أمريكا من قمع الاحتجاج المدني على اراضيها إلى المطالبة بحماية حقوق الأمم؟!
وكما كان المتوقع، واصل أعضاء مجلس النواب الامريكي اتباع سياسات الحكومات الأمريكية المتعاقبة والمبنية على سياسة الكيل بمكيالين في تعاطيها مع قضايا المنطقة وخصوصاً تلك القضايا المتعلقة بمحور المقاومة وبالتحديد ما يخص الجمهورية الاسلامية في ايران. وفي اخر الفصول الامريكية تجاه ايران أصدار مجلس النواب الامريكي قرارا بشأن الاضطرابات الأخيرة التي حصلت في بعض المدن الإيرانية متهماً الجمهورية الإسلامية بانتهاك حقوق البشر والانسان وقمعها للمحتجين الابرياء.
وجاء في نص القرار الامريكي الذي اقر صباح يوم الثلاثاء بإجماع أغلبية 415 صوتا مقابل صوتين فقط، على دعم الكونغرس “للشعب الإيراني المنخرط في مظاهرات مشروعة وسلمية ضد نظام قمعي وفاسد”. كما يؤكد النص أن الكونغرس “يدين الانتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان والأنشطة المزعزعة للاستقرار التي يرتكبها النظام الإيراني بحق الإيرانيين”. كذلك فإن النواب دعوا في قرارهم إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب إلى فرض عقوبات قاسية جدا بحق “منتهكي حقوق الإنسان في إيران”.
وتتهم الحكومة الامريكية ايران بانتهاك حقوق الانسان وتصدير العنف وسفك الدماء في منطقة الشرق الاوسط، الا انها تنسى نفسها وهي المتهمة خلال السنين الماضية في قمع العديد من الاحتجاجات الواسعة خصوصا تلك التي خرجت بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا لامريكا اضافة الى انتشار العنصرية بشكل كبير فيها.
قتل الشعب البريء في امريكا واعراب القلق للشعب الايراني
وقال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله خامنئي في بيان يوم الثلاثاء، ان المسؤولين الامريكيين اخذوا يبالغون في الاحداث التي جرت في ايران مستغلين المطالب المعيشية لتحقيق اهدافهم الفتنوية. وتوجه المرشد الاعلى الى المسؤولين الامريكيين قائلا: انتم لا تخجلون من انفسكم؟ لقد قتل اكثر من 800 شخص على ايدي الشرطة الامريكية العام الماضي، وهل نسيتم احداث والستريت التي قتل فيها الشرطة اعداد كبيرة من المتظاهرين بدون اي سبب وبطريقة عنصرية، وفي ذلك الوقت لماذا كنتم لا تهتمون لامر الشعب الايراني؟
حقيقة احترام حقوق الانسان في امريكا
ومن هذا المنطلق، تدأب الادارات الامريكة السابقة والحالية على تقديم نفسها كحامية لحقوق الإنسان، والمدافع عن الحريات والسلم العالمي واحترام القوانين الدولية، الا انها على صعيد احترام حقوق الانسان داخل حدودها تعد من ابرز البلدان قمعية لشعوبها وذلك باعتراف سياسيين بارزين بهذا الامر.
1- اعتراف كلينتون بقتل الناس في أمريكا
اثناء الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون، اعلنت في مناظرة لها في جامعة نيفادا بلاس فيجاس انه هناك 33 ألف حالة وفاة سنويا بسبب استخدام الأسلحة بطريقة عشوائية مما يعني انه يومياً يقتل اكثر من 90 امريكياً اغلبهم على ايدي الشرطة الامريكية حيث يجب اعطاؤها دروس في الحقوق الانسانية”.
2- ارتفاع غير مسبوق في السجناء السود في الولايات المتحدة
ايضا أشار موقع “لابروجيرسيو” الامريكي في دراسة له إلى ارتفاع عدد السجناء السود بشكل غير مسبوق في امريكا:
ويقول الموقع الامريكي “ان عدد السجناء السود في أمريكا أكثر من عدد السود الذين تم استعبادهم في عام 1850 وقبل الحرب الأهلية”
كما كشف الموقع انه وخلال مظاهرة لبعض الامريكيين السود الذي تجمعوا من اجل منع مرور انبوب للغاز داخل احيائهم رفع المحتجون لافتة كتب عليها: كيف تجرؤن على الحديث عن الحرية والمساواة عندما تستمرون في نهب أراضي الشعوب الأصلية وقمع السكان الأصليين؟
كما وكشفت صحيفة واشنطن بوست الامريكية ان عمليات القمع اليومية والقتل التي يتعرض لها السود في امريكا قد زادت بشكل رهيب في السنوات الماضية حيث بلغ عدد الذين قتلوا على يد الشرطة عام 2015 حوالى ألف شخص من البشرة السوداء مؤكدة أن هذا الرقم يساوي أكثر من ضعفي متوسط الرقم السنوي الذى أعلنه الـ “إف بي أي” في السنوات السابقة.
النفاق الامريكي في قضايا الدفاع عن حقوق البشر
اذا يجب على ممثلو الأمة الأمريكية ان كانوا مهتمين بحقوق البشر والانسانية، البدء في مجتمعهم الامريكي الداخلي الذي يتفكك اجتماعياً وعنصريا شيئا فشيئاً.
و في هذا السياق يقول الكاتب المعروف في صحيفة نیویورک تایمز الامريكية “ویلیام شانون”، في مذكراته حول انتهاكات السياسة الأمريكية:
” ان الادارات الامريكية المتعاقبة انهمكت خلال ربع القرن الماضي في دفي نشر وتعزيز الحرية السياسية ورفع العدالة الاجتماعية في دول العالم الثالث. ولكن في أمريكا اللاتينية، حيث أصدقائنا ومؤيدينا الحقيقيين، وفي آسيا، حيث ضحينا بشبابنا وثرواتنا، كانت علاقاتنا في كثير من الأحيان مصدر الخطر والحزن والمأساة “.
اذا ختاماً، وبالنظر الى هذه الحقائق يمكن القول ان قرار المجلس الامريكي والقرارات السابقة واللاحقة لن يكون لها اي قيمة على المستوى العالمي، ويجب معرفة ان امريكا لا تراعي الا مصالحها على حساب حقوق الشعوب الأخرى ومصالحها وتطلعاتها الوطنية والقومية، والغبن والظلم الذي يصيب تلك الشعوب جراء التفسيرات الأميركية الخاصة للقانون الدولي، التي تحرَّف روح القوانين والغاية منها، وتبرر ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وذلك لاستلاب حق الشعوب في الاستقلال والحرية وتقرير المصير