إعلام عربي..بين الارتهان واغتيال الوعي العام
غالباً ما تنتهي القضايا المعاصرة _ العربية على وجه الخصوص _ بالفشل والانهيار والانقراض والتكديس والإهمال والتمييع والتضييع إلى زمن غير معلوم بسبب ضعف وهشاشة الرؤية الإعلامية التي تُعمي بصر المواطن العربي وبصيرته وتصنع بين المواطن وقضاياه فاصلاً من غشاوةٍ لا يرى من خلالها غير وهمِّ وسراب الأحلام المفقودة.
حتى الكذب والتضليل الإعلامي المطبوخ في كواليس الإعلام العربي الموظف في خدمة مشاريع أعدائنا الحقيقيين ضعيفٌ وهزيلٌ جداً وسطحيٌّ إلى درجة الوقاحة بما ينم عن تردي مستوى الوعي الفكري والثقافي و يعبر عن موت الهويات والنزعات القومية لدى القائمين على مساحة شاسعة من الإعلام العربي الدولي، ومن ثمّ ستكون نتيجة أثر ذلك الإعلام فوضى تُحدث شروخاتٍ مزمنة في طبيعة الوعي العربي، وسيُنتج لدى مناصريه الغاطين على قضاياه السطحية عقولاً فارغةً تفتقر إلى اليسير والبسيط من معرفة حقوق أصحابها وقضايا شعوبهم، وهي بذلك (عقول المهتمين بالإعلام المتآمر على قضايا القومية العربية) لن تمتلك حتى القدرة على القراءة النوعية والتحليلية لأبعاد كل قضية تخص الشعوب، فها هي القضية الفلسطينية قد جعل منها الإعلام ملفاً مستهلكاً بصورة متعمدة وممنهجة، وأصبحت في نظر العامّة غير هامة بسبب روتينية تناولها إعلامياً وكذلك إهمالها وتوجيه العدسات على الأحداث المتفرقة في مناطق عربية، بل وصل الحال بتلك الآلات الإعلامية أن تستغل المباريات العالمية لتوجه اهتمامها إليها وجعلها مشروعاً إعلامياً يزيل الحرج عنها ولكي تبرر للشعوب عدم اهتمامها بالقضية الكبرى (فلسطين) التي هي المحور الرئيسي لقضايانا ومرتكزها الأساسي كون الأحداث في الوطن العربي ماهي إلا جزء من مخطط كيان المحتل الإسرائيلي.
كذلك هي حاله على مستوى ترسيخ المفاهيم والمصطلحات التي تناسب سياسة الأمريكي ومشروعه فإن الإعلام العربي يقوم بالمهمة في سرعةٍ خاطفة يحقق خلالها أهداف ومطامع أعداء الأمة العربية، حيث يقدم صورة المصطلح ويعرضها أمام الرأي العام قبل التعريف به أي المصطلح، فمثلاً (داعش) الاسم الجديد لتنظيم القاعدة، قبل الاسم عرض الإعلام الخليجي ومن ينتهجون نهجه صوراً لعمليات إجرامية مُحدّثة للفت أنظار الشعوب، وبعد عرض تلك الصورة مرات معدودة قامت وسائل الإعلام بإطلاق التسمية المُحَدّثة للجماعات تلك باسم (داعش) وبذلك وصل المصطلح لاحقاً للصورة المثيرة فكان انتشاره على أوسع نطاق، وهنا يكون الإعلام الشيطاني قد قام بمهمة الترويج لتنظيم داعش والتعريف بهذه الجماعة لتدخل في وعي الجماهير العربية بتسهيل إعلامي يخدم سياسات أخرى حاقدة على العرب.
في السنوات الأخيرة عرف السياسيون العاجيون في البلدان العربية كيف يستغلون الإعلام في سبيل خدمة مشاريع الغرب كجزء مما يسمى بتبادل المصالح الدولية المشتركة بين طرفين وبفائدةٍ واحدة لطرفٍ مستفيدٍ واحد هو أمريكا، ويتمثل ذلك الاستغلال للإعلام في تمرير المخططات الأمريكية والإسرائيلية بتقديمها إلى الشعوب بطريقة إعلامية ملونة بألوان تحقيق المصالح والمصالحات الدولية ، واستغلوا الإعلام كذلك في تحشيد الوعي والفكر العربيين نحو تقبُل مخططات الآخر فكرياً دون دراسة أو معرفة خلفيات وآثار هدف الإعلام من الدخول إلى الوعي الشعبي العام والعبث به؛ لذلك يجب على المواطن العربي ألَّا يترك المجال للإعلام المنبطح في أن يغتال ما تبقى من الوعي وجرّه إلى المساحة المظلمة وإيقاعه رهينةً في قبضة التبعية والخضوع لأدوات قوى التسلط العالمي.
بقلم /وليد الحسام
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز