزات التي تجعل المجاهدين يحققون انتصارات حاسمة عجز العالم عن فهم مفرداتها واستيعاب عناصرها وسيظل العالم في حالة ذهول كذلك لأنه غير مُلم بمفردات الدعم والإسناد الإلهي لعباده المؤمنين ، وهذا هو العنصر الهام الذي صاغ إرادة التحدي وبسالة الصمود وجعل كل يمني شريف صادق الإيمان بالله و الانتماء للوطن يشاهد بشائر النصر المبين ماثلة أمام عينيه من أول لحظة للمواجهة ، وهذا هو حال المجاهدين الأبطال وهم يواجهون برابرة العصر ويمرغون أنوفهم في الوحل لأنهم أصحاب قضية عادلة وعلى وعي كامل بطبيعة المخاطر التي تحيق بالبلاد ، لذلك يبذلون المُهج في سبيل مواجهة صلف وغطرسة وحقد المعتدين ويصدق عليهم قول الخالق سبحانه وتعالى “أشداء على الكفار رحماء بينهم” .
مثل هؤلاء الشباب الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه هم من يجب أن تنحني لهم الهامات وتنكسر تحت تراب نعالهم أقلام أصحاب النفوس المريضة بهوس الخوف من المتخاذلين والمهزومين ورؤوس جوقة الخونة والمرتزقة والعملاء المراهنين على الأعداء .
ونقول لهؤلاء: النفير خيار وطني مقدس لا يُمكن لأي مواطن يمني شريف التقاعس عنه .. والله من وراء القصد ..
أحمد يحيى الديلمي