سجون الإمارات…التعذيب خلف الأبراج الشاهقة
المعتقلون السياسيون يتعرضون لتعذيب ممنهج
الإمارات تحتجز المعتقلين في أماكن سرية بلا محاكمات
منع المعتقلين والسجناء من العلاج والرعاية الصحية
علياء عبد النور معتقلة بلا تهمة ومصابة بالسرطان دون علاج
مواطن بريطاني يتعرض للتعذيب والاهمال الطبي في سجون الإمارات
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ندوة في البرلمان البريطاني بعنوان “الموت من أجل الحرية — حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة”، برئاسة النائب توم بليك وبحضور ثلة من المحامين الدوليين المتخصصين.
وقال النائب بليك في افتتاح الندوة إن “هناك حاجة متزايدة لمزيد من الضغط الدولي على دولة الإمارات العربية المتحدة لتحسين سلوكها في التعامل مع المحتجزين لديها”، وأوضح أن دولة الإمارات تحتجز الكثير من المعتقلين في أماكن مجهولة يتعرضون بداخلها لانتهاكات جسيمة لكافة حقوقهم، ويحرم المعتقلون السياسيون في الإمارات من الحصول على أي رعاية طبية، ويتم تعريضهم للحبس الانفرادي، وفي أحيان كثيرة للتعذيب”.
وقال رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا محمد جميل، في مداخلته إن السلطات الإماراتية لم تكتف باعتقال المعارضين وتعذيبهم ومحاكمتهم والحكم عليهم تعسفيا لفترات طويلة، بل يتم تعذيبهم وإذلالهم أثناء قضائهم عقوبتهم بحرمانهم من حقوقهم الأساسية وتفتيشهم تفتيشا عاريا وحبسهم انفراديا في زنازين متسخة، والأخطر هو حرمانهم من العلاج.
علياء عبد النور
وقدم جميل نموذجا على هذه الانتهاكات بقضية علياء عبد النور المصابة بالسرطان، والمحتجزة دون علاج مع الرفض التام للإفراج عنها صحيا. وفي شريط فيديو عرض أثناء الندوة، شرحت والدة علياء عبد النور قضية ابنتها وما تتعرض له من انتهاكات، متسائلة “ماذا فعلت ابنتي ليتم معاملتها هكذا؟ هل قتلت؟ ابنتي مريضة بالسرطان وتموت، يجب أن يفرجوا عنها”.
وبخصوص القضية نفسها، قال المحامي كارل بيكلي إنه “تم تقديم عريضة شكوى إلى فرع الإجراءات الخاصة في لأمم المتحدة، كما تم التواصل مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان للتحقيق في حالة علياء عبد النور والتحرك بشأنها”. وأضاف أنه “يتم احتجاز المواطنة البريئة علياء عبد النور في ظروف غير آدمية تتناقض مع المعايير الدنيا المتفق عليها دوليا، من بينها حرمانها من تلقي الرعاية الطبية اللازمة لحالتها الصحية”؛ مشيرا إلى أنه تم الحكم عليها بالسجن عشر سنوات بعد ادعاءات بتورطها في أعمال إرهابية دون وجود أي دليل قانوني أو مادي، حيث تم التلاعب بالسلطة القضائية لإثبات إدانتها، بحسب تعبير بيكلي.
وحسب المنظمة تعرضت علياء وهي معتقلة إماراتية للاعتقال بتاريخ 29 يوليو 2015، من محل إقامتها بالإمارات، ثم تعرضت للاختفاء القسري في مكان مجهول لمدة أربعة أشهر، دون السماح لها بالتواصل مع أسرتها، ودون الإفصاح عن أي معلومة تخص مصيرها لأي جهة، ثم تم عرضها فيما بعد على الجهات القضائية، ومحاكمتها بتهمة تمويل الإرهاب والتعامل مع إرهابيين خارج البلاد قبل أن يحكم عليها بالسجن 10 سنوات. وتحذر المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا من أن علياء تتعرض لقتل بطيء ومنهجي على يد السلطات الأمنية الإماراتية عبر حرمانها من حقها في الحصول على العلاج المناسب خارج منظومة السجون.
ضرورة الضغط الدولي
وتؤكد المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أنها راسلت الجهات المختصة في مجلس حقوق الإنسان ودولا عديدة على علاقة وثيقة بدولة الإمارات من أجل تأمين الإفراج الصحي عن علياء لإنقاذ حياتها قبل فوات الأوان. وتطالب المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا المجتمع الدولي بالضغط على السلطات الإماراتية للإفراج الصحي عن المعتقلة علياء عبد النور بحسب نص القانون الإماراتي والتحقيق في كافة الانتهاكات التي تعرضت لها، فاستمرار احتجازها في ظل حالتها الصحية المتدهورة يشكل خطرا داهما على حياتها.
وفي سياق متصل، قال المحامي إيدن أليس إن إفراج الرأفة لأسباب إنسانية من الحلول المثلى لحالة علياء، مؤكدا أن “الإهمال الطبي والحرمان من العلاج يعتبران من أشكال المعاملة المهينة وغير الإنسانية، وأن الحق في العلاج الطبي للسجناء يقترن بحقين آخرين هما: الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة السيئة والمهينة”.
وعرض المحامي ريس دافيس المتخصص بالمساءلة الجنائية الدولية في الندوة قضايا أجانب، منهم المواطن البريطاني ديفد هيغ الذي تعرض لتعذيب وإهمال طبي في سجون الإمارات، وأكد أن الأمر برمته لا يتعلق بنصوص القانون التي تمنع التعذيب، ولكن بمدى التزام الدولة بها ووجود مساءلة حقيقية.
التعذيب المستمر
وكشف الصحفي “بيل لو” المتخصص في شؤون الشرق الأوسط أن خلف الأبراج الشاهقة والفنادق الفارهة في دولة الإمارات، قمع ومنع حرية الرأي والتعبير، مشيرا إلى أن ناصر بن غيث وأحمد منصور المعتقلين في سجون الإمارات مثال حي على القمع، بحسب تعبيره.
وقال الصحفي إن ناصر بن غيث — وهو عالم اقتصاد وله مكانة اجتماعية — اعتقل تعسفيا، وأخفي قسريا عدة شهور إلى أن حكم عليه بالسجن عشر سنوات بموجب قانون مكافحة الارهاب، دون حضور محامٍ، وجرمه الوحيد تناول الشأن العام والسياسة الاقتصادية بالنقد. وأشار الصحفي إلى أنه كان دائم الاتصال بأحمد منصور قبل اعتقاله، وسأله ذات مرة لمَ تعرض نفسك للمخاطر، فرد عليه “إذا لم نكشف القمع فمن سيكشفه”.
وعلاوة على سياسة القمع الداخلي، لجأت أبوظبي إلى التعذيب خارج الحدود، وفي هذا السياق، كشف تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس اتباع سلطات الإمارات سياسة التعذيب خارج البلد أيضا، وتحدث عن إدارتها سجونا سرية باليمن تنتهك فيها حقوق المعتقلين.
حقوقيون ببريطانيا: انتهاكات الإمارات توجب الإحالة لـ”الجنائية الدولية”
ورداً على سؤال لـ”الخليج أونلاين”، بشأن الحلول المقترحة، قال إيدان إليس، عضو رابطة محامي الدفاع في المحكمة الجنائية الدولية: إن “التقارير التي تتحدث عن وجود انتهاكات حقوق الإنسان في سجون دولة الإمارات كثيرة خلال السنوات الماضية، ولا بد من إيجاد حل لإقناع السلطات بأي طريقة للتوقيع على ميثاق محكمة الجنايات الدولية”.
وأضاف: “يجب على مؤسسات حقوق الإنسان الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة العمل على تقديم قضايا الانتهاكات والتعذيب، كقضية علياء وغيرها، في المحاكم الدولية، ويجب أيضاً الاستمرار بالعمل على جمع الشكاوى من جميع المتضررين، ونشر هذه الشهادات والعمل على فضح هذه الممارسات والضغط من أجل وقف الانتهاكات”.
وتابع: “لا نغفل أن هناك حاجة إلى ضغط سياسي من قبل الحكومات على الإمارات. بعد مشاهدة قضية علياء والأدلة المتوفرة لدينا، أصبحنا أكثر إصراراً على مساعدة هؤلاء الضحايا، لذلك يجب تكثيف الجهود لإحداث ضغط حقيقي لوقف هذه الانتهاكات”. وأكد أن “المطلوب من المجتمع الدولي هو التحرك ورفع الغطاء عن الإمارات والتحرك لإنهاء هذا الوضع المأساوي للمعتقلين وصولاً إلى تقديم المتورطين بهذه الجرائم إلى العدالة”
الشرق
➖ ➖ ➖
#القدس_قضيتنا_الأولى