روسيا والرهان الخاسر
رهانُ الاعتماد على توازُن القوى في العالم أَوْ اللجوء إلى روسيا في حل مشكلة اصطنعتها أمريكا رهان خاسر لا يُجدي، فقد انتهى عهد القطبَين بتفكك الاتّحاد السوفييتي في عام 1990 ميلادي بعد أن نجحت الدول الغربية بقيادة أمريكا من تطبيق خطة تفكيك الاتّحاد السوفيتي والقضاء على الشيوعية بما اشتهر وعُرف حينه بالحرب الباردة وأَصْبَح العالَمُ منذُ ذاك التأريخ إلى اليوم يعيش بتسلط وهيمنة أُحادية القطب بقيادة أمريكا وحلفائها، مما جعل القطب الآخر بعد ضعفه وتفكّكه بالدخول ضمن هذا الحلف باتفاقيات تضمن مصلحة الطرفين وتكون الضحية دول العالم الضعيفة والفقيرة.
قبل أن أخوضَ في تأكيد ما قلته سأستدل بقول لسيد المقاومة السيد حسن نصر الله عندما قال إن روسيا ليست من محور المقاومة فقط اتفقنا معها بخصوص الشأن السوري لكننا مختلفين معها في اليمن, نعم فروسيا لديها اتفاقيات وتحالف مع أمريكا والغرب يُراعي مصلحتهم، فروسيا لم تعد ذاك القطب القادر على التوازن وحتى لو أَصْبَحت روسيا اليوم قادرةً فقد تغيّرت الاستراتيجية فعندما تخلت روسيا عن العراق ثم ليبيا كما يقال فذَلك بالنسبة لروسيا ليس تخليًا وإنما مصالحها مع الغرب أكبر وأقوى وعندما يعقدون صفقة الهجوم على العراق أَوْ ليبيا، فقبولُ روسيا وصمتُها مقابل ضمان أمريكا مصالح روسيا في البلدين بل وإعطائها نصيبَها من الكعكة من خلال نسبتها من الشركات النفطية وسوقها من السلاح ولم تعد هناك أية دولة كبرى تهتم بمساعدة الآخرين فقط مصالحها، وما قد يؤثر عليها وروسيا متوافقة معهم في الحرب على العراق وليبيا واليمن وسوريا باتفاقات وصفقات كبرى وما حصل في سوريا استثنائي، فقد شعرت روسيا أن مصلحةَ أكبر لها ومؤامرة خفية تحاك ضدها من حرب سوريا وشعورها بهذا الخطر جعلها تتدخَّلُ في سوريا وبشكل مباشر لحماية مصالحها فقط وليس من أجل السوريين أَوْ عداوة للغرب.
ولهذا فمن المستغرب أن نرى من بعض الأَحْزَاب اليمنية المناهضة للعدوان ارتياحها بل واعتقادها بالحل أَوْ التدخل الروسي كما حصل في سوريا وتناسوا أن روسيا هي من صوّتت معهم في قرار مجلس الأمن والعقوبات الصادرة ضد اليمن وضد شخصيات فيه، بل وتناسوا أَيْضًا تعامُلَها وإرسال الأموال المطبوعة المقدرة بأربع مئة مليار ريال إلى عدن، مما أَدَّى إلى كارثة اقتصادية تعرفونها وتوقف مرتبات الموظفين لهذا السبب، بما معنى أن روسيا ليست فقط متفرجةً وفي موقف الحياد من اليمن، بل لها دور سلبي مع دول العدوان فمن أية زاوية ترى هذه الشخصيات والأَحْزَاب الرهان بروسيا؟ أليست كُلّ المعطيات توضح أنها الرهان الخاسر؟ أوليس الأجدر بنا أن نعتمد على أنفسنا كما كُلّ شعوب العالم التي تحررت من الهيمنة الأمريكية بدون مساعدة من أحد؟
فالدور الروسي السلبي في اليمن بات واضحًا للعيان، فروسيا كان باستطاعتها رفض قرار 2216 الخاص باليمن أَوْ حاليًا تستطيعُ أن تتبنى قرار في مجلس الأمن ملزم بوقف العدوان، وكما هو واضحٌ أن روسيا تستخدم حق النقض الفيتو في مجلس الأمن إذا كان القرار ضد كوريا الشمالية أَوْ سوريا أَوْ يشكل أية خطورة في مصلحتها.
وفي حالة المساعدة والتدخل لأجلنا سنكون بعد النصر مديونين لمن ساعدنا ولن نشعر بلذة الانتصار وتحررنا مرهون ومتعلق بعرفان وجميل لمن ساعدنا, ومن الأَخْلَاق أن لا نتنكر له بل يجب علينا سداده, وهذا ما يميز اليمن وسيميز نصرَنا القريب جدًّا بإذن الله انتصار خالص مرفوع يعانق السماء وغير مديون أَوْ مرهون لأحد فلا روسيا أَوْ غيرها سيمنون علينا بمساعدتهم فقد تخلى الجميع عنا بل كانوا ضدنا إلا من وقف معنا بالكلمة لن ننساه لهم ولن نتنكر لجميلهم وهم قليل القلة ومنهم.
أختم مقالي بشكر خاص للسيد حسن نصر الله لوقوفه المشرف معنا وقوله كلمة الحق في زمن صمت الجميع وتخاذل العالم وسقطت منظمات ما يسمى بحقوق الإنْسَان وكذا الأمم المتحدة بفروعها الإنْسَانية والحقوقية.
✍احمد خالد شملان